{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
كيف تحولت إيران من السنة إلى الشيعة؟
طيف غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 1,617
الانضمام: Jan 2002
مشاركة: #2
كيف تحولت إيران من السنة إلى الشيعة؟
[align=center]

إيران من السنة إلى الشيعة:2"- لمحة عن أبرز اتجاهات النشاط الفكري والفلسفي في إيران :

إذا غضضنا الطرف عن السرخسي الذي كان تلميذاً للكندي ولم يصلنا منه شيء والفارابي الموسيقار الذي كان تركياً والطبيب الرازي(1) الذي نظر -استجابة لمواريثه الفكرية- إلى النور باعتباره المخلوق الأول واعتقد بخلود المادة والمكان والزمان، فإننا نأتى باسم شهير بارز وهو أبو علي محمد بن محمد بن يعقوب الشيعي والمعروف عند المؤرخين بابن مسكويه(2) ، خازن السلطان البويهي عضد الدولة الشيعي وهو أحد أبرز علماء الكلام والطب والأخلاق والتاريخ في فارس، وهو يتابع في مسألة، وجود المبدأ الأول -أرسطو ويستند إلى نفس الدليل المنسوب(3) اليه وهو دليل الحركة في الطبيعة، ولا حاجة الى سرد ذلك الدليل وفلسفة ابن مسكويه هنا، لأنه قد ألف عشرات المؤلفات إن لم نقل المئات في زماننا وباللغات المختلفة عن فلسفتها.

ابن سينا

يأتي بعد ذلك ابن سينا الذي سنقف عنده قليلا، على قدر ما يتعلق ببحثنا، لأن فكره ما زال مسيطراً على بلاد فارس وفي الحوزات الإيرانية الشيعية في إيران، وقال آية الله الخميني عنه: وأما ابن سينا فلم يكن له كفوا أحد كما سمعت منه في التلفاز الإيراني. وحاول ابن سينا دون غيره من الفلاسفة الإيرانيين المتقدمين أن يبني مذهباً فلسفياً متكاملاً(4) وهو بذلك يلبس مذاهب الباطنية لباس الإسلام وصنف كتبا زاد فيها بمقتضى الأصول المشتركة، أشياء لم يذكرها المتقدمون وسمى ذلك العلم الإلهي(5) .

وكان مولد ابن سينا سنة 370هـ= 980م أو بعد ذلك بخمسة أعوام -ولكن خمسة أعوام على مدى ألف عام لاتكاد تبدل شيئا من حياة الفرد في أمته -أقصد في صورة الحضارة من حياة الأمة، واذا كانت الخلافة العباسية قد فقدت، قبيل مولد ابن سينا زهوها وقوتها على يد أبناء مذهبه البويهيين، فان السامانيين ثم الغزنويين لم يكونوا اعداء للخلافة، ولكن تلك الخلافة انقرضت -وكان أهم سبب لانقراضها، هو العقائد اليونانية التي أدخلتها- في السنة التي توفي فيها ابن سينا(1). أما الحركة التي أقلقت العالم الإسلامي، في ذلك الحين، وعمت بشرّها المغرب والمشرق أيضا، فكانت الدعوة الفاطمية الباطنية التي وصلت الى بيت ابن سينا نفسه(2) ، حيث في ذلك الحين أم أحد دعاة الفاطميين المصريين بخارى، وكان والد ابن سينا وأخوه من الإسماعيلية، فكان ابن سينا يسترق السمع الى احاديثهم في الفلسفة والعقل والنفس وحساب الهند، ويبدو من قول ابن سينا -بادىء ذي بدء- أن هذه الحركة الباطنية لم تلق هوى من نفسه ولا استجابة

من عقله(3) . ثم بدأ ابن سينا تعلم العلوم العقلية على أبي عبدالله الناتلي المتفلسف (وكان صديقا لوالد ابن سينا من الإسماعيلية)، فدرس أيساغوجي(4) والمنطق و... سرعان ما فاق التلميذ أستاذه(5) . ويقول عنه ابن كثير: الطبيب الفيلسوف ابن سينا، عالج بعض الملوك السامانية، وهو الأمير نوح بن نصر فجازاه وحكمه في خزانة كتبه، فرأى فيها من العجائب والمحاسن ما لا يوجد في غيرها ، فيقال إنه عزا بعضها إلى نفسه، وقد حصر الغزالي كلامه في مقاصد الفلاسفة ثم رد عليه في تهافت الفلاسفة في عشرين مجلساً عند الموت وكفره في ثلاث منها، وهي قوله بقدم العالم وعدم المعاد الجثماني وأن الله لا يعلم الجزئيات وبدعه في البواقي ويقال إنه تاب عند الموت والله اعلم(1) . وابن تيمية يقول: إنه زنديق والامام ابن الصلاح يقول إنه لم يكن من علماء المسلمين بل كان شيطانا من شياطين الإنس(2)

"- مجمل فلسفة ابن سينا (النفس-العالم-العلم الإلهي-خلق الله) وموقف علماء المسلمين (ابن تيمية- الغزالي) منه :

لم يقيد ابن سينا نفسه بمذهب فلسفي واحد، بل كان متخيراً،أخذ من الأقدمين، من افلاطون وأرسطو خاصة، الذي كان مشركا يعبد هو وقومه الكواكب والأصنام(3) ، ثم وقف متسائلا أمام المذهب الاسكندراني(4) وأخذ أكثر ما قاله الفارابي(5) .

يقول ابن تيمية: "لكنه أصلح تلك الفلسفة الفاسدة -فلسفة سلفه أرسطو- بعض اصلاح حتى راجت على من يعرف دين الاسلام من الطلبة والنظار وصار يظهر لهم بعض ما فيها من التناقض، فيتكلم كل منهم بحسب ما عنده، ولكن سلموا لهم أصولاً فاسدة في المنطق والطبيعيات والإلهيات ولم يعرفوا ما دخل فيها من الباطل فصار ذلك سبباً إلى ضلالهم في مطالب عالية ايمانية ومقاصد سامية قرآنية خرجوا بها عن حقيقة العلم والإيمان وصاروا بها في كثير من ذلك لا يسمعون ولا يعقلون، بل يسفسطون في العقليات ويقرمطون في السمعيات(1) .

