{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
قرأت لك
يجعله عامر غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 2,372
الانضمام: Jun 2007
مشاركة: #1
قرأت لك
من المقالات التي اعجبتني يمكن تعجب حد ويجعله عامر

الأقـــوال والأفعـــال
د. حسن حنفي

تجعل أحوال الأمة الدفاع عن الإسلام عند الدعاة صعبا للغاية. فما أكثر الاتهامات التي تقال علي الإسلام حاليا مثل الإرهاب، والعنف، والتخلف، والطائفية، والعرقية، ووضع المرأة، وحقوق الإنسان، ووضع الطفل والشيخ، والمجاعة، والجفاف، خلطا بين الإسلام والمسلمين، بين الدين وممارساته، بين نسق القيم والأوضاع الاجتماعية. وقد أصبح الدفاع عن الإسلام ودحض شبهات خصومه جزءا من أدبيات الحركة الإصلاحية. والغرب لا يعرف حجة القول بل حجة العمل. ولا يصدق المثال بل يري الواقع. فمهما قيل عن عظمة الإسلام وعالميته وإنسانيته وحريته وعدالته والغرب يري واقع المسلمين في الاتجاه المعاكس فإنه لا يصدق الدعاة. فالواقع أبلغ من التمنيات. والرؤية أقوي من السماع طبقا للمثل الشهير "أسمع كلامك يعجبني، أشوف أعمالك أستعجب". ويعرف الغرب أيضا حدود منهج الدفاع. فهو منهج انتقائي يقوم علي اختيار النصوص التي في صالحه دون نصوص أخري نقيضة. فإذا تحدث الداعية عن )لا إكراه في الدين( قدم له المستشرق الغربي آية السيف. وهو منهج نصي. يعتمد علي حجة السلطة وليس علي حجة العقل. ويغفل تحليل العلل وهي أساس الأحكام الشرعية. والمستشرق يحلل الواقع ولا يأبه بالنص، ويرصد العلل ويحيلها إلي جوهر الإسلام الثابت وليس إلي عوامل التاريخ المتغيرة. وهو منهج تاريخي. يستدعي من الذاكرة اللحظات المضيئة في التاريخ ويترك غيرها. فيأتي المستشرق الغربي وينتقي لحظات أخري في صفه ليثبت هجومه. والتاريخ مملوء بالشيء ونقيضه، دون تمييز بين القاعدة والاستثناء. وهو منهج أخلاقي يضع ما ينبغي أن يكون، وليس منهجا اجتماعيا يصف ما هو كائن. والمستشرق يصف الظواهر كما هي عليه ويحللها ولا شأن له بما ينبغي أن يكون. فهو لا ينتسب إلي الحضارة الإسلامية كمثال، ولكنه يدرسها كواقع. وبقدر ما يستعمل الداعية خطاب الوعظ الديني يستعمل المستشرق التحليل الاجتماعي. وفي النهاية تكون حجة الواقع أبلغ من حجة النص. ويكون التحليل العلمي أقوي من الوعظ الأخلاقي. ويضيع كل الوعظ الأخلاقي في القنوات الفضائية إلي الهواء كما بدأ منه. ولا يبقي إلا العلم.
والأمثلة علي هذا التقابل بين أقوال الداعية وواقع المسلمين كثيرة.
يكثر الداعية بأن الإسلام دين السلام وبأن دماء المسلمين وأموالهم وأعراضهم حرام عليهم، وأن من قتل نفسا فكأنما قتل الناس جميعا، ومن أحيا نفسا فكأنما أحيا الناس جميعا، وأن لفظ "الإسلام" ولفظ "السلام" من نفس الاشتقاق. ومع ذلك تسيل دماء المسلمين، ويقتتلون فيما بينهم. وتنفجر القنابل في المساجد في العراق وباكستان، ويقتتل السنة والشيعة. وما أكثر الحروب الأهلية عند المسلمين في لبنان والجزائر. وما أكثر معارك الحدود بين دولهم، بين الجزائر والمغرب. وقد غزا العراق الكويت. واقتتل اليمنيون فيما بينهم. وأبرز الغرب الصراع بين العرب والأفارقة في دارفور، وكلاهما مسلمون. ووضع مع ذلك المقاومة في العراق التي تقتل العراقيين، والعمليات الاستشهادية في فلسطين. ويختلط الحابل بالنابل دون تفرقة بين الإرهاب والمقاومة، بين العراقي الوطني والعراقي العميل المتعاون مع الاحتلال. وفي حالة غياب رابطة الأخوة في الأمة فإنها تجد هويات بديلة وعرقية وطائفية وقطرية تسبب هذه النزاعات طبقا للمبدأ الاستعماري القديم "فرق تسد".
