اقتباس: العاقل كتب/كتبت
حسنا يبقى النقاش في مسألة : هل يتناقض تأثير الله في الكون مع القوانين الطبيعية وديمومتها
هل تجيبني على هذا السؤال ؟
...
اما قولك أني سألوي الحقائق انتصارا لإيماني . فهذا ادعاء لا تملك عليه دليلا .
العلم برمته قائم على دراسة القوانين الطبيعية، و عندما تقول بأن اللـه يتدخل في الكون، فأنت هنا تتهرب من المسؤولية. سأقول لك كيف.
لنفرض مثلا أن القران يقول: "الشمس أشرقت 10 مرات في التسع أيام الماضية."
النظرة الفاحصة لهذه الاية الافتراضية، تظهر أن القران يناقض معرفتنا العلمية، حيث أننا نعرف بأن الشمس تشرق مرة كل يوم. لكن حيث أنك تعتقد بالافتراض المسبق بأن اللـه يتدخل في شؤون الكون، فلا سبيل أبدا لمناقشتك و لا لنقد القران بأي أسلوب علمي او حتى منطقي. فأنت ستقول بسهولة شديدة بأن اللـه تدخل و كسر القوانين الطبيعية و المنطقية. أو أنك ستلوي و تؤول هذه الاية لتجعلها متطابقة مع العلم.
و هذا هو دليلي أنك تلوي الحقائق انتصارا لايمانك. فقرانك يقول أن الطفل عيسى نفخ في الطين و جعل منه كائنا حيا، و تكلم قبيل ولادته، و القران يعطي أرقاما متناقضة لعدد أيام الخلق، و غيرها الكثير من الاقاصيص القرانية التي لا تلوي العلم فحسب و انما تجعل من عقولنا ملهاة و اضحوكة، و أي واحدة من هذه الاقاصيص تكفي لتقنع أي انسان عاقل بأن القران يناقض العلم و التاريخ. و لكن أنت تكتفي بالقول أن اللـه قادر على كل شيء.
فاللـه بالنسبة لك هو خالق العلم و المنطق. أي لا سبيل أبدا لاقناعك لا بالعلم و لا بالمنطق أن القران خاطئ (لو فرضنا انه خاطئ) حيث أن خالق العلم و المنطق قادر جدا على تغييرهما وقتما شاء و حيثما شاء.
فماذا تريد بعد؟ هذا هو دليلي أنك متزمت في قبولك للقران، و لن تغير رأيك حتى لو قال لك القران أن نصف العشرة ثلاثة، و ربع الاربعة اثنان. و لن تغير رأيك حتى لو قال لك القران أن آدم خُلق مباشرة بدون تطور، أو أي شيء آخر يناقض العلم.
اذن لا تضحك على ذقوننا و تقول لنا، "أنا عقلي مرن و أقبل الحقيقة مهما كانت. دلوني على شيء في القران ينفي مصداقيته، و أنا مستعد لرفضه." فهذا ليس صحيحا بالمرة، و قلة من المسلمين طبقت هذا الكلام فعلا.
يا عزيزي دعني أقول لك ما الفرق بينك و بين اللاديني: مرجعية اللاديني العليا هي العلم و المنطق. أما مرجعيتك أنت العليا فهي مفهومك للـه (و بالتالي القران). لذلك فعندما يتناقض العلم مع اللـه، فاللاديني سيتمسك بالعلم، و سيرفض مفهوم اللـه. أما أنت، فاذا تناقض العلم و المنطق مع اللـه، فإنك سترفض العلم و المنطق، و ستتمسك بمفهومك عن اللـه.
اذن لا علم و لا منطق سيغير رأيك فيما تعتقده مسبقا.
و دعني أضيف شيئا ثالثا: حتى الاخلاق لن يكون لها تأثير. فاذا قال لك القران أن تقتل الناس بدون حق، فستقتلهم بدون حق (لحسن الحظ هو لا يقول ذلك). فأخلاقك مستقاة من القران. فها قد جعل القران من المرأة نصف شاهد و نصف وارث، و أعطى للرجل الاذن بضربها و كأنها قاصر صغير لا عقل لها، و مهما ناقشناك بعدم أخلاقية مثل هذه الامور، فلن تقتنع لأن أخلاقك ليست قائمة على المنطق، بل على القران. و أنت نفسك اعترفت سابقا بأن الاسلام يضع عليك الكثير من القيود التي تضطر أنت لاتباعها، و من الواضح أنك لا تحكّم المنطق في اتباعها، و انما لمجرد أنها قيود اسلامية.
اذن فأنت تضع القران فوق العلم و المنطق و الاخلاق، و لا سبيل لاقناعك بشيء مخالف في أي من هذه المجالات، فهي كلها لا اعتبار لها إلا بشكل ثانوي. فاللـه القابع في قرانك قادر على تغييرها كلها وقتما شاء.