يتحدث الزميل "جورو" عن ما يسميه "المذابح الشيعية بحق السنّة"، و أعلمك بأنني أتمنى بأن يكون ما تقوله صحيحا. لا طائفية ضد السنّة أو دموية، لكن كهزّة بجسد من ذبّحوا منذ 87 سنة. لو أن الشيعة قضوا على السنة كما يقول الضاري و من خلفه الجزيرة (قناة بيريز) و تقارير دولة بن باز المسعدنة، لما بقي سنيّ واحد بالعراق و لأبيدوا جميعا و قاطبة. لكن ما نراه هو تكاتف العشائر السنية بالأنبار و ديالى مع الحكومة، و ملاحقة الإرهابيين و السعوديين أينما حلّوا، و لو كانوا منكوحي الأعراض و مسفوكي الدم من الشيعة لما تكاتفوا مع قاتلهم. و تحولت عمليات المقاومة بقرى المساكين بجبال الحمرين و على قرى بائسة لا علاقة لها بشيء من قريب أو بعيد و لا تحمل ذنبا سوى أنها شيعيّة و مكفّرة من قبل إسلام مملكة السحاق و اللواط.


و الآن، برز من يدافع عن "نيوترال" و مع أنني لا أعرف الفتى، إلا أنه (على ما يبدو) "شغّال الله بعد الظهر" عند البعض و هذا لطيف، لكن السمج و الغير لطيف هو الإستهزاء بمأساة شعب بأكمله و بطوائفه و قومياته و سكّانه و تأريخه و حضارته، مقابل بضعة جرائم كلنا صار يعرف دور المخابرات المستفيدة فيهما من كل دولة لها أطماع بالعراق. و قد بلغت بنيوترال هذا أن يجرّد العراق من الحضارة، و ليت شعري إن فعلها فمالذي بقي له من ماء وجه بين الأمم؟

الحقيقة يا سادة و يا كرام، بأن الإنسان العربي مسيّر إعلاميا و مغسول الدماع، و أحسب أنني كتبت موضوعا عن هذا فيما سبق. حتى المدعي للحيادية و الإلحاد أو العلمنة و الوطنية، فأنهما يهويان في دوامة الحقد الطائفي اللامباشر غالبا. الحقد الذي يحوّل مجازر صدام و وحشيته الهائلة السافلة لمادة مقارنة مع جرائم لا تقارن بأفاعليه، علما أن السبعمائة ألف قتيل عراقي و عراقية خلال هذه السنوات الثلاثة هي إحدى جرائم صدام بحقنا، لأن كل ما يجري هو نتيجة تربية هذا المجرم لأجيال سافلة و سفّاكة للدم.


و أختتم كلامي بما أختتمت به موضوعي الذي أشرت له عن غسيل الدماغ العربي:


و يبقى العقل العربي، الإنسان العربي، الكيان العربي، الضمير العربي، المضارع العربي، يبقى حالة جامدة من كيان أسفنجي هش يتقبل أي رشح فكري أو درَن، و أعتقد بأن رحلة دفعه للكتاب و التحليل المنطقي هي رحلة بطولية، تستحق إعجابا أشد.