ويتحمس الداعية، ويصول في مبادئ العدالة الاجتماعية في الإسلام مثل الزكاة، والمشاركة في الأموال، وحق الفقراء في أموال الأغنياء، والملكية العامة للركاز أي ما في باطن الأرض غير المنقول مثل المناجم بما في ذلك النفط، ونظرية الاستخلاف، وأن ما لدي الإنسان وديعة، له حق الانتفاع والتصرف والاستثمار، وليس له حق الاكتناز والاحتكار والاستغلال. ويستدعي من الذاكرة التاريخية أبا ذر الغفاري وموقفه من عثمان في قضية توزيع الثروة، وعمر بن الخطاب وثوبه القصير، وتحريم السمن علي نفسه عام المجاعة، وسيرة عمر بن عبد العزيز، وقول الامام علي (ع) (عجبت لرجل لا يجد قوت يومه ولا يخرج للناس شاهرا سيفه)، وما كتبه سيد قطب في "العدالة الاجتماعية في الإسلام"، ومصطفي السباعي في "اشتراكية الإسلام". وفي نفس الوقت يري المستشرق حال المسلمين والتباين الشديد بين الأغنياء والفقراء، وتراكم الثروة في شبه الجزيرة العربية، والفقر والمجاعة في جنوب السودان ومالي وتشاد وبانجلادش، والملايين المهددة بالموت من القحط والجفاف نساء وأطفالا وشيوخا، وانتظار مساعدات الكنائس وهيئات الإغاثة الدولية.
ويتحدث الداعية عن الحرية في الإسلام، وأن الإسلام دين الحرية، وأن "لا إله إلا الله" إعلان للحرية، رفض آلهة العصر المزيفة بفعل "لا إله"، ثم إثبات حرية الضمير في "إلا الله". وتـُستدعي من الذاكرة التاريخية قولة عمر لحاكم مصر "متي استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا؟". وتذكر آيات )لا إكراه في الدين(، )ومن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر(. ويري المستشرق والغرب كله معه وأجهزة الإعلام استعمال قانون الردة ضد المفكرين والباحثين والكتاب، والتفريق بينهم وبين زوجاتهم، وإصدار الفتاوي بقتلهم، وهروبهم من أوطانهم إلي الغرب، ينعمون بحرية الفكر والبحث والتعبير. وفي التقارير الدولية عن حالة حقوق الإنسان، تظهر الدول الإسلامية في مقدمة الدول التي تخترق فيها هذه الحقوق بالسجن والتعذيب والاعتقال للصحفيين والأدباء والمفكرين.
ويتحمس الداعية في رؤية الإسلام لتعمير الأرض، وتنميتها، وتحويلها من رمال صحراء إلي حدائق غناء، ومن هشيم أصفر تذروه الرياح إلي خضرة تهبط عليها الماء وتنبت من كل زوج بهيج. فقد خلق الله الإنسان في الأرض واستعمره فيها. وسخر له كل شيء فيها، الفلك، والأنعام، والمعادن والطير والأسماك والهواء والنار لصالحه. ويري الغرب بعينيه أن البلاد الإسلامية في أفريقيا وآسيا هي قلب الدول المتخلفة، تعتمد في غذائها علي الخارج. وترتهن إرادتها الوطنية بسبب المعونات الأجنبية خاصة القمح. ديونها الخارجية وعجز ميزان مدفوعاتها بالمليارات. تستورد أكثر مما تصدر. ولا تمثل إلا أقل القليل في التجارة العالمية. ولديها الأموال والأرض والمياه والسواعد والعقول كي تصبح سلة العالم للغذاء، ولكن معظم شعوبها تعيش تحت خط الفقر أو فوقه بقليل.
ويبرز الداعية عالمية الإسلام وإنسانيته، وأن الرسول قد بعث للأسود والأحمر، وأنه هداية للعالمين. فالإسلام آخر الديانات، والرسول خاتم الأنبياء، والكل لآدم وآدم من تراب، والإسلام دين الفطرة، وأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه. لا يفرق بين الأجناس والألوان، والشعوب والأقوام. ثم يري الغرب في الواقع النزعات العرقية والطائفية. ويتخصص بعض المستشرقين في إبراز الرق في الإسلام خاصة في أفريقيا. ويبرز علماء اللغة معاني "العبد" و"البربري" في اللغة التداولية. وتصبح قضية دارفور عنوانا للمسلمين دون ذكر لنضال المسلمين في جنوب أفريقيا ضد نظام التفرقة العنصرية أو بلال الحبشي وصهيب الرومي، وسلمان الفارسي من صحابة الرسول، وأن العروبة هي اللسان وليست العرق.
