{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
العَلمانيّة من جديد
السيّاب غير متصل
Banned

المشاركات: 495
الانضمام: Mar 2007
مشاركة: #1
العَلمانيّة من جديد



مقدّمة



تعتبر منطقة الهلال الخصيب (العراق، سوريا، مصر) بداية لأولى الثقافات و الحضارات المتكاملة، و التي شهدت أنظمة سياسيّة عديدة أهمها النموذج الديني السياسي الذي يبدو واضحا بمصر الفروعونيّة. ذلك أن السلطة الدينيّة، عادة ما تنصّب الملك ربا أو وكيلا للرب على العباد، فهو الذي يحمل أدوات المشرّع و المنفّذ و القاضي. و لعل بساطة الحياة أسهمت كثيرا بتسهيل دور "ظل الله" على الأرض، فلا توجد خطط أفتصادية أو سياسات معقدة و لا قرارات و تطلعات محسوبة بدقة. كل ما كان هو التشريع و العيش ضمن التشريع من رعي الموارد الشبه بدائية من تجارة أو فلاحة.

و لعل النظام الخلافي الإسلامي كان جزءً من هذا الموروث الحضاري العام، مع التأكيد على ضرورة دور الخلافة السيادي بعد وفاة رسول الله مُحَمّدْ (ص) و ضرورة الدين الإسلامي لقادة سياسيون و دينيون بصفات محنكة تؤهلهم لرعاية الدولة الإسلاميّة الحديثة. و تمّ هذا المُرام في فترة شملت حكم أربعة من الخلفاء، و أمتدت لما يقارب سبعة و عشرين سنة، إذ توطت الحضارة الإسلاميّة. إلا أنها خسرت الميّزة الشوريّة من جهة أخرى بعد تولي الأمويون السلطة و تحويل منصب "خليفة" لأيقونة سياسية وراثية. و تلت الحكومة الأموية الدولة العباسيّة، حيث تعتبر أطول الإمبراطوريات عهدا في تأريخنا العربي و الإسلامي، التي أسهمت أيضا بتسييس الدين لصالح الحاكم الذي يسعى للحفاظ على عرشه قبل أي مصلحة عامة. أدت هذه السياسة لتوليد أنماط كثيرة من المذاهب و الحركات الإسلاميّة، بالإضافة للموروث السياسي العام (المتبع حتى اليوم) بالوصول للسلطة عبر الدين و الدعاية الدينية. و أستمر السيطرة الدينيّة المسيّسة حتى العهد العثماني، الذي أنهار بعد تحرر أغلب دولنا العربية من سلطته بعام 1916، إلا أن النموذج إستمر بعض المناطق التي ستلعب دورا كبيرا بمحاولة إعادة هذا النموذج لواقعنا الشامل، الأمر الذي سيشهد صراعات و حروب كثيرة خلال القرن العشرين و بدايات القرن الحادي و العشرين، لاسيما بعد أن تحول هذا الصراع لسمة عالميّة.

و يعد هذي المقدمة التأريخية التي أراها ضروريّة، سأتحدث عن العَلمانيّة و منشأها و أسبابها، و دورها بمجتمعنا و الحاجة لنتبنيها و الإنتقادات بحقها. بالإضافة لتسليطي الأضواء على القوى الفاعلة لإرساء العلمانية و القوى الرافضة و المحاربة لها.


تعتبر العلمانية فكرة أوربيّة المنشأ، رغم أنها وردت بالفلسفة الهنديّة القديمة بنحو جوهري، إذ تبلورت في عهد التنوير الأوربي، و كان للفيلسوف الإنجليزي جون لوك دورا بارزا بالتأثير على عقول كثير من الأوربيين لتقبل فكرة العلمانية. العَلمانية عنت "الحكم الدنيوي" غربيّا، و أوردتها الترجمة العربي بالحكم العَلماني، أي ذاك الذي يعنى بأمور هذا العالم لا العالم الآخر حيث الجنة و النار. و أعتقد، شخصيّا، بأن الترجمة حرفية جدا و لا تخدم رؤيتنا للعَلمانيّة حقا، لاسيما و أن حرفية الترجمة قد جرّت النقمة العربيّة (شعبيّا) على العلمانية ككل.

عندما أسميت العلمانية بتسميتها أوروبيّا، فأنها عنت أن تشمل قيما لادينيّة (دنيويّة) و سلطة لادينيّة أيضا، من منطلق أن لوك قد حاور بأن البشر يولدون سواسية بالحق في الكرامة و المساواة و الحرية، و أنهم قادرين على إدارة أنفسهم بالقوانين التي تناسبهم، و وفق نظام سياسي يفصل بين السلطات الكثيرة التي قد تؤدي للإستبداد. أنتقلت العلمانية تدريجيا للعالم العربي بعد إكتشاف التراجع الحضاري الإسلامي، الذي عانى نكسة الخمول العثماني و نكسات الهجمات الصليبية و المغوليّة و العثمانيّة و الإستعماريّة لاحقا.

كانت المفاجأة مؤلمة للمثقفين العرب، بعد أن أكتشفوا أنه لم يعد هناك ترابط بين عرب العهد العباسي و مسلميه و بين عرب تنتشر بينهم الأميّة و التخلف و التقديس القبائلي لتقاليد قد تكون صحيحة أو لا، و غالبا ما لا تستند أو تعير أدنى أهمية للمنطق. كان التغيير ضروريا، و هكذا بزغ قادة و مثقفين عربا لخدمة هذا الواقع المتحلل و لبث العصريّة و الحداثة الإيجابية في المجتمع العربي، الذي أنتكس فتحول من مجتمع رائد إلى مجتمع هامشي.

هنا نحن بحاجة لتقسيم النهضة العربية لتيارين هما:

التيار الليبرالي المادي:

"و هو التيار الذي حاول دفع المجتمع العربي نحو الحداثة الأوربيّة بكامل معاييرها، دون الإهتمام للخصوصية الإجتماعية العربية و مدى تقبلها لهذا اللون الثقافي. و من أبرز هؤلاء المفكرين هو طه حسين بالإضافة لقاسم أمين و معروف الرصافي. كانت تطلعاتهم غير مرغوب بها لكونها إلحادية أو مناوءة للمجتمع، و هو الأمر الذي سيضر بسمعة العلمانية لاحقا".

التيار العربي النهضوي:

"هو التيار الذي قرر أن يتعامل مع الحضارة الأوربية بإنتقائية تلائم الوضع التأريخي العربي و تخدم مصالح الأمّة العربيّة. أبرز هؤلاء كانوا نخبة من الأدباء و الشعراء، ‘نطلاقا من الكاتب مصطفى لطفي المنفلوطي إلى الشاعر محمد مهدي الجواهري و مرورا بمفكرين سياسيين كصلاح البياطر أو ميشيل عفلق. ربما كان هذا التيار سبب الكثير من الوعي العربي و النهضة المحدودة التي أسفرت عن وحدة قصيرة بين سوريا و مصر، إلا أنه تيار تداعى بسنوات لاحقة تحت ضربات العدو الخارجي و تنامي التيار الشيوعي و ضده التيار الإسلامي الأصولي".


كانت الشيوعية قد أنتشرت في المجتمعات العربية، و لصدها فإن الكثير من التيارات الأصولية التكفيرية قد دعمت سعوديا و أمريكيا بغية القضاء على الفكر الشيوعي، خصوصا و أن شيوعيو ذاك اليوم كانوا ليبراليي الأمس الماديين أو أبنائهم. لقد شمل التكفير كل أنواع العلمنة، و أعتبرت الحكومات السعودية المتعاقبة فكرة العلمنة خطرا يهدد مملكتها القائمة مصالحها على النفوذ الديني السياسي، و هكذا بدأت رحلة تدمير و تشويه تعسفي ظالم للفكر العلماني، مؤاخذين كل العلمانيين بأخطاء و تطرف الشيوعيين، الأمر الذي أدى لضياع الفكر العلماني الحق بعد أن تحولت صورة العلماني لذاك الذي يمقت الدين و يعمل على زواله. و الواقع، فإن العلمانية لم تُنقل على أيدي الماديين و الملحدين فحسب، بل أنتقلت على أيادي كثيرين من الإصلاحيين الذين لم يرفضوا الدين و إنما رفضوا ممارسات لا تمت له بصلة قد ألصقت فيه بسبب التخلف و الأميّة.

لا يفوتنا بأن العلمانية الأتاتوركيّة التعسفيّة قد أسهمت كثيرا بتأصيل فكرة خطأ العلمانية في المجتمع العربي، أو ربط العلمانية بالتحلل و الإباحة كما يتصور البعض. ليس الأمر هذا أو ذاك، فالعلمانية التي نطالب بها (أو لأقل أطالب بها أنا وحدي إن لم يناصرني أحد) هي تلك العلمانية التي تعنى بالقضايا السياسية أولا. أي يمنع تأسيس أي حزب سياسي ديني أو طائفي، و لكن رجل الدين قادر على الدخول بعالم السياسة تحت أسم حزب قومي أو إيدلوجي مالم يكن دينيا أو طائفيا. و السبب هو كي يبقى الدين بعيدا عن توجيه الإتهامات ضده بحال حدوث خطأ سياسي ما.

لكن، يمكن للدولة العلمانية أن تستند على الدين بعض قوانينها الإجتماعية و الأسريّة، كإسناد الزواج بعقد شرعي يوقع عليه المتزوجان بالمحكمة أو معاينة المستجدات القانونية و الدستورية بشيء من الإهتمام للرأي الديني. أي، التواجد الديني مقبول في الأوساط التشريعية لما له من علاقة وثيقة بالمجتمع، و لكنه مرفوض عند الوصول للسلطة التنفيذية أو القضائيّة.


بالجانب الآخر، يحق للأديان أن تؤسس منظمات و روابط و إذاعات للوعظ الديني أو النشاطات الإجتماعية، فهذه الحقوق لا يجب أن تتنافى أو تتضارب مع علمانيّة الدولة السياسية، التي من ورائها يحمى الدين و لكنه لا يُمات. بالتأكيد، هناك هلمانيين يطالبون بعزل الدين و محاربته بكل الإشكال، إلا أن التأريخ علمنا بأن الآراء الوسطية هي التي يتقبلها الناس، و أن التطرف لا يجدي فتيلا على المدى الطويل.



07-12-2007, 08:35 PM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الردود في هذا الموضوع
العَلمانيّة من جديد - بواسطة السيّاب - 07-12-2007, 08:35 PM
العَلمانيّة من جديد - بواسطة love - 07-15-2007, 10:30 AM,
العَلمانيّة من جديد - بواسطة السيّاب - 07-15-2007, 05:59 PM,
العَلمانيّة من جديد - بواسطة Logikal - 07-15-2007, 07:33 PM,
العَلمانيّة من جديد - بواسطة فرناس - 07-17-2007, 12:39 AM,
العَلمانيّة من جديد - بواسطة ليلين - 07-19-2007, 06:15 AM,
العَلمانيّة من جديد - بواسطة السيّاب - 07-19-2007, 06:50 AM,
العَلمانيّة من جديد - بواسطة السيّاب - 07-19-2007, 08:16 PM,
العَلمانيّة من جديد - بواسطة فرناس - 07-20-2007, 09:51 PM,

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  انتاج لإله جديد وإسلام جديد، ليسا بدويين بالكامل arfan 3 1,393 06-23-2007, 05:06 PM
آخر رد: arfan
  تعيين عمر كرامي من جديد ..غباء سوري لبناني جديد أم تحدي لأمريكا..??? بسام الخوري 15 2,640 04-23-2005, 11:51 AM
آخر رد: بسام الخوري

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS