أتفهم وجهة نظرك عزيزي لوجيكال وأرى كثير من الحق فيما تقول ولكني أرى أن هناك عدد من هؤلاء تقريباً بلا عذر. خذ مثلا شاكر النابلسي (في أميركا) وكتاباته. إنه يكتب وكأن لسان حاله هو شيء واحد وهو أننا كعرب، أي أنا و هو، لسنا إلا جرباً. وخذ نصر حامد أبو زيد إنه في أوروبا مثلا. قال لي صديق أثق في علمه إن أكثر هؤلاء التنويرين هم ملحدون إلحاد تقية. سيد القمني مثلا يأخذ رواية إبراهيم في التوراة ويستهزيء بها استهزاء لا حد له ثم يضاهيها برواية إبراهيم في القرآن ويرفع من شأنها ويقول إنه هكذا يكون العقل والفهم والإدراك؛ وهذا في كتابه "النبي إبراهيم التاريخ المجهول". لو خرج مفكر عربي وقال مباشرة إنه ملحد فأخطر شيء يمكن أن يقع عليه هو أن يتجاهله الناس ولكنه مادام يقول إنه مسلم تنويري فالجميع يصغون إليه ويتناورون معه مناورات فكرية شرسة ويتهمونه بالزندقة فينكر عليهم قولهم ويؤكد حسن إسلامه وتدور الكرة مرة تلو المرة. من حسب ما أراه، كل ما يهمه هو أن لا يفقد مصداقيته و"تنحرق ورقته". لو أخذت كاتب مثل جورجي كنعان فقد كان سابق لغيره وكتب كتاب اسمه "تاريخ الله". الكتاب بحث ممتاز وتخلص منه إلى أنه ملحد ولا ضرر أو عيب في ذلك بالمرة. تقريبا، إلحاد المسيحي لا يفرق في المجتمع المسلم بينما إلحاد المسلم يكون "ضربة من العيار التقيل" ويؤثر. إسماعيل أدهم كان شاب مصري بحسب أنه مولود في مصر وأبوه تركي وأمه ألمانية وفي الثلاثينات كتب رسالة على غرار رسالة برتراند رسل: لماذا أنا ملحد؟ الحقيقة قرأتها وتمتعت بها وأرى كثير من المعقولية فيما يقول به. هناك طرق يا لوجيكال ليصل صوت المسلم إذا ألحد. عندك كتب ابن وراق مثلا في أي مكتبة زي بارنز ونوبلز وبوردرز وهو باكستاني وليس اسمه الحقيقي ابن وراق. وهناك زكريا أوزون واسمه يبدو لأي مطالع أنه اسم مستعار لأنه لا توجد عائلة في الشرق بإسم أوزون أو ثاني أكسيد الكربون. هناك سبيل أخذ إسم مستعار ويصب الإنسان فيه كل عصارة فكره دون رهبة لأي إنسان ولكن بعيداً عن التلاون والظهور بمظهر قد يتعبه نفسيا فيما بعد. عشت بمصر خمس سنين أتلاون على الناس يا لوجيكال حتى أنجو بحياتي وأعرف قيمة هذه المعاناة.. أتمنى لو يخرج الإنسان ويقول كمفكر إنه هكذا وبهذا يريح ضميره...

تحياتي لك وطاب يومك جميلاً.

(f)