أصلاً المتابع للعلاقات المصرية السعودية حالياً سيجد أنها ليست كما كانت قديماً، بداية من عدم دعوة مبارك للقمة المصغرة حول دارفور رغم أن الجميع يعلم أن لمصر دورها الكبير و القيم في هذه القضية و رغم ذلك لم يتم دعوة مبارك للقمّة و إتفاق مكّة الذي جاء أصلاً نتيجة لتدخلات الوفد الأمني المصري للمقاربة و المصالحة بين الفصائل و رغم ذلك لم يتم دعوة مصر للقاء مكة و هذا تجاهل كبير لمصر، هذا فقط للتوضيح عن أن الجانب السعودي أصبح لا يراعي ما كان يسميه "بالشقيقة الكبرى" و أصبح يبحث عن خلق دور زائف له في المنطقة، و من ثم تنشر الجرائد السعودية خبراً كاذباً و بعد ذلك تتناقله كل الجرائد المصرية كالبغبغان .

أولاً هذا المشروع لن يعطينا فائدة إقتصادية كبيرة، حيث أنه سيكون جسراً موازياً لقناة السويس، و كما تعرف يا عزيزي طنطاوي بأن تكاليف النقل البري أرخص بكثير من النقل البحري، و يعني ذلك أن تتأثر قناة السويس التي هي مصدر كبير للدخل، فكيف نكون نحن المستفيدين؟.

ثانياً شرم الشيخ عموماً هي مصيف للأوروبيين بشكل خاص، قليل عندما تجد العرب هناك و شيء كهذا سيحول شرم الشيخ إلى "منامة" جديدة و لتسألو أهل السعودية عن ماذا يحدث هناك في المنامة بعدما أصبح هناك تواصل بين البلدين، كل ما هو حرام بالمملكة يصبح متاحاً في البحرين، فهل نريد تحويل شرم الشيخ إلى مدينة للدعارة السياحية؟.

ثالثاً لن توافق إسرائيل على مشروع كهذا و هذا من حقها، منذ فترة كان هناك مشروع بين الأردن و إسرائيل و قد رفضته مصر رفضاً تاماً و أحترم الأردن و إسرائيل هذا الرفض و أوقفوا التخطيط للمشروع. لماذا؟ لأن مشروع كهذا يعتبر مشروع إقليمي لا يخص السعودية أو مصر وحدهم، تماماً كما كان المشروع الأردني الإسرائيلي لا يخصهما وحدهما بل هي مشاريع إقليمية يجب أن تدرس بعناية تامة.

رابعاً كيف تقول يا عزيزي أن الخطر الأمني مجرد مرحلة و ستمر؟ حالياً لا وجود لتنظيم القاعدة في مصر و نحمد الله على ذلك!، رغم وجود جماعات إرهابية أخرى تنشط كل عام و لكن هي ليست بنفس قوّة القاعدة، و تخيل أن يتم بناء طريق بري بين السعودية التي هي نواة تنظيم القاعدة و بين شرم الشيخ المليئة بالأوروبيين الكافرين؟ الخطر الأمني ليس مجرد مرحلة و ستمر و إلا لكان أنتهى تنظيم القاعدة منذ أمد بعيد، الجماعات الإسلامية بالذات يصعب جداً التنبؤ بميعاد إنتهائها فهي ليست جماعات إرهابية لا يوجد من يناصرها، بل هي جماعات يساندها ملايين المسلمين .

خامساً سيموت ميناء إيلات الإسرائيلي إقتصادياً لنفس السبب الذي قلته أولاً " أن تكاليف النقل البري أقل" و حينها لن تصمت إسرائيل طبعاً و ستظهر بمظهر المظلومة أمام المجتمع الدولي .

سادساً أنظر إلى عدد الحجاج و المعتمرين سنوياً ؟ العبارات العملاقة لا تكفيهم فكيف بجسر كهذا في شرم الشيخ..؟ هذا يعني إنتهاء السياحة هناك و أن تتحول شرم الشيخ إلى مركزاً لنقل الحجاج!

سابعاً فوائد السعودية الإقتصادية أكبر من مصر أي أنهم أستفادوا أكثر منّا، فتخيل معي أن تقوم السعودية بإنشاء أنبوب بترول على طول الجسر و من ثم إلى خط سوميد و الذي لا يعتبر حكراً على مصر وحدها بل هو خط تصدير عربي، و بذلك تستطيع السعودية تصدير النفط إلى جنوب أوروبا و تقتصد ملايين الدولارات...


لهذه الأسباب لا أعتقد أن مبارك أخطأ في قراره هذه المرة حتى و إن كانت له حسابات أخرى:no2: .