أخي العزيز طوزي:

أعجبني ردك جداً وهو رد يدل على أنك مثقف ومضطلع وعلى دراية بالأمور وأشكر على التوضيح فيما التبس. تقول مشكوراً:

Arrayدراسة الأديان تفترض منهجا أناسيا موضوعيا أو ظواهريا يبتعد ( مع نسبية الطرح ) عن التقييمات الإسقاطية الإيمانية أو الثقافية المتأزمة أو الرهابية التآمرية، بمعنى ما هو لقاء معرفي، و في ما يخصني، لقاء جمالي مع اتجاه ثري في مستوى المبادئ و الدلالة و الأسلوبية، و لن أضحي بكلّ هذا لمجرد انتمائية ساذجة...
[/quote]

في كل ما أسلفت قلت قولاً جميلاً. ولكن .... أضفت عبارة مثل "ولن أضحي بكل هذا لمجرد انتمائية.....". فهم الدين لا يكون من خلال حكم الانتمائية أو عدمها ولكن هناك فعلا ديانة إسمها اليهودية وبعيداً عن التصعيدات السياسية ولا ذنب لها في نعوم تشومسكي ولا ذنب لها في كل هذه القضايا السياسية. هذه الديانة يمكن أن نعرف عنها الكثير من حاخامات اليمن مثلا وهم في بدواة قحة جميلة ولكنهم عرب يمن يهود. هذا معتقدهم ويقدرون أن يصوغونه بعباراتهم وهم يتكلمون ونحن نسمع... وبعيداً عن تعقيدات العلوم السياسية وشاحاك وكل هؤلاء الخبراء والذين لهم تخصصهم الجميل ولكنه لا شأن له بدراسة الأديان يا صديقي.

أيضا، معرفة الأديان ليست بالضرورة قضية معرفية إبستمية. بصراحة لا أميل لهذا الاعتقاد. معرفة الأديان قضية تعلن عنها الأديان وكل واحد له أن يحدد بضاعته بالكيفية التي يريد وهنا نستخدم آلاتنا المعرفية إن شئنا في القراءة وسنختلف في القراءات وتتعدد القراءات والتآويل تبعاً لذلك. هناك طبق كسكسي لمتعة النظر وهههههههه اللسان.. لا يتحمل أكثر من ذلك. تلك هي الأديان. الأديان طبق كسكسي نأكله في ساعة عصاري وننتشي به. لا تحتاج للتأويل التي قد يقدمها لنا خبراء العلوم السياسية مثل تشومسكي أو شاحاك. عمل تشومسكي مشكور عليه ويشكر ونقبل يديه عليه ولكن ليس منه نأخذ مجال دراسة الأديان.

من جهة الرغبات الإقتصادية لتشويه الإسلام فأراها تفتقر إلى الدافع السليم ولكن إن كان العالم كله تحكمه لغة الإقتصاد فالدين آخر ما يهمه ولا يقدم الدين قريب أو بعيد في مصائر الأمم. طبق الكسكسي للأكل ولكنه لا يحسم اقتصاد الشعوب. لك أن تنظر إلى أمة الإسلام في الوطن العربي وتسأل نفسك: هل فعلا حرصوا دوماً على أن يظهروا بمظهر من يعيش ضمن المجتمع الدولي؟ أفرح كثيراً عندما أجد مغربي أو جزائري ويتمتع بفكر عالمي ولا يهمني دينه أو عدم دينه. هذه مسألة شخصية. المهم معاملته الأنيقة. كل الناس تقول يا رب. ليست هذه هي القضية.

وأحلى تحية لك صديقي الأمير وشكرا على فرصة الحوار. (f)