لا أعتقد أن الموضوع يعالج بالتهوين، كما لا يعالج بالتهويل...

ظاهرة التشيع منتشرة، وحساسيتها لا في كونها تخترق حصن بني أمية التاريخي كما يتوهم بعض السنة والشيعة، فذلك لغو لا قيمة له في نظري لأن الشام ستبقى وفية للأمويين، كما ستبقى النجف وكربلاء وقم وفيات لأئمة آل البيت الأطهار...

عمل أي من السنة داخل النطاق الشيعي له من الحساسية ما لعمل الشيعة في عاصمة معاوية وآل مروان!

في طهران يمنع أهل السنة وهم يمثلون ثلث السكان من إقامة صلاة الجمعة في مسجد يمثلهم، وعليهم أن يصلوا في حسينيات الشيعة ويحضروا الجمعة التي يختلف الشيعة أنفسهم في وجوبها بغيبة الإمام، ويؤدونها بطقوس تختلف مع طقوس السنة في صلاة الجمعة، وفي منبر عام تحتشد فيه صور قادة الثورة الإيرانية، الأمر الذي يستنكره السنة في منابرهم الدينية لأنهم يفسرون قوله سبحانه: (وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا) تشمل من باب أولى عدم رفع صورة في المسجد لأي شخص حتى ولو كان الرسم لسيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم بله الإمام علي كرم الله وجهه، فضلا عن صورة الخميني وخامنئي!!

هذه الإشكاليات لها حساسيتها عند المسلم السني، ومع هذا فلم تحترم رغبته بإقامة صلاته بالطريقة التي يصوبها مذهبه، بل ذكر القرضاوي أنه حين راجع الإيرانيين بضرورة السماح لثلث الشعب من أهل السنة في إيران بإقامة صلاة الجمعة في بلدهم طهران كما هو مسموح لليهود أن