ويقول في مكان آخر: إن ابن سينا أحدث فلسفة ركبها من كلام سلفه اليونان مما أخذه من أهل الكلام المبتدعين الجهمية(2) ونحوهم وسلك طريق الملاحدة الإسماعيلية في كثير من أمورهم العلمية والعملية ومزجه بشيء من كلام الصوفية، وحقيقته في زمنه ودينهم دين "رسائل إخوان الصفا"(3) وأمثالهم من أئمة منافقي الأمم الذين ليسوا مسلمين ولا يهود ولا نصارى(4). وتكلم ابن سينا في النبوات والكرامات ومقامات العارفين، بكلام فيه شرف ورفعة بالنسبة إلى كلام المتقدمين من الفلاسفة، وإن كان عند العلوم الإلهية النبوية، فيه من القصور والتقصير والنفاق والجهل والضلال والكفر، ما لا يخفي على من له أدنى بصيرة بالعلم والإيمان، ومن سلك طريق المتفلسفة فقد أعجب به لأنه قرب إليهم معرفة الله والنبوات والمعجزات والولاية بحسب اصول الصابئة والفلاسفة -لا بحسب الحق نفسه- بما اضفناه على جهالاتهم من نور الرسالة برهان النبوة(1) كما فعله نسطور النصراني الذي كان في زمن المأمون(2) وإليه تنسب النسطورية(3) في التثليث والاتحاد، لكنه بما اضاء عليه من نور المسلمين أزال كثيرا من فساد عقيدة النصرانية، وبقي عليها منها بقايا عظيمة وكذلك يحيـى بن عدي(4) النصراني لما تفلسف، قرب مذهب النصارى في التثليث إلى اصول الفلاسفة في العقل والمعقول، هؤلاء الفلاسفة المحضة، الباقون على محض المشائين -يرون ان ابن سينا صانع المليين، لما رأوا من تقريبه، وجهلوا فيما قالوا، وكذبوا، لم يصانع -ولكن قال بموجب الحق وبموافقة اصولهم العقلية- ما قاله من الحق الذي أقر به(5). وكما قلنا إن ابن سينا نفسه وأهل بيته كانوا من أتباع أئمة الباطنية، كبني عبيد بن ميمون القداح الذين ادعوا انهم من ولد محمد بن اسماعيل بن جعفر، ولم يكونوا من اولاده، بل كان جدهم يهوديا ربيبا لمجوسي وأظهروا التشيع ولم يكونوا في الحقيقة على دين واحد من الشيعة، لا الإمامية، ولا الزيدية، ولا الغالية، بل كانوا أكثر غلوا من الجميع، ولهذا أدخل ابن سينا الفلسفة(1) . وتكلم ابن سينا في أشياء من الإلهيات والنبوات والمعاد والشرائع لم يتكلم فيها سلفه، ولا وصلت اليها عقولهم ولا بلغتها علومهم، فانه استفادها من المسلمين، وإن كان إنما أخذ عن الملاحدة المنتسبين الى الاسماعيليين وكان هو وأهل بيته وأتباعهم معروفين عند المسلمين بالإلحاد، وأحسن ما يظهرون دين الرفض وهم في الباطن يبطنون الكفر المحض، والمقصود هنا أن ابن سينا اشتغل بالفلسفة بسبب أهله، كان يسمعهم يذكرون النفس والعقل(2) ... وهؤلاء المسلمون الذين ينسب إليهم هم مع الإلحاد الظاهر والكفر الباطن، اعلم بالله من سلفه الفلاسفة، كأرسطو وأتباعه، فإن اولئك ليس عندهم من العلم بالله الا ما عند مشركي العرب ما هو خير منه(3) . يقول ابن تيمية، وقد ذكرت كلام أرسطو نفسه الذي ذكره في "علم ما بعد الطبيعة"(4) في مقالة اللام وفي غيرها، وهو آخر منتهى فلسفته وبيت بعض ما فيه من الجهل، فانه ليس في الطوائف المعروفين الذين يتكلمون في العلم الالهي مع الخطأ والضلال مثل علماء اليهود والنصارى وأهل البدع من المسلمين وغيرهم، أجل من هؤلاء، ولا أبعد عن العلم بالله تعالى منهم. نعم! لهم في الطبيعيات كلام غالبه جيد وهو كلام كثير واسع ولهم عقول عرفوا بها ذلك وهم يقصدون الحق، لا يظهر عليهم العناد، لكنهم جهال بالعلم الالهي إلى الغاية، ليس عندهم منه إلا قليل كثير الخطأ، وابن سينا(1) لما عرف شيئا من دين المسلمين، وكان قد تلقى ما تلقاه عن الملاحدة، وعمن هو خير منهم من المعتزلة والرافضة، أراد أن يجمع بين ما عرفه بعقله من هؤلاء وبين ما أخذه من سلفه وما أحدثه مثل كلامه في النبوات واسرار اآيات والمنافات، بل وكلامه في بعض الطبيعيات، وكلامه في واجب الوجود، ونحو ذلك، والا فأرسطو وأتباعه ليس في كلامهم، ذكر واجب(2) الوجود ولا شيء من الأحكام التي لواجب الوجود، إنما يذكرون "العلة الأولى"(3) ويثبتونه من حيث هو علة غائية(4) للحركة الفلكية يتحرك الفلك للتشبه به فابن سينا، أصلح تلك الفلسفة الفاسدة بعض إصلاح حتى راجت على من يعرف دين الإسلام من الطلبة النظار، وصار يظهر لهم بعض ما فيها من التناقض، فيتكلم كل منهم بحسب ما عنده، ولكن سلموا لهم أصولا فاسدة في المنطق والطبيعيات والإلهيات، خرجوا بها عن حقيقة العلم والإيمان وصاروا بها في كثير من ذلك لا يسمعون ولا يعقلون، بل يسفسطون في العقليات ويقرمطون في السمعيات(5)

ايران من السنة الى الشيعة (نتائج انتشار الإسلام في إيران)

ما يعنينا هنا أن نتتبع أهم النتائج التي ترتبت على نجاح الدعوة الإسلامية وغلبتها على الإيرانيين وتمكنها من نفوسهم منذ نجاح الثورة العباسية سنة 132 هـ/ 749م حتى دخول السلاجقة بغداد سنة 447 هـ/ 1055م وأن نؤكد حقيقة مهمة، هي أن إيران لم تفقد مقوماتها في ظل الإسلام، وقد استمدت هذه المقومات عناصر بقائها من عناصر حضارية وطبيعية وجغرافية(1) ، هذه النتائج سارت في خطين متوازيين، الخط الحضاري والخط السياسي وقد قطعت أشواط الخط السياسي والحضاري بصور متقاربة متشابهة تقريباً .

ففي الميدان السياسي أفسح العباسيون للإيرانيين مجال الظهور السياسي ما شاءت لهم قدراتهم بشرط ألا يكون عدوانا على سلطات الخلافة أو فعاليتها، وأن يتم نوع من التوازن بين القوى الإيرانية الصاعدة نحو النفوذ وبين الخلافة المتمسكة بالنمط المركزي أو الفدرالي القادرة على القوة والحركة، وقد استمر هذا الظهور إلى نهاية العصر العباسي الأول، ثم ما لبثت أن انهارت المقومات التي كانت مصدر قوة الخلافة وهيبتها، وضعفت الخلافة العباسية، وظهرت في أنحاء العالم الإسلامي المختلفة الحركات الإستقلالية(2) ، كما ظهرت الإمارات المستقلة مع الحفاظ على سلطان الخلافة الروحي، وقد عبرت إيران عن نفسها تعبيراً استقلالياً في نطاق الولاء للخلافة العباسية وظهرت في كل إقليم من أقاليمها إمارات مستقلة سواء في خراسان وفارس وطبرستان وبلاد الديلم(3) ، ظلت هذه الإمارات تسيطر على الحياة السياسية في إيران حتى ظهر البويهيون، ودخلوا بغداد، ثم نشروا نفوذهم في إيران كلها تقريباً، وتحكموا في الخلافة العباسية وباسمها ساسوا مشرق العالم الإسلامي كله .

وظل البويهيون يمسكون بمقدرات الخلافة، حتى دخل السلاجقة -الترك- بغداد سنة 447 هـ/ 1055م ولا حاجة بنا -هنا- أن نسوق هذه الأحداث السياسية بكل تفاصيلها المعروفة، إنما نريد أن نتبين من خلالها الشخصية الإيرانية وهي تجتاز هذه المرحلة في طريقها إلى السيادة والنفوذ .