ويبين الداعية تحريم موالاة الأجنبي، وأن المسلمين )أشداء علي الكفار، رحماء بينهم(، وأن اليهود والنصاري لن ترضي عن المسلمين حتي ولو اتبعوا ملتهم. ويري الغرب في الواقع موالاة المسلمين للأجنبي علي حساب الوطني. نظمهم السياسية تابعة للغرب، خاصة الولايات المتحدة الأمريكية. القواعد العسكرية الأجنبية علي أرضهم ومدنهم، وفي بحورهم وموانيهم. يحاربون معه إخوانهم في الدين، وعاجزين عن مناصرة إخوتهم في فلسطين والعراق وأفغانستان والشيشان وكشمير. وضاع منهم استقلالهم الوطني الذي طالما ناضلوا من أجله. وفضلوا التبعية علي الاستقلال.
ويفخر الداعية بأنهم خير أمة أخرجت للناس، وبأن الله جعلهم شهداء علي جميع الأمم، وجعل الرسول عليهم شهيدا. في حين يري العالم أن الأمم الغربية هي صانعة التقدم، وأن مجموعة الثمانية تسيطر علي 80% من تجارة العالم، وأن العولمة في المركز الغربي، والمسلمين في الأطراف. وفي تصنيف شعوب العالم في العلم والصناعة والعمران تأتي الدول الإسلامية في آخرها.
ولا تنفع الحجج بأن ذلك هو مصير كل الحضارات. فقد تحولت المسيحية من المحبة إلي العدوان، ومن المغفرة إلي الهيمنة، ومن ملكوت السماوات إلي ملكوت الأرض. كما تحولت اليهودية من رسالة الأنبياء موسي واسحق ويعقوب إلي دعوة صهيونية لهرتزل وجابوتسكي، ومن طاعة للتوراة إلي عصيانها. بل إن هذا أيضا مصير الشعوب في ثوراتها. وشتان ما بين الآباء المؤسسين لأمريكا وبين المحافظين الجدد في البيت الأبيض. وقد تحولت الثورة الفرنسية من الحرية والإخاء والمساواة إلي الإرهاب. كما انقلبت الثورة الاشتراكية في روسيا إلي نظام شمولي قهري. قد يكون هذا هو المصير الإنساني، من الوجود إلي العدم، ومن البقاء إلي الفناء، ولكن هيهات من يسمع ومن يقتنع، والواقع مرئي للعيان. وأفضل وعظ للمسلمين هو تغيير أحوالهم حتي يتطابق واقعهم مع مثالهم. هنا لا تحتاج الأمة إلي دعاة بالقول في الفضائيات بل إلي فلاحين في الحقول، وعمال في المصانع، وعلماء في الجامعات، حينئذ لا يُقال عنا: رأيت في الشرق مسلمين بلا إسلاماً، ورأيت في الغرب إسلام بلا مسلمين
07-31-2007, 02:44 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الردود في هذا الموضوع
قرأت لك - بواسطة يجعله عامر - 07-31-2007, 02:44 AM
قرأت لك - بواسطة إبراهيم - 07-31-2007, 03:39 AM,
قرأت لك - بواسطة إبراهيم - 07-31-2007, 03:46 AM,
قرأت لك - بواسطة إبراهيم - 07-31-2007, 03:56 AM,
قرأت لك - بواسطة إبراهيم - 07-31-2007, 07:08 AM,
قرأت لك - بواسطة ناصر الدين - 07-31-2007, 08:59 AM,
قرأت لك - بواسطة إبراهيم - 07-31-2007, 03:36 PM,
قرأت لك - بواسطة ناصر الدين - 08-01-2007, 07:24 AM,
قرأت لك - بواسطة طنطاوي - 08-01-2007, 08:22 AM,
قرأت لك - بواسطة ناصر الدين - 08-01-2007, 02:35 PM,
قرأت لك - بواسطة إبراهيم - 08-01-2007, 09:29 PM,
قرأت لك - بواسطة Cloudysky - 10-12-2007, 12:32 PM,
قرأت لك - بواسطة الحر - 10-12-2007, 02:03 PM,

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  إذا كنت قد قرأت كتاباً "دسماً" في الأنثروبولوجي..من فضلك ضعه هنا Narina 10 4,961 12-27-2010, 04:45 PM
آخر رد: Narina
  قرأت 50 كتاب في كتاب واحد فقط واروع كتاب على الاطلاق faith-leo thursday 4 6,800 08-14-2010, 01:13 AM
آخر رد: بسام الخوري
  قرأت لكم قصيدة رائعه روح الفكر 2 820 11-04-2007, 10:10 AM
آخر رد: الطبيب عبد الله
  قرأت لي ولك يجعله عامر 11 2,100 07-26-2007, 11:19 PM
آخر رد: الحر
  مرحبا بكم في قرأت لك discovery2 25 4,364 07-17-2007, 03:18 PM
آخر رد: عزيز جوهر

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS