عزيزي د. فضل:

أعتقد أن القضية تكمن في البنية الرئيسية لكلا المجتمعين حيث تحكمه العقلية الأبوية البطريركية التي تلغي فرادة الفرد. هذه العقلية أمامها النصوص سواء كانت إسلامية أو مسيحية و تسيطر على الأمور بقبضة من حديد لئلا يفلت الزمام و يطمع الذي في قلبه مرض. لنفرض أن الكنيسة القبطية سلكت بديموقراطية و أعطت وفاء قسطنطين الحق في أن تكون كيفما شاءت، هل سيسلك المسلمون أيضا بدورهم بديموقراطية حيال أمر كهذا؟! كما ترى فالمجتمع بجملته يلحق به القهر من كل جانب و بحاجة لإصلاح جذري بصرف النظر عن الفحوى العقائدي/اللاعقائدي. لو نظرت للإعلام المصري لوجدت أن يعج بعشرات من البرامج الإسلامية التي صدعوا رأسنا بها و لا يوجد برنامج مسيحي واحد يتيم يقابله بالرد. و هل تتوقع أن يسلك الأقباط بديموقراطية في وسط كهذا؟! قطعا ستسيطر العقلية العشائرية عند الأقباط قبل المسلمين. إذا أصلح المسلمون بمصر مثلا ما بحالهم فقطعا سيسلك المجتمع القبطي باعتبارهم أقلية خاضعة بديموقراطية مماثلة. احتواء الدستور المصري على عبارة أن "الإسلام هو الدين الرسمي للدولة" لهو سخف القول و ما يجب تغييره لأن القاضي هنا هو الحكم و الشاهد و الجلاد في الوقت نفسه Islam is judge and jury for all here. لا يجب أن يكون أي دين اسمه الدين الرسمي للدولة و تفرض هوية دينية على مجتمع ليسوا جميعا طيفا عقائديا واحدا؛ فمصر مثلا بها البهائيون و اللا دينيون إلخ. في اعتقادي، لكي نرى جماعة أقلية تسلك سلوك ديموقراطي أخلاقي يجب أن تكون الجماعة الأم هي في أصلها أخلاقية و هذا ما لا سبيل لذكره البتة.

The "mother" culture is not ethical in the least to begin with, Dr Fadhl.(f)


(f)