1- النتائج السياسية :

1- تقدم العنصر الإيراني تحت علم الخلافة بعد نجاح الثورة العباسية واستمر هذا التقدم طوال العصر العباسي الأول .

2- ثم ظهرت إماراتهم الإسلامية المستقلة في كل إقليم من أقاليم إيران لما ضعفت الخلافة واضمحل نفوذها وتسمى هذه المرحلة بمرحلة التعبير التمهيدي عن الإستقلال .

3- ثم استطاع الديلم من بني بويه أن يسيطروا على إيران كلها تقريباً وأن يسيطروا بعد ذلك على الخلافة العباسية في بغداد، متخذين لقب شاهنشاه ولقب سلطان واستطاعوا أن يمثلوا الأوج الذي بلغته العناصر الإيرانية في زحفها نحو التقدم والظهور وتسمى هذه المرحلة بالتعبير الشامل عن الإستقلال(1) ، وسوف نتحدث عنهم في فصل "إيران في عهد الإستقلال الشامل" .

1- التقدم السياسي للعناصر الإيرانية تحت علم الخلافة والثقافة العربية :

تقدمت العناصر الإيرانية في ميدان السياسة والقيادة تقدماً حثيثاً، فهي التي أيدت الدعوة العباسية في مراحلها الأولى وهي التي كانت وقود الدولة، كانوا جندها المخلصين المعبرين عن إرادتها والمنفذين لسياستها، وكان الخراسانيون من جيل أبي مسلم الخراساني، هم الذين حملوا عبء الكفاح وكانوا جند الدولة المخلصين في زحفها نحو العراق وإطاحتها بالدولة الأموية، وتثبيت دعائم الحكم العباسي وليس أدل على ذلك من تلك الرسالة المهمة التي كتبها ابن المقفع وسماها برسالة الصحابة(أ) والتي تعتبر من أهم الوثائق التي تكشف عن سياسة العباسيين وحقيقة أهدافهم .

ولهذه الرسالة قيمة كبيرة في نقد نظام الحكم ورسم وجوه إصلاحه، فقد رفعت إلى أمير المؤمنين ويظن أنه المنصور لأنه يذكر دولة بني العباس وقد استقرت، ويذكر السفاح ويترحم عليه(1) ، وقد أدرك ابن المقفع المكانة المهمة التي احتلها جند خراسان في السياسة العباسية، ومدحهم بأنه لم ير مثلهم في الإسلام، وأنهم يمتازون على غيرهم من الجند بالطاعة والعفاف والكف عن الفساد والتزلف للولاة والتفاني في خدمة الخليفة(2).وكان الخراسانيون يمثلون القوة الضاربة في عهد المنصور في القضاء على أعدائه(3) وإطفاء الثورات التي قامت في الحجاز وتثبيت سلطانه في مصر والمغرب وعمدته في جهاده مع الروم، ولم تتخل الدولة العباسية عن العناصر الإيرانية إلا عند مجيئ المعتصم، فقد عاودوا الظهور في الصراع بين الأمين والمأمون وكانوا جند المأمون في القضاء على الأمين والتمكين لنفسه من السلطان ثم استعان المعتصم بالترك الغربيين من ما وراء النهر، وكانوا أقرب إلى العناصر الإيرانية من الأتراك الشرقيين، ونظراً لأهميتهم فقد ضوعف عطاؤهم ونالوا من الرعاية حقهم وتولى القيادة فيهم رجال منهم وصلوا إلى أعلى مراتب السلطة والقيادة(4) .

وبدراسة النظام الحربي في العصر العباسي الأول يتبين كيف أن القيادة العسكرية في جميع القطاعات كانت في أيدي هذه العناصر الجديدة، ولم يكتف الفرس بالسيطرة العسكرية بل وامتد نفوذهم إلى الجهاز الإداري كله في حاضرة الدولة وفي الولايات وغلبوا على جميع دواوين الحكومة، وتولوا مناصب الولاية على البلدان والوزارة منذ أيام الدولة الأولى، وكانت بأيديهم مقاليد السياسة العباسية وكان الوزراء(5) في العصر العباسي الأول كلهم من العناصر الإيرانية، فأبو سلمة الخلال أول وزير عباسي مولى فارسي وأبو أيوب المورياني وزير المنصور فارسي من موريان وهي قرية من قرى الأهواز، ويعقوب بن داوود وزير المهدي هو مولى كذلك، وكذلك كان يحيى بن خالد البرمكي، واستوزر الرشيد بني سهل وكانوا من أولاد ملوك الفرس وتولى الوزارة الفضل بن سهل والحسن بن سهل ومن بعدهم استوزر المأمون أحمد بن يوسف مولى بني عجل ثم ثابت بن يحيى بن يسار الرازي، ولو تصفحنا أسماء الوزراء الذين أشار إليهم الجهشياري(1) لتبين أن أكثر الوزراء في العصر العباسي الأول كانوا من الفرس كما تولوا وظائف الكتابة، فقد كان للوزراء أعوان من الكتاب، وكان لولاة الأقاليم ورجال الدولة كتاب، وكان أكثر هؤلاء الكتاب من الفرس كالوزراء يحذون حذو أجدادهم من الفرس، بل وصل الصعود في مجال العمل السياسي بهذه العناصر إلى حد احتكار السلطة السياسية نوعاً ما توارثها الأبناء عن الآباء، أعني أنه تكونت لهم في العصر العباسي الأول مراكز قوى بالتوارث(2) .

ومصداق ذلك ما وصلت إليه أسرة البرامكة في العصر العباسي الأول من نفوذ، وقد كانت هذه الأسرة إيرانية عريقة يعود أصلها إلى مدينة بلخ، وقد بدأ ظهور أفرادها في عهد المنصور، فظهر منهم خالد بن برمك الذي يرجع إليه الفضل في تثبيت النفوذ العباسي في منطقة خراسان وفي إيران كلها، وتتابع نفوذهم في عهد المهدي وسيطروا على الحياة السياسية في عهد الرشيد، فلم يتولوا منصب الوزارة فحسب، إنما تولوا جميع المناصب الإدارية والعسكرية، بل ظهر نفوذهم في الحياة الأدبية كما ينسب إليهم أنهم قاموا بكثير من الإصلاحات الإدارية، وعملوا على إحياء التقاليد الإيرانية(3) ، وعلى الرغم من أن العنصر العربي استطاع أن يظهر نفوذه قبل أن يختفي في نكبة البرامكة(4) ، وفي ولاية الأمين الخلافة، وفي عزل المأمون من ولاية العهد، فإن النفوذ الإيراني في الحياة السياسية بدأ يعود من جديد في صورة أقوى في عهد المأمون، ولم يكن النزاع بين الأمين والمأمون إلا نزاعاً بين النفوذين العربي والفارسي، وكان المأمون قد اتخذ خراسان مركزاً لنفوذه وكاد أن يجعل من مدينة مرو عاصمة للدولة العباسية، بل إن مبايعته(5) لعلي الرضا وهو الإمام الثامن لدى الشيعة بولاية العهد، كانت استجابة منه لشعور الإيرانيين، وكان انتصار المأمون تأكيداً للنفوذ الإيراني، والدليل على هذا ما تولاه الإيرانيون في عهد المأمون وبعده بقليل كالنفوذ الذي تولاه طاهر بن الحسين الذي أسس الدولة الطاهرية، وقد ظهر بنو سهل في العراق في عصر المأمون(1) وكان العباسيون إزاء هذه العناصر الصاعدة يرسمون لأنفسهم سياسة بعيدة الغور، لم يتخلوا عن تطبيقها طوال العصر العباسي الأول كانت هذه السياسة قائمة على أن يشارك هؤلاء الإيرانيون، العباسيين نفوذهم وسلطانهم وينالوا من السلطة ما طاب لهم، لكن داخل إطار محدود لا يسمح لهم بتجاوزه(2) وإلا فإن مصيرهم هو العزل والمصادرة والقتل وكانوا يسمحون لهم بذلك في حدود الطاعة المطلقة للخلافة والإعتراف بسلطانها حتى إذا سولت لهم أنفسهم أن يخرجوا عن حدود الطاعة، كان الكبت والقمع دون هوادة .وكان لهم في ذلك سياسة مرسومة وهي سياسة ضرب العناصر بعضها ببعض، فقد ضربوا الخراسانية(3) جيل أبي مسلم بالبرامكة الفرس وضربوا البرامكة ببقية النفوذ العربي، وضربوا بقية النفوذ العربي بالخراسانية من جيل بني طاهر، ثم ضربوا هؤلاء الخراسانية بأتراك المعتصم .

إذن يمكننا أن نقول إن سياسة العباسيين حيال هذه العناصر الإيرانية المتقدمة في المجال العسكري والسياسي قامت على أساس المشاركة والموازنة في إطار الطاعة لبني العباس، فإذا أحسوا منهم أي خطر عاملوهم بالكبت والقمع والقتل، هذه السياسة تفسر الكثير من أحداث العصر العباسي الأول، كمصرع أبي مسلم ونكبة البرامكة والصراع بين الأمين والمأمون(4) والقضاء على بني سهل .

كانت الخلافة في العصر العباسي الأول تستفيد من العناصر الإيرانية وتطلق لها من السلطان السياسي ما لا يخل بمبدأ التوازن، فإذا أحست بالإختلال بادرت إلى الفتك والتنكيل(1) .

ثم ضعفت الخلافة العباسية بعد الواثق بن المعتصم مباشرة، وتناقل المؤرخون أخبار العدوان على أشخاص الخلفاء بالسجن أو القتل أو التعذيب أو العزل أو على سلطانهم بالسلب والتضييق . فكأن الخليفة لم يأمن حتى على نفسه فحسب، بل إن منصب الخلافة فقد ما كان له في نفوس المعاصرين من الهيبة والقداسة(2) .

وتُردّ هذه التطورات إلى ضعف الخلفاء حيناً، وإلى انصرافهم إلى اللهو أحياناً أخرى، لا ننكر أنه ظهر بعض الخلفاء الضعاف الذين استسلموا للواقع، ولكن الأمر لم يخل من خلفاء آخرين كانوا على جانب كبير من قوة الإرادة، والحقيقة أن الأمر لم يكن ضعف أشخاص الخلفاء بقدر ما كان ضعف نظام الخلافة نفسه(3) .

كانت الخلافة العباسية تستمد قوتها من مصادر متعددة: من دعوة عباسية منظمة، ومن صلات مطردة بين رؤساء التنظيم العقائدي في بغداد وبين شبكات الدعاة وجماهير الأنصار في الأقاليم وتستمد قوتها من بيت من بيوت قريش يتوارث أفراده هذا المنصب ويتحدون جميعاً للإبقاء على هذا الميراث، ثم عصبية قوية متماسكة تؤمن بأن بقاءها من بقاء الخلافة قوية(4) ، وأن مصلحتها قد ارتبطت بالخلافة بصلات قوية، وإذا كانت تلك هي مصادر القوة في النظام الخلافي، فإن افتقادها هذه المصادر يؤدي إلى ضعف الخلافة.

وليس من شك في أن صلات الخلفاء بشبكات الدعاة في كافة أرجاء العالم الإسلامي لم تضعف فحسب، بل تهاوت تماما بعد الخليفة المتوكل، فلم نسمع عن ذلك النوع من الرسائل الذي رأيناه في العصر العباسي الأول، ومعنى هذا أن الخليفة فقد صفته كرأس لذلك التنظيم الذي سيطر على الحياة الإسلامية في العصر العباسي الأول، وادى هذا بالتالي إلى أنه فقد القداسة والهيبة في نفوس الناس، وتعرض الخلفاء لصور كثيرة من الإمتهان(1) .

وضعفت الروابط بين الخليفة وملايين الناس الذين أيدوا الحزب العباسي وانخرطوا في سلكه . وأغلب الظن أن الخلايا المندسة في البلاد قد انحلت أو انصرفت إلى تأييد الدعاة الشيعة الذين ملأوا الفراغ في التنظيم العقائدي في العصر العباسي الثاني. فلم نسمع أن هذه الجماهير كانت تولى الخلافة المضطهدة ذلك التأييد العميق نفسه الذي كانت توليه للمنصور أو الرشيد .

وأغلب الظن أن الدعاة قد تضاءل نفوذهم ولم يعد حكام الولايات رؤساء للتنظيمات المحلية كما كان الحال عليه في العصر العباسي الأول. فقد ضعفت صلتهم بالخلفاء وانصرف الكثيرون منهم إلى تنمية مصالحهم الذاتية والإكثار من المال والجند توطئة للإسهام في الحركة الإستقلالية التي غلبت على الحياة الإسلامية(2) .

ومن أسباب الضعف ذلك الإنقسام الذي وضح في صفوف البيت العباسي الحاكم منذ البداية الأولى. لاحت بوادر هذا الخلاف في عهد السفاح ثم اشتدت في عهد المأمون . فالسفاح مثلاً ولى أخاه المنصور العهد وأعرض عن عميه عبد اللّه وسليمان، ولم يرض العمان فثار عبد اللّه بن علي على المنصور، وإذا بالمنصور يعزل عمه سليمان عن ولاية العهد

ثم درج العباسيون على سياسة تولية العهد لأكثر من واحد، فالسفاح يولي المنصور ثم عيسى بن موسى . والمنصور يولي المهدي ثم عيسى بن موسى، والمهدي يختار الهادي، والرشيد يولي الأمين والمأمون .

وقد وضح الإنقسام في موقف الهادي من هارون وفي موقف الأمين من المأمون. وقد أحس المأمون بما يتهدد البيت العباسي من خطر فعهد بالخلافة إلى المعتصم فقط(3) .

وقد فقدت الخلافة العباسية قاعدتها العصبية -التي لا بد لكل دولة منها- التي هي مصدر النفوذ والسلطة، فالعصبية العربية كانت تضعف ضعفاً طبيعياً بسبب تفرق العرب في الأمصار، واختلاط دمائهم . وقد غدرت الخلافة العباسية في تطبيقها لسياسة التوازن بالخراسانية بعد نجاح الدعوة وقتل زعيمها أبي مسلم، ثم استعانت بالبرامكة ثم نكبتهم واعتمد الأمين على العرب وعاد المأمون إلى الخراسانية واضطر المعتصم إلى استخدام الترك(1) في الجيش على نطاق واسع، فلما ضاق بهم أهل بغداد أنشأ لهم حاضرة جديدة .

ونشأت منهم طائفة من المحاربين احترفت الجندية، وخدمت المعتصم ونفذت سياسته، وتسربوا إلى الجهاز الإداري وأسند إليهم الكثير من المناصب العليا في الدولة . وبلغ نفوذ الأتراك حدا بعيدا في التحكم بعد وفاة الواثق، وأصبحوا أصحاب السلطان المطلق لفترة امتدت نحو قرن. وتدخل هؤلاء الترك في تولية الخلفاء(2) وعزلهم وامتد سلطانهم إلى منصب الوزارة، فأثقلوا على الوزراء وطالبوهم بالكثير من المال، فإن لم يلبوهم تعرضوا للعزل والتنكيل .ثم تولوا الوزارة في عهد المستعين الذي اتخذ أننامش وزيراً له . وأصبح تعيين الوزراء يتم عن طريقهم...

وفي عهد المعتز بالله عزلوا جعفر بن محمود الإسكافي، ثم قبضوا على وزير آخر يسمى أحمد بن إسرائيل . وفي عهد المستعين حاول أبو صالح عبد الله بن محمد بن يزداد أن يضيق عليهم فهددوه بالقتل حتى هرب .

وامتد نفوذهم إلى بعض الأقاليم، فكان الولاة يختارون إما من طبقتهم أو من المقربين إليهم(3) . وقد حاول كل من المتوكل والمعتز والمهتدي أن يدفع هذا الخطر التركي فلم يفلحوا ودفع أغلبهم حياته ثمناً لهذه المحاولة(4) .

إيران من السنة إلى الشيعة- العقلية الايرانية في ظل الاسلام


1"- دراسة في الفكر الإيراني في ظل الاسلام :

لما وطئت أقدام العرب الفاتحين أرض فارس بدأت مرحلة جديدة في تاريخ الفكر الايراني، لكن جنود سعدبن ابن أبي وقاص وأبناء الجزيرة الذين اجتازوا رمالها الشاسعة وأرغموا الجيش الفارسي بقيادة رستم في نهاوند على التسليم والذين أنهوا بسيوفهم الاستقلال السياسي للفرس، -وهم الشعب العريق- لم يضعوا قيدا يذكر على حرية الفكر لدى الايرانيين الذين ولوا ظهورهم للعقيدة المجوسية وأقبلوا على الاسلام طائعين ، دون أن يتخلوا تماما عن كل موروثاتهم الفكرية -وان تركوا الوجه الظاهر من ثقافتهم- بل دمجوها بالاسلام الوافد الجديد الى حد كبير مما جعل الاسلام يأخذ -ببطء- لونا فارسيا فيما بعد، يتفق مع العادات الفكرية والرسوم والآداب الآرية(1) .

وهذا يشبه عمل العقل الهلاني -الهليني(2) - الواقعي في الغرب في تجربة مشابهة، على تأويل دين سماوي آخر -وهو المسيحية الوافدة اليه من أرض كنعان السامية. وكانت النتائج في الحالتين متشابهة على نحو مثير ولذا قال العلاّمة الدكتور محمد اقبال اللاهوري الشاعر الاسلامي العظيم "ان الاسلام أصيب في ايران بما أصيبت به النصرانية في أوربا(3).

لقد كان الهدف لدى العقلية المتلقية للدين الجديد في الحالتين أن تحاول عن طريق التأويل والفلسفة التخفيف من الصرامة البالغة للقانون الالهي المطلق الذي فرض على المجتمع من الأعلى، وبعبارة أقصر كما يقول اقبال، هي محاولة لجعل ما هو خارجي مفروض يبدو كما لو كان ذاتيا نابعا من الداخل، وقد بدأت عملية التحول أو التحويل هذه مع شيوع دراسة الفكر الإغريقي في فارس(1) .

وقد عوّق هذا الأمر -مع عوامل أخرى- نمو فكر محلي خالص، لكنه على كل حال يعتبر انتقالاً من الاتجاه الموضوعي المجرد للفلسفة الإيرانية قبل الإسلام إلى الاتجاه الذاتي الذي عرف به الفلاسفة اللاحقون، ويبدو أن تحقيق هذه النقلة يرجع إلى الدور الذي لعبه الفكر الوافد، الذي هيأ الاتجاه القديم الواهن نحو التصوف وأن يتخذ طابعا أكثر روحانية، والميل القديم الى التصوف الذي تبلور في نهاية القرن الثاني الهجري أخذ على عاتقه تقديم المزيد من الروحانيات .

ومن خلال هذا التطور الأخير قدر للثنوية الايرانية القديمة -ثنوية النور والظلمة- أن تنتعش وتأخذ معنى روحياً جديداً .

ولعل هذه الحقيقة المتمثلة في أن الفكر اليوناني قد أنهض العقلية الايرانية الحاذقة نحو حياة جديدة، وأسهم في اثرائها حين استطاع المجرى العام للتطور الفكري في إيران أن يتمثل أخيرا هذا الفكر الوافد .

هذه الحقيقة تسمح لنا أن نعرج على مذهب بعض المفكرين الإيرانيين المتأثرين بالأفلاطونية الجديدة -خاصة شيخهم الشيخ الرئيس ابن سينا- الذين ما كانوا بسبب ذلك يستحقون الا عناية ضئيلة في تاريخ الفكر الإيراني الخالص(2) . على كل حال يجب أن نذكر أن الفلسفة اليونانية قد تطرقت الى الشرق الإسلامي خلال سوريا وحران(3) .

لقد تبنى السوريون آخر اتجاهات الفكر الإغريقي، أي الأفلاطونية الجديدة ونقلوه إلى العالم الإسلامي متوهمين أنه يمثل الفلسفة المشائية الحقيقية لأرسطو(1) .

ووصلت الفلسفة اليونانية بسبب جهل المترجمين وتحريفهم وعقائدهم الدينية وإدخالها في الترجمات إلى المسلمين مشوهة(2) منسوخة جهلا من الناقلين أو قصداً، مع أن خلفاء المسلمين وحكامهم كانوا يدفعون إلى هؤلاء النقلة ثقل الكتب التي كانوا ينقلونها، ذهبا ِإبريزا، وكانوا، فوق ذلك كله يأتمنونهم على هذا التراث(3) .

ولقد كان فلاسفة المسلمين من طهارة النفس أنهم لم يشّكوا في هذا التزوير الذي أدخله الاسكندرانيون والنقلة من بعدهم على الفلسفة، فأخذوا يجهدون أنفسهم وعقولهم في سبيل التوفيق بين هذه المتناقضات والمحاولات التي لا تركب في عقل على حدّ قول د.عمر فرّوخ- وقضوا في ذلك قرنين ونصف قرن من الزمن(4) وكأن ذلك كان جزاء من الله للذين طلبوا الهداية في غير كتاب الله وعولوا على الفكر اليوناني لأنه إذا ظهرت البدع -سواء الفكرية أو العملية- التي تخالف دين الرسل انتقم الله ممن خالف الرسل وانتصر لهم(5) .

ومن المدهش أن الفلاسفة العرب كما الفرس استمروا في الجدل حول ما يعتقدون أنه التعاليم الفعلية لمعلهم أرسطو وأفلاطون ولم يخطر ببالهم أبدا أنه فهم شامل لهؤلاء الفلاسفة -المشركين(1) - من الضروري معرفة اللغة اليونانية، ولقد احتاجوا إلى قرون عديدة -من جراء ذلك- حتى وصلوا إلى مفهوم واضح للفكر اليوناني المتمثل بأرسطو وأفلاطون.

ومن جانب آخر نعلم إن اصطلاح "علم الكلام: قد أطلق على نظام خاص من الفكر، قام بين المسلمين قبل الترجمة وسابقا على وجود الفلسفة اليونانية وأسسها، وأصحاب هذا الفن كانوا يسمون "متكلمين" في مقابل نوع آخر من المفكرين الذين ابتدأوا بابن سينا والكندي والفارابي وعرفوا باسم "الفلاسفة"(2) .

فاصطلاح علم الكلام ظهر بين المسلمين حين ثار الجدال بينهم حول مسائل العقيدة(3) لكن اشتدت هذه الخلافات بعد الترجمة ودخول الفلسفة، كأنها كانت زيتاً على نار. ولذا قال أئمة الإسلام أقوالهم المشهورة في الكلام.

وبما أننا بصدد الكلام عن علم الكلام ورصد الفكر الإسلامي، لا بد أن نعرف -بادىء ذي بدء- أن هناك فارقا بين الإسلام وبين الفكر الإسلامي. فالإسلام هو دين الله تعالى المنزل على خاتم الأونبياء والمرسلين محمد صلى الله عليه وسلم، ومصدره الكتاب والسنة، أما الفكر الإسلامي فهو العمل العقلي للمسلمين في فهم ما جاء في الكتاب والسنة، ومن ثم فإن الإسلام لأنه يعتمد على وحي معصوم، لا اختلاف ولا تناقض فيها، أما الفكر الإسلامي فهو يمكن أن يقع فيه الاختلاف حسب اجتهادات المجتهدين ومستوياتهم الفكرية، وهذا الى جانب العلم بأن الخلاف في العقيدة غير وارد، لأنها لا تدخل في دائرة الاجتهاد وتعتمد على الوحي المعصوم الوارد في الكتاب والسنة .

إن الباحث في تطور الفكر الإسلامي، الذي يمثل العمل العقلي للمسلمين يجد أن هذا الفكر قد مر في مرحلتين :

الأولى: مرحلة النقاء الأولى وكان همّ المسلمين الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم ونشر الدين(1) .

الثانية: كانت في ظهور ما دار حول مسائل اعتقادية، انتزعها العقل الإنساني، من واقع مليء بالتساؤلات(2) بعد ما شحن هذا الواقع الفاسد بالآراء اليونانية الفاسدة التي أفسدت النصرانية في الغرب من قبل(3) . فعلم الكلام يعني بالإلهيات والنقاش في هذا العلم على منهج عقلي فلسفي هو الذي كون علم الكلام، وإذا كان الأمر -كما قلت- فإن الفرق بين الإسلام القائم على الكتاب والسنة وبين الفكر الإسلامي القائم على العمل العقلي للمسلمين -وما كان ينبغي ذلك- ينتهي إلى علاقة وطيدة الصلة، صنع هذه العلاقة، النقاش الذي دار حول العقائد الإيمانية(4) .

وكما نعلم لقد تأثر الكلام الإسلامي بالتيار العقلي اليوناني في نهجه العقلي وفي اتجاهه الاختراعي الإبداعي وكان علم الكلام بذلك فلسفة يرتطم بكل ما يعترض الفلسفة من عقبات بمقدار قربه من الفلسفة(5) . وقلنا من قبل إن ترجمة الفكر اليوناني وتزعم المسلمين لهذا الفكر الأرسطي والدفاع عنه قد أجج نار الخلاف بين المسلمين وبالتأكيد أن ابن سينا كان واحدا من أولئك الزعماء لهذا الفكر الدخيل وكان أكثر تمسكا بالأصل -التعاليم الفعلية لأرسطو وأفلاطون بعد الترجمة- من الفارابي(1) وابن مسكويه وابن رشد، ولكن لا يمكننا اتهامهم بالتقليد الأعمى لأرسطو وأفلاطون -كما يقول إقبال- وتاريخ فكرهم كان محاولة دائمة للخوض في ذلك الكم الهائل من العبثية الذي نتج عن اهمال مترجمي الفلسفة اليونانية وتحليلاتهم تدل على الجهد الاكتشافي وليس العرض والتحليل فحسب ويدل ذلك على ذهن بارع سجن وأغلق عليه من قبل كومة من العبثية البائسة(2) والتي استطاع الصبر أن يزيلها تدريجيا وهكذا استطاعوا غربلة الصدق وتمييزه عن الكذب.بعد هذه الملاحظات التمهيدية -الطويلة نسبيا- سوف ندرس بعض تلامذة الفلسفة اليونانية الأوائل من الفرس الذين حولوا الفكر الإسلامي الأصيل -الإلهي_ وأغرقوها بالفكر اليوناني البشري وحرفوا الكلم عن مواضعه(3) ومن ثم كانت النتيجة أن ظهر الفكر الإيراني القديم بمظهره الجديد وفي ثوب الفلسفة والكلام بدلا من العقيدة الإسلامية الصحيحة

إيران من السنة إلى الشيعة- ظهور الإمارات الإيرانية المستقلة (الإستقلال الذاتي) وبروز القومية الإيرانية

الإيرانيون الذين ظهروا في الحياة السياسية على النحو الذي رأيناه في العصر العباسي الأول وجدوا من الخلفاء في هذا العصر القوة التي تلزمهم حدود الطاعة، ولا تبيح لهم من السلطات إلا ما يحفظ فعاليتها ويبقى على سلطانها وانطلقوا صعوداً(1) بعد أن ضعفت الخلافة العباسية على النحو الذي بيناه ولم يستطع أحد من الخلفاء أن يوقف هذه الموجات الإستقلالية على نحو ما فعل خلفاء العصر العباسي الأول فظهر أولاً الطاهريون (205-259هـ) في خراسان والصفاريون (254-290 هـ) في سجستان (سيستان) والسامانيون (279-378هـ) في خراسان والزياريون (376-426 هجري) في طبرستان، وفي ظهور هذه الإمارات تم إحياء كثير من التقاليد الإيرانية القديمة(2) .

بادئ ذي بدء ليس القصد أن ندرس تاريخ الإمارات المستقلة وما صحب ظهورها من أحداث سياسية دراسة مفصلة لأننا في الفصل القادم سوف نتعرض لهذه الإمارات كلها، إنما القصد أن نكشف في خطوط عامة طبيعة هذا الدور من الظهور السياسي الذي بدأ بظهور الطاهريين وانتهى بسيطرة البويهيين على إيران كلها، وكيف كان ظهور هذه الدول وتفكير مؤسسيها السياسي تعبيراً لا شك فيه، عن قومية إيرانية واضحة(3) .

وأول ما يلاحظ أن جميع هؤلاء المؤسسين كانوا مجرد ولاة من الفرس انتهزوا فرصة ضعف الخلافة العباسية وحصلوا على الإستقلال، وتوارثه أبناؤهم بعدهم أو بعض أهل بيتهم، وخضعوا -إسمياً- للخلافة العباسية ولكن نفوذهم السياسي لم يتجاوز هذا الحد بدليل الألقاب التي اتخذوها والتي نقشوها على النقود، فلم يلقبوا بألقاب السلاطين إنما ظل الواحد منهم يلقب الأمير أو الملك(4) .

هذا ولم تستطع قوة من هذه القوى المشار إليها أن تتغلب على إيران كلها في حركة سياسية شاملة إنما الذي حدث أن كل إقليم من أقاليم إيران أو كل ولاية من ولاياتها حصلت على الإستقلال الذاتي وظهرت فيها إمارة تنظر إلى الإمارات الأخرى نظرة العداء(1) ، ولم يكن هناك ثمة تفكير قومي عام، فهذه المرحلة إذن هي مرحلة الإستقلال الجزئي -الحكم الذاتي- .

ورغم هذا فإن ظهورها كان يتضمن تعبيراً عن القومية الإيرانية تجلى في انتساب أغلبهم إلى الفرس وإشادتهم بهذا النسب وإسراف من أرخ لهم في إظهاره والتركيز عليه كما تجلى في إحيائهم الكثير من تقاليد الفرس الساسانية وتشبههم بملوك الفرس القدماء وإقامة بلاط جامع للقوى الثقافية التي ساعدت على نشاط حركة الإحياء الفارسية، وكان ذلك كله في أغلب الأحيان في نطاق الولاء للخلافة العباسية، إلا أن بعض هذه الإمارات لم يتورع من أن يشهر السلاح في وجه الخليفة في بعض الأحيان .

أما عن انتسابهم إلى الفرس فأمر لا خلاف فيه، فمؤسسو هذه الدول معظمهم من أصل إيراني فآل طاهر انتسبوا إلى رزيق بن ماهان مولى طلحة بن عبيد الله الخزاعي والي سجستان من قبل مسلم بن زياد ، فهم إذن من موالي الفرس الذين أسلموا في العصر الأخير، وبرزوا في خدمة الدولة(2) الأموية ويعتبر براون أن الدولة الطاهرية أولى الدول الفارسية الخراسانية التي قامت بعد الإسلام(3) ، ولم يكتف هؤلاء الأمراء بتأكيد انتسابهم إلى أكاسرة الفرس بل راح بعضهم يعمل على التشبه بالفرس في نظم الحكم وإحياء الكثير من التقاليد الفارسية القديمة وخاصة آل زيار، فقد روى أن مرداويج سأل عن تيجان الفرس وهيئتها فمثلت له فاختار صفة تاج كسرى، فعمل له تاج من ذهب، جمعت فيه أنواع الجواهر وضرب له سرير من ذهب رصع بالجواهر فجلس عليه وجعل عليه منصة عظيمة وجعل أمامه سريراً من الفضة عليه فرش مبسوط، ودون ذلك كراسي مذهبة ليجلس عليه أصحاب الأقدار حسب مراتبهم في الجلوس(4) .

كما يذكر أنه كاتب عاملاً له أن يعد إيوان كسرى منزلاً له، وأن يعمره كهيئته قبل الإسلام(1) ولما حضرت ليلة الوقود في أصبهان جمعت الأحطاب من الجبال والنواحي البعيدة وأعدت الشموع العظام . وعمل لمجلسه الخاص تماثيل وأساطين كبيرة من الشمع، وحشد على رؤوس الجبال ما لم تجر العادة بمثله(2) .

وإذا كان آل زيار قد جهروا على هذا النحو، فإن غيرهم من الأمراء مثل الطاهريين والسامانيين الذين ظهروا بمظهر الولاء الكامل للخلافة العباسية كانوا في حياتهم الخاصة ومجالسهم وبلاطهم ودواوينهم، إنما يحيون النماذج الفارسية القديمة .

ولم يأنف بعض هؤلاء الأمراء من أن يشهر السيف في وجه الخلافة، وأن يرفع برقع الولاء الزائف، كما هو الحال في موقف يعقوب بن الليث الصفار من الخليفة المعتمد الذي جمع ببغداد حجاج خراسان والري وطبرستان وجرجان وقرأ عليهم كتاب الخليفة بلعن يعقوب وأرسلت عشرات النسخ من هذا الكتاب إلى الأمصار لتذاع بين الناس، وقد عمل يعقوب على قصد بغداد نفسها وحمل الخليفة على الإذعان لمطالبه(3) .

يقول براون(4) إن استقلال بلاد الفرس يمكن أن يقال أنه بعث عن طريق هذه الأعمال الباهرة‍ التي قام بها يعقوب بن الليث رغم أنه لم يكن من بيت عريق، ويذكر أيضاً(5) أن الدولة الصفارية مثلا كانت في أيامها الأولى أقل خضوعاً وأكثر استقلالاً من الدولة السامانية ويشير صاحب الفخري(6) إلى أن مرداويج كان ينوي قصد بغداد وتشتيت الدولة ويكفي تأييداً لهذه النزعة الإيرانية الواضحة أن نذكر أن بلاط بعض هؤلاء الأمراء كان من أهم المراكز التي كانت تجذب الشعراء باللغة الفارسية الجديدة كبلاط السامانيين في بخارى وقصر شمس المعالي قابوس بن وشمكير في طبرستان .

وأصبح إقليم خراسان -وهو منطقة كانت أوسع بكثير من الإقليم الحالي الذي يعرف بهذا الإسم- أكثر أجزاء إيران حيوية ونشاطاً، ففي عام [185هـ= 801م] عين طاهر ذو اليمينين -الذي كان قائداً لجيش أحد أبناء الخليفة -هارون الرشيد- وهو المأمون، حاكماً على خراسان بناء على طلبه، فاتخذ مدينة نيشابور عاصمة له. وقد خلفه في هذا المنصب ابناه وحفيده وابن حفيده، وكان كل واحد منهم يدفع للخلفاء -في بغداد- خراجاً سنوياً قليلاً . وكان حكام هذه الدولة المحلية يعرفون باسم الطاهريين(1) . وقد امتازوا بحب الكتابة والشعر وحكموا من [195-260 هـ= 810-873م] .

وكانت الشخصية القوية التالية التي ظهرت في إيران، هي شخصية يعقوب بن الليث الصفار(2) ، وكان نحاساً وقاطعاً من قطاع الطرق، ثم أصبح -من 253 هـ= 867م- سيداً على خراسان وهراة، فعين والياً على خراسان من قبل الطاهريين، ولكنه سرعان ما أسقط دويلتهم وبسط نفوذه على كرمان وفارس وأصفهان أيضاً . وتوفي في عام [266هـ= 879م] بعد انهزامه في محاولة لفتح بغداد نفسها، فتوجه أخوه عمرو بن الليث إلى إقليم ما وراء النهر وكان السامانيون قد ظفروا فيه -حديثاً- بالسلطة، ولكنه هزم وأرسل أسيراً إلى بغداد حيث أعدم في 290هـ= 902م، واحتفظ أعقابه بالحكم طويلاً في سجستان، وقد حدثت في هذه السنوات المحدودة للحكم الصفاري حادثة ذات مغزى ثقافي مهم، الا وهي شروع كاتب يعقوب (محمد بن وصيف السجزي) بنظم الشعر على أوزان الشعر العربي بالفارسية لأول مرة بعد الإسلام .

وظفر السامانيون -الذين كانوا ولاة يخضعون للطاهريين- بسيادة تامة على شرقي إيران، وحكموا هذه المنطقة مائة سنة تقريباً. وقد حكم إسماعيل مؤسس هذه الدولة وأول شخصية بارزة فيها -من [279-295هـ =892-907م] وكان شخصاً كريماً ذكياً، كما كان قائداً مظفراً جداً، واستطاع في السنوات الأخيرة الهادئة من حكمه أن يكرس كثيراً من وقته لتعمير عاصمته بخارى .

