Array
وماذا يعني إجماع الناس على شيء ما؟ ألا ترى في المجتمع العربي بوجه عام نموذج لسيكولوجية هستيريا الجماهير؟ يكفي أن واحد يقول: حرامي! ويصيح الجميع وراءه حرامي! أيضا،
.....................................

[/quote]

الأخ العزيز إبراهيم .:97:

وماذا يعني إجماع الناس على شيء ما؟.

و الله لك أن تعجب .
إجماع الناس مرة واحدة ؟.
دعني يا إبراهيم يا عزيزي أذكرك بقول راجل من الناس هو جون ستيوارت مل ، يقول مل فيما طرحته من شريط الحرية :
" إن أخطر ما يتعرض له الفرد هو استبداد المجتمع ، الذي يسعى لإخضاع أفراده إلى تقاليد و عادات ، قد يسندها العقل أو تقوم على الأهواء ،وأظهر ما يكون ذلك في العقيدة الدينية .
أدت الصراعات التاريخية إلى تقرير الحريات الدينية ، فالصراعات الدينية تعكر على المجتمع صفوه" .
وهناك جزء آخر أكثر تحديدا سيرد في الفصل الثاني من كتاب مل الذي سأطرح موجزه في المداخلة القادمة من شريط ( عن الحرية ) بعنوان حرية الرأي و المناقشة .. يقول مل :
" لا يجوز لأية سلطة سواء بنفسها أو بتأييد الشعب أن تخرس فردا واحدا عن إبداء رأيه ، فليس الإجماع دليلا على الصواب و ليست القلة دليلا على الخطأ ،و حرمان الفرد من إبداء رأيه هو حرمان للمجتمع من الاستفادة منه ، و حجب دواعي الرقي عن الإنسانية" .
.. أكرر أي رأي حتى تلك الآراء المناقضة لمعتقدات كل منتجي البترول و موزعي مداخيله في العالم العربي بما في ذلك إجماع مجهول لشعب مأسور يؤمن بصحيح معلوم من نوعية إرضاع الكبير إلى إغتيال المخالف و التداوي بالبول و جناح الذباب ، و غير ذلك من مقدسات يجب أن تنزوي لو قدر الله لأمتنا المصابة بها أن تتعافى .
أنت تعيش يا صديقي في الغرب منذ فترة ولابد أنك تعرف بأن ما أقوله هو بديهيات و مسلمات و شروط مبدئية كي ينتسب الإنسان للحضارة ، لا يمكن أن نبدأ الحوار مع الأصوليين كل مرة من العصر الجليدي ، فالبشرية قطعت شوطا طويلا يغنينا عن البدايات . إن المناقشة العقلانية المثمرة مستحيلة ما لم يتقاسم المساهمون فيها إطارا مشتركا من الافتراضات الأساسية أو على الأقل ما لم يتفقوا على مثل هذا الإطار لكي تسير المناقشة بشكل مثمر . وهذا الإطار يعني الاشتراك في مجموعة من المبادئ أو الافتراضات الأساسية conjecturesأي أنه إطار عقلي للمتحاورين ، و من هذا التصور يمكننا القول أنه من المستحيل منطقيا التفاهم المتبادل بين الثقافات المختلفة التي تفصلها قطيعة معرفية تامة كما هو الحال بين العقلاني و الأصولي ، و طبقا لهذا التصور أيضا تكون الحقيقة أو الصدق فقط بالنسبة للإطار الواحد و لكنه يختلف من إطار إلى آخر ولا يمكن تعميمه بين الأطر المختلفة وهذا يقودنا إلى ما يمكن أن نطلق عليه النسبوية Relativism ، أنت مهتم بالحوار المسيحي العلماني في الغرب ،و لو تعمقت أي حوار أساسي ستجد أنه حوار يخضع للعقلانية ، حتى رجال الدين في الغرب لا يمكن أن يطالبك بالإعتقاد في نص ديني دون أن يضعه في نسق فكري منطقي ، لن يمكننا قبول مناقشة شرعية الإغتيال مثلا لأن هناك عقليات منغلقة تراه دينا ، فهذه الأفكار يجرمها القانون في كثير من المجتمعات كدعوة للعنف و الإرهاب ،أما القتل فهو بالقطع جريمة سواء كان باسم الله أو الشيطان .
أريد ان أحيلك إلى كتابين أحدهما ربما كان موجودا على الشبكة هو كتاب برتراند راسل الرائع ( لماذا لست مسيحيا ؟)WHY I AM NOT A CHRISTIAN? و به حوار شهير أورده نصا ، هذا الحوار تم بينه و بين الأب ( كوبليستون ) و أذيع في لبرنامج الثالث لهيئة الإذاعة البريطانية عام 1948 ، وكان بعنوان ( وجود الإله ) ،و في هذه المناظرة اتخذ راسل جانب اللاأدريين Agnosticism بينما اتخذ الأب كوبليستون جانب المؤمنين في حوار فائق المتعة و الموضوعية ، وكم أتمني أن يتم ترجمة هذا الكتاب حتى يتعلم منه أكبر عدد من المثقفين كيف يكون الحوار الديني على أساس عقلاني لا يفرض فيه أحد أفكاره باسم إله ما ، الكتاب لدي بالإنجليزية منذ سنوات طويلة ولا أتوقف عن قراءة فقرات منه كمتعة روحية و ذهنية مجردة ، هناك أيضا للفيلسوف الفرنسي روجيه جارودي كتاب ممتع هو ( كيف صنعنا القرن العشرين ) ، في هذا الكتاب يتحدث جارودي عن تأسيسه و رئاسته لمركز الدراسات و الأبحاث الماركسية ( أثناء عضويته في اللحنة المركزية للحزب الشيوعي الفرنسي وقتها ) ، و كيف قام المركز بإدارة حوار بين الماركسيين و المسيحيين على مستوى الغرب المسيحي من ألمانيا و إيطاليا إلى كندا و الولايات المتحدة ، شارك في هذا الحوار كبار علماء اللاهوت المسيحيين ، و نشر جارودي موقفه و رأيه في هذا الحوار الماركسي المسيحي في كتاب نال شهرة وقتها هو ( من اللعن إلى الحوار . ماركسي يتحدث إلى المجمع ) ، من يعرف شيئا عن التقاليد الثقافية في الغرب لن يعجب أن يجد إسم الأب رانر على مقدمة الترجمة الإنجليزية لكتاب جارودي الماركسي ، في هذا الكتاب مقارنة رائعة بين الفكر الماركسي الذي يقدم التفسيرات النهائية قبل الأخيرة كما يرى الأب رانر و الفكر المسيحي الذي يقدم التفسيرات النهائية (المسيحية دين المستقبل المطلق) ، في رده البديع على الأب رانر يقول جارودي المادي الماركسي ( وقتها) :" لنعمل معا كاثوليك و ماركسيين من أجل الوصول إلى النهايات قبل الأخيرة ، و إذا تصورنا – نحن الماركسيون – أننا وصلنا إلى نهاية التاريخ ، فإنه سيسعدنا أن تكونوا أنتم أيها المسيحيون بجوارنا كي تقولوا لنا : يجب أن نذهب أبعد من ذلك ، ولكن ليتكم لا تقولوا لنا ذلك مبكرا ، حتى لا نضطر أن نبتعد عن طريق النضال في اتجاه الهروب التقي " ، ذكرت هذه النماذج و ما أكثرها كي ألقي ضوءا ولو خاطفا على معنى الحوار الحقيقي و محتواه ، لم نجد رجل الدين يكيل اتهامات التكفير و التخوين على رأس جارودي و راسل ثم يتهددهما بنار عرضها السموات و الأرض ، و لكن يحاورهما على قدم المساواة دون محاولة الهداية في صيغة التعالي التقليدية ، هل نتصور أن يقبل المسلمون اليوم مثل هذه الحوارات التي يشارك فيه كبار فقهاء المذاهب الإسلامية و بحماس و على قدم المساواة بالعلمانيين ؟ ، هل تتصور أن يتحاور الفقيه السني و نظيره الشيعي و المفكرين الليبراليين في مناخ عقلاني متسامح لا يتوخى سوى الحقيقة و مصلحة الأمة ؟.
حسنا هل يمكن ذلك بينما يحاول متفقهي السنة المتعصبون تمرير جريمة الإغتيال كمعلوم من الدين ؟
ثم بعد ذلك هل نعجب لو سأل أحد
ماهو الفرق بين المتدين و المجرم ؟.
وما هو الفرق بين المرشد الروحي و الأب الروحي ؟.
ودمتمجميعل لكل خير .:97:

تسجيل الدخول
اسم المستخدم:
كلمة المرور:	فقدت كلمة المرور؟
	تذكرني

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع		الكاتب	الردود	المشاهدات	آخر رد
	أحداث صغيرة انعطفت بالتاريخ	الوطن العربي	1	481	09-02-2014, 09:22 PM آخر رد: فلسطيني كنعاني
	وردة لفلسطين في ذكرى "نكبتها" (62 عاماً على نكبة فلسطين) ...	العلماني	12	3,919	04-04-2011, 12:16 AM آخر رد: أبو نواس
	ضريح ميشيل عفلق وضريح جورج واشنطن وما بينهما	عزالدين بن حسين القوطالي	28	7,835	12-29-2009, 08:37 PM آخر رد: أبو نواس
	منتدى العلمانيين العرب ...مدينة دكتاتورية صغيرة	القلعة	9	5,767	10-06-2008, 01:38 AM آخر رد: صانع المطر
	مفتي مصر :بول" الرسول /تقبيل ضريح الإمام الحسين /ختان الإناث	arfan	7	1,832	05-25-2007, 11:54 PM آخر رد: Serpico