مرحباً ..
سأقوم بالرد على تعليقات الزملاء التي تخصّني بشكل متدرّج .. كلّما سنح الوقت بذلك ..
بالإضافة .. إلى إنّي أفكّر بوضع ما كتبته وسأكتبه هنا عن فرويد .. في موضوع مستقل فيما بعد في ساحة علم النفس .. كي يتسنّى لي ولغيري العودة لها بسهولة ..
سألني طارق السؤال التالي والذي سأبدأ به :

Arrayوهناك جزئية لفرويد حول العادة السرية، إذ يصف المرأة التي لا تستمتع بالإيلاج وتفضل عليه المداعبة الفرجية، بالطفولية، ما معلوماتك حوله، وتفسيرات رأيه هذا.[/quote]

في الحقيقة .. أنت ضربت هنا على "العصب الحسّاس" .. لأنّ فرويد حينما قال بفرضيّة "المداعبة البظريّة طفوليّة" كان يظهر تردّده دوماً في القطع بذلك .. ويقول بأنّ هذه النقطة تحتاج لدراسة أكثر .. وقد سمعت أن فرويد تراجع عن فرضيّته هذه في آخر حياته (فرويد معروف جداً بأنّه يعدّل ويغيّر كثيراً في نظريّاته وتصنيفاته .. على سبيل المثال في منشأ القلق .. وفي تصنيف الغرائز .. وما إلى هنالك .. بل إنّه كان يفخر بتحويره المستمر لنظريّاته ويعتبر ذلك دليل تقدّم معارفه العلميّة) .. بالإضافة إلى أنّ هذه النقطة تعرّضت لكثير من الانتقادات من تلاميذه وأتباع مدرسته بعد ذلك .. بالإضافة أيضاً إلى أنّ المرأة "مظلومة" في أدبيّات فرويد .. فهي لم تنل نصيبها من الدراسة .. لكن هذا الخلل تمّ تداركه على يد تلامذته فيما بعد .. ففرويد مات وهو في أوج عطائه .. هناك العديد من الأمور الغامضة في كتابات فرويد (أكثرها غريزة الموت) .. لكنّ المنية باغتته وهو يهمّ في محاولة توضيح الغموض .. إلا أنّ حياة شخص واحد لا تكفي بكل تأكيد لسبر علم كامل .. هو من أوجده ..

لا أدري إلى أيّ حدّ تصل معارف الأعضاء في التحليل النفسي .. لذلك دعني أوضّح بعض البديهيّات بشكل سريع قبل أن أهمّ بالإجابة .. فهذه المبادئ الأساسيّة يجب أن تكون معلومة قبل مناقشة أو شرح أي فكرة تخص علم النفس التحليلي ..

في بناء الشخصيّة .. هناك مراحل يمرّ بها الطفل قبل مرحلة البلوغ .. هي التالية :
المرحلة الفميّة : وهي التي تلي الولادة مباشرة .. الطفل في هذه الفتره يحصل على إشباعه الشبقي عن طريق الفم عند التغذّي .. انقطاع الغذاء عن الطفل وعدم حصوله على الإشباع الشبقي بوساطه فمه .. يؤدّي إلى اختلالات نفسيّة كبيرة فيما بعد ..

المرحلة الشرجيّة العدوانيّة : تصبح المنطقة الشرجيّة هي منطقه الإشباع الشبقي .. وذلك من خلال التغوّض .. وهي تسمّى بالعدوانيّة .. لأن الميول العدوانيّة للطقل تبدأ بالظهور هنا .. وطبعاً فإن الطفل في هاتين المرحلتين لا يميّز ذاته عن المحيط ..

المرحلة القضيبيّة: هي في عمر السنتين أو الثلاثة .. وفي هذه المرحلة تنتقل نقاط الإشباع الشبقي نحو الأعضاء التناسليّة .. في الذكر نحو القضيب .. وفي الأنثى نحو البظر ..
الهام في هذه المرحلة هو نشوء عقدة أوديب .. الطفل يوجّه "لأوّل مرّة" طاقته الليبيديّة نحو موضوع خارجي .. هو أمّه أو أبيه .. (وفي الحقيقة فهي تتوجّه نحو الإثنين بآن معاً .. فالموقف الأوديبيّ الشامل يتضمّن أن الطفل يحبّ أمه ويكره أباه المنافس وهذه هي عقدة أوديب الإيجابيّة .. وبذات الوقت فهو يحبّ أباه ويكره أمّه وهذه عقدة أوديب السالبه .. وبالنسبة للفتاة الأمر مماثل .. لكن أحد العقدتين تكون هي الأقوى لذلك نهمل الأخرى عادة) ..
وتنتهي هذه المرحلة بعقدة الخصاء عند الذكر .. وذلك تحت وطأة التهديدات (المباشرة أو التي يتوهّمها هو) بخصائه من قبل الأب إن استمرّ بمداعبة قضيبة .. نلاحظ أنّ الأهل في هذه المرحلة كثيراً ما يقولون للطفل (حاج تلعب بحمامتك بيجي العو بياكلا .. أو .. قيم إيدك من هون .. أو قيما أحسن ما اقطعلك ياها .. أو .. أو ...) ..
أمّا بالنسبة للفتاه .. فتنتهي هذه المرحلة بعقدة "اشتهاء القضيب" .. وهي تعني أنّ الفتاة تتمنّى أن تحصل على قضيب يشبه قضيب أبيها أو أخيها .. وهي تتوهّم أنّ بظرها هو قضيب بديل (بسبب شبهه بقضيب الأطفال الصغير) .. وتظن أنّ هذا البظر مع العمر سينمو ليعطي قضيباً ..
أعرف أنّ القائمة ستقوم هنا على هذه العقدة .. فهي مهينة للمرأة .. تصفها بالدونية .. وما إلى هنالك .. لكن هذا غير صحيح البتّة .. وهذا ينتج عن سوء فهم فرويد لا ذنب له بها .. هناك خصائص معيّنة "يطول شرحها" .. تجعل من الفتاة تشتهي امتلاك هذا القضيب .. العديد منها اجتماعيّة .. والعديد منها له علاقة بتكوين الأعضاء التناسليّة .. والعديد منها رواسب تاريخيّة ..
القضيب رمز "الانتصاب والشموخ" .. والانتصاب رمز القوّة .. بينما الفرج مسطّح .. بل ومقعّر .. القضيب يتحكّم بمسير "البول" .. المرأة تتبع البول .. وهو من يتحكّم بها حينما تتبوّل .. إلخ .. إلخ .. (هذه بعض الأمور التي أقتبسها من دراسات مطوّله جداً لأتباع مدرسة فرويد .. وأخصّ هنا بيير داكو) ..
مع إنّي لا أريد أن أطيل هنا .. لكن يجب أن نفهم أنّ هذه العقدة النسائيّة هامّة جداً .. ولها علاقة بمعظم الأمراض العصابيّة .. كما لها نتائجها على الشخصيّة الأنثويّة بشكل عام .. وطبعاً .. يجب ألا نفهم من هذا الكلام أنّ النساء يجلسن في لحظات خلوتهنّ .. يتمنّين أن يحصلن على القضيب .. هنا نحن نقع بخطأ فادح في الفهم ينتج عن عدم استيعاب علم النفس التحليلي .. الموضوع ليس ذلك البتّة .. هذه العقد تترك تأثيرها في البنية النفسيّة .. لكنّها لا تسيطر على الأنا .. وأضيف أيضاً .. أنّ هذه العقدة هي سبب "عاطفيّة المرأة" .. بمقابل "منطقيّة الرجل" .. إن هذه المرحلة من نمو الطفل .. هي من تسم الرجل والمرأة بصفاتهما المختلفه الجنسيّة .. وأي إنسان حسب فرويد هو ثنائي الجنس .. لكن هناك جانب يطغى على آخر هنا .. وهذا أمر يطول .. أودّ لو أتكلّم عنه لأنّه ممتع فعلاً .. وجذّاب فعلاً .. وسيغيّر الكثير من الآراء والأحكام المسبقة على فرويد والناتجه عن سوء فهم لا أكثر .. لكنني سأترك ذلك لمناسبة أخرى ..

أخيراً .. تبدأ المرحلة "الكمونيّة" في سن الخامسة أو السادسة .. يتوقّف التطوّر الجنسي في هذه المرحلة حتى مرحلة البلوغ .. وبشكل مجازي (للفهم) .. يمكن القول أنّ الطاقة الشبقيّة تختفي .. الأهميّة الفلسفيّة لهذه المرحلة تكمن في أنّها تميّز الإنسان عن باقي الحيوانات .. حيث لم يوجد في علم نفس الحيوان أي مرحلة مشابهة يتوقّف فيها الشبق الجنسي بهذه الطريقة .. والأهميّة الفرديّة لهذه المرحلة تكمن في أنّ "الأنا الأعلى" .. أو الضمير .. ينشأ فيها ..

ومن ثمّ مرحلة البلوغ .. حيث تعود الطاقة الشبقيّة للحياة .. وتأخذ مواضيع خارجيّة لها ..

توسّعت في الكلام أكثر مما كنت آمل .. ومع ذلك .. فأنا لم أقل كلّ ما يجب أن يقال هنا وهو ما لا يسعه كتب ومجلّدات إن شملنا كلّ ما كتب عن هذه المراحل التي تشكّل العصب الأساسي لكافة الاختلالات النفسيّة وكذلك للتكوين النفسي السليم .. لكنني وددت أن أستغلّ اهتمام الأعضاء وطارق خصوصاً بهذا الموضوع لكي أعطي فكرة عن فرويد .. رغم إني كتبت كثيراً عن التحليل النفسي في هذا المنتدى في مواضيع الأصدقاء في ساحتي العلوم والفلسفة .. لكنني لاحظت أنّ الاهتمام قليل جداً سوى من قلّه .. مع أنّ التحليل النفسي بمدارسة المختلفة (بالأخص الفرويديّة واليونغيّة .. ومن ثمّ تلامذة كل من المدرستين) يساهم كثيراً في فهم الإنسان لذاته .. وفي فهمة لتصرّفات الآخر .. ولفهمه لحركة التاريخ .. بل إنّه أكثر ما يغيّر نظرة الإنسان للحياة .. ويمتّن بناءه الداخلي ونظرته للأمور والعالم الخارجي وللأشخاص.. لكن قد يكون ذو أثر مدمّر من جهة أخرى .. لاحظت لدى بعض الزملاء المختصّين في هذا المجال من الأصدقاء .. أنّهم يعانون أحياناً في عالمهم الداخلي بسبب تحليلهم لكل حدث يدور حولهم .. أحياناً لا يكون من المحبب أنّ تفهم أباك أو أخاك .. أو صديقك .. وأن تتصيّد لهم الهفوات ..

نعود الآن .. بعد أن أمسى لنا اطلاع على الأساسيّات التي تخصّ سؤال طارق .. لنجيب بشكل مباشر ..
رأينا أنّه في المرحلة القضيبيّة يكون "البظر" هو منطقة الإشباع الشبقي في جسد المرأة .. وأنّ الفتاة تعلّق الأمل على هذه المنطقة لكي تزهر وتعطي قضيباً :10: .. فرويد وضع حينها فرضيّة تقول : يحصل إنزياح للمنطقة الشبقيّة عند البلوغ من البظر .. حتّى مدخل المهبل .. لتصبح هي المنطقة الشبقيّة .. وقد نوّهت أنّ فرويد قال ذلك بكثير من التردّد .. لذا اعتبر (متردّداً) أنّ استمرار المتعة البظريّة دون المهبليّة لما بعد البلوغ .. يعني نوعاً ما نكوصاً إلى المرحلة القضيبيّة "الطفليّة"..




في النهاية .. أعتذر لأني لم أقتبس كلاماً حرفياً من فرويد .. وضعت منذ قليل كل كتب فرويد أمامي أحاول استذكار أين يشير فرويد إلى المداعبة البظريّة .. لكنني لم أذكر .. فرميتها جانباً ..

أتمنّى أن يكون الموضوع ممتعاً ومفيداً .. ووردة لطارق والأعضاء :redrose:

لي عودة ..

خوليو