وقد وصلت الدولة السامانية إلى أقصى قوتها في عصر نصر بن أحمد من [301-332هـ = 913-943م]فسيطرت على إقليم ما وراء النهر وخراسان وسجستان وجرجان وطبرستان والري وكرمان، وضم بلاط بخارى رجالاً من ذوي العلم والفكر، منهم الفيلسوف أبو علي بن سينا المعروف لدى الغربيين باسم "أفيسينا" AVICENNA وفيه ولد الأدب الفارسي الحديث على أيدي الشاعرين الرودكي والدقيقي منشئ الشعر الحماسي، وقد عمل السامانيون على إثارة النزعة الوطنية الإيرانية وإحيائها، ولكن تحولها إلى حكومة إقطاعية أدى إلى ظهور حكام أقوياء، ثم إلى اسقاط الدولة في النهاية(1) .

وإقليم الديلم مهم أيضاً لأنه كان مقراً للحكام البويهيين -الشيعة، حيث نعيد الكلام عنهم في الفصول الآتية مرة أخرى- وعين علي بن بويه حاكماً محلياً من قبل مرداويج بن بن زيار، ولكن علياً وأخويه الحسن وأحمد لم يلبثوا أن سيطروا سريعاً على وسط إيران وغربيها .

وفي عام (334هـ= 945م) دخل أحمد بغداد، ولكنه ترك الخلفاء العباسيين -الذين منحوا هؤلاء الإخوة مناصب وألقاباً فخرية- يتمتعون بسيطرة روحية إسمية .

وأبرز شخصية بين البويهيين هو عضد الدولة(2) الذي حكم من 338-373هـ = 940- 983م وقد اتخذ الري وأصفهان عاصمة له، وقد اتجهت الدولة بعد وفاة عضد الدولة نحو الإنهيار بخطى سريعة، فانتزع محمود الغزنوي الجزء الغربي منها بينما بقي الجزء الشرقي سليماً حتى مجيء السلاجقة .

وقد ارتفع شأن تسعة من أفراد الأسرة الغزنوية الذين حكموا في الجزء الشرقي من إيران في تلك الأوقات، وكان ألبتكين أول حكام هذه السلسة التركية عبداً اشتراه اسماعيل الساماني، ثم صار حاكماً على خراسان، وأعلن نفسه سلطاناً على غزنة في حدود سنة 349هـ = 960م .

وقد أخذ محمود سادس أفراد هذه الأسرة على عاتقه أن يوسع مملكة أسلافه المحدودة، فأسقط السامانيين في عام (390هـ = 999م) وابتلع الزياريين ودفع البويهيين إلى غربي الهضبة الإيرانية في عام (420هـ = 1029م) لكي يبسط حكمه فوق مهجارا وأفغانستان وما وراء النهر وخراسان وطبرستان وسجستان وجزء من الهند، ولم يبق خارج نفوذه من إيران الأصلية سوى كرمان وفارس، وكان يتبع الملحدين وأصحاب البدع حيثما كانوا في مملكته وقد شمل السلطان محمود الغزنوي(1) بعنايته كل الشعراء والعلماء، فكان جميع العلماء المشهورين يستدعون إلى غزنه، وكان منهم العنصري الشاعر والبيروني العالم المؤرخ والفردوسي المشهور الذي التحق بالبلاط -لأول مرة- وهو في منتصف عمره، وبدأ ينظم ملحمته الرائعة، شاهنامه أو كتاب الملوك، وظل ينظم فيها حتى بلغت 60000 بيت من المثنوى المنظوم، وتشتمل الملحمة على أمجاد أربع دول قديمة، اثنتان منها خرافيتان، مأخوذتان من الأساطير الواردة في الأوستا والإثنتان الأخريتان هما البارثيون والساسانيون، ولكن الملحمة تشتمل على أساطير حتى في هاتين الدولتين أكثر مما تحتوي على تاريخ دقيق وهو يعمل في تكريس الروح القومية الفارسية فيها، وتكثر في هذه الملحمة الطويلة قصص الفروسية والبطولة وكانت مصدر إلهام لكثير من شعراء الفرس المتأخرين وبعض الأوروبيين مثل ماتيو ارنولدMATTHEW ARNOLD (2) . ولذا لم يجد ترحيباً واسعاً من محمود الغزنوي الحاكم العالم الذي يعيش في مسرح الحوادث أكثر من الخيال والخرافات وقال له بأن ألوفاً من هؤلاء الأبطال الذين تتكلم عنهم يوجدون في جيشي .

يجب علينا أن ندرك أن كثيراً من المؤلفين الفرس الذين عاشوا في هذا العصر قد ألفوا كتبهم باللغة العربية، لأن اللغة العربية بهرتهم بأساليبها الرائعة التي استساغها العقل الفارسي، وكانت حروف الهجاء العربية أسهل بكثير من الحروف البهلوية المعقدة، ولذلك كان العلماء الإيرانيون يعدون اللغة العربية لغتهم الثانية بل لغتهم العلمية الأولى، وتسربت كثير من الكلمات العربية في اللغة الفارسية، وكان من الطبيعي أن تستعمل الحروف العربية في ذلك الوقت لكتابة الفارسية كما هي اليوم، وكتبت شخصيات معروفة مثل الشيخ سعدي الشيرازي والغزالي الطوسي بكل من اللغتين العربية والفارسية.

النتائج الحضارية :

والتقدم الحضاري الذي أحرزه الإيرانيون المسلمون سار في الطريق نفسه الذي سلكه التقدم السياسي وقد مرّ بمرحلتين متمايزتين:

أ- المرحلة الأولى : موازية للمرحلة التي قطعتها العناصر الإيرانية في مجال التقدم السياسي طوال العصر العباسي الأول وقد ظهر أثر الإيرانيين واضحاً في نظم الحكم والحياة الإقتصادية والإجتماعية وفي الحياة الثقافية، ولكن هذا التقدم كان تحت علم الخلافة العباسية والطابع العربي لكل مسارات الحضارة .

ب- والمرحلة الثانية موازية لمرحلة الإمارات الإسلامية المستقلة والنفوذ البويهي في الوقت الذي وضح فيه ضعف الخلافة وتقلص نفوذها، وأهم ما تميزت به هذه المرحلة هو نهضة الأدب الفارسي(1) شعراً ونثراً.

أ- المرحلة الأولى: تقدم العناصر الإيرانية تحت علم الخلافة العباسية والطابع العربي الشامل لكل مسارات الحضارة :

1"- نظام الحكم : كان من أثر إسلام الإيرانيين واعتماد الدولة العباسية عليهم وتقدمهم ذلك التقدم السياسي الذي بيناه آنفاً أن بدأت الحياة الإسلامية تشهد إحياء التقاليد الإيرانية في نظم الحكم وقد أفاد العباسيون على نطاق واسع من
05-22-2007, 12:14 AM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الردود في هذا الموضوع
كيف تحولت إيران من السنة إلى الشيعة؟ - بواسطة طيف - 05-22-2007, 12:14 AM

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  تاريخ الشيعة والتشيع في العراق طريف سردست 1 2,805 03-21-2011, 10:23 PM
آخر رد: (ذي يزن)
  الشيعة والحكم في الدولة العراقية الحديثة الجواهري 0 1,134 01-22-2011, 11:55 PM
آخر رد: الجواهري
  حلول السنة الامازيغية الجديدة المروءة والشهامة 23 7,675 01-17-2010, 10:25 PM
آخر رد: المروءة والشهامة
  فوكو في إيران سيناتور 14 4,188 02-25-2008, 07:08 PM
آخر رد: سيناتور

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 2 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS