الزملاء .
قرأت منذ ربما أربع أعوام مقتطفات مطولة من الكتاب في ملحق صحيفة صوت الأمة عندما كان يرأس تحريرها عادل حمودة ،و الكتاب يعبر عن تجربة صادقة لأصولي منغلق من صعيد مصر ، نشأ في منعزل حضاري فقير و تبنى الفكر السلفي الإرهابي في نموذجه الوهابي كمنتج طبيعي لبيئته ، و خالد البري ينتمي لعائلة صعيدية منتجة للفقهاء ، وهو معروف بين أعضاء الجماعة الإسلامية ولا مبرر للتشكك في روايته أو تجربته ، هو أيضا ليس حالة فريدة أو استثنائية فكثير من أمثاله تحولوا عن الفكر الأصولي إما إلى نموذج متدين أكثر تسامحا أو إلى النقيض تماما ، و أتذكر أكثر من زميل لنا في نادي الفكر روى تجارب له مشابهة ، لا أرى سببا لحظر الكتاب سوى أن يكون ذلك لصالح الفكر الإرهابي المتعفن المعادي للبشرية ، فكثير من المسلمين البسطاء يدينون هذا الفكر الذي يتمركز حيث الفقر و الجهل في أعماق الصعيد و أحضان العشوائيات ، رغم ان حظر الكتب يزيد الطلب عليها بشدة ، فالكتاب الذي لا يبيع في الظروف العادية سوى 2000 نسخة خلال أعوام طويلة ، عند حظره سوف يباع منه لا أقل من 5000 أو 6000 في أشهر بسيطة ، الأصولية الدينية الإسلامية ليست مجرد دعوة محافظة تعود للأصول من أجل صلاح الناس في الدنيا والآخرة، وإنما هي حركة سياسية ثورية لقلب دولنا ومجتمعاتنا رأسا على عقب، أو على الأقل وقف تطورها التاريخي في اتجاه دول ومجتمعات مدنية وعصرية من خلال عملية تعبوية دائمة ، لهذا لا يمكن التعامل معها بأدوات العقائد الدينية كما نتعامل مع الإسلام التقليدي و لكن بأدوات السياسة ، غير ذلك خلط لا يليق .