الأخ العزيز اوارفي .
كل تقدير .
عرض ممتاز كالعادة .
فقط أريد أن أؤكد أن خيارتنا لم تعد خيارات أيديولوجية بل يبدوا أنها لم تكن كذلك يوما ، إن محنتنا هي في صميم بناء المجتمع السياسي ، فنحن أشبه بمن يتجادل في ثوب العروس بينما ما لديه في البيت مجرد مسخ مجهول الهوية ، علينا أن نعود مرة أخرى إلى نقطة البداية ،فالخيار الحقيقي هو .. الدولة أو لا دولة ، إن نموذج الدولة القومية لم ينل العناية اللازمة ليس فقط من الجانب السياسي بل أساسا لم يلق ما يحتاجه و يستحقه من الدعم الثقافي ، على العرب أن يفيقوا من حالة الهذيان العقائدي و يدركوا أننا في الصميم لا نقارن بين دولة علمانية و دولة إسلامية ، فالنموذج الإسلامي ليس هو الدولة بل هو نموذج اللادولة بمعناها الحقيقي ، إن نموذج الدولة العقلانية يتم تدميره بلا رحمة في كل المجتمعات الإسلامية و إن كان ذلك بدرجات ، ربما كانت الصومال هي أول الدول العربية التي ارتكست إلى حالة ماقبل التاريخ ،و لكنه ليس منفردا فهل كانت أفغانستان طالبان دولة ،و هل لبنان حزب الله دولة و هل سودان الترابي و الجنجويد دولة وهل الكيان الفلسطيني الذي أنجب حماس في طريقه لإستكمال شكل الدولة أم فقد حتى شكل الدولة المحتلة ، هل العراق الآن دولة أم أكبر سلخانة معاصرة ، ثم ماهي الدولة التي يؤسس لها الإخوان في مصر وسوريا ؟، أين مشروع الدولة وكل ما تمخض عنه المشروع الإسلامي الموهوم مجرد ميليشات .. ميليشيات من عينة حماس و الجهاد و الجماعة الإسلامية و باقي المنظومة المؤمنة بالله و (و فقه الإستحلال !) .
في دولة حقيقية مثل تركيا أتاتورك العلمانية يمكن أن يأتي إلى الحكم حزب إسلامي النزعة و يمضي مثل غيره من الأحزاب و تظل الدولة قائمة ، بل ربما تضيف التجربة الإسلامية بعدا جديدا وبعض الرؤى التي تثري الحياة الحزبية ، أما في أشباه الدول العربية فحتى وصول أفضل العناصر المنفتحة إلى الحكم لن يمنع الكارثة الوشيكة ربما فقط سيؤخرها ، وحده إعادة بناء الدولة العربية على أسس علمانية سليمة يمكنه أن ينقذ السفينة الجانحة في الطين ،وهذا يبدوا مستحيلا في عالم من الضفادع التي لا تجيد سوى الهتاف و تقبيل يد صاحب أطول لحية على ناصية الطريق و لعن كل شيء فاضل و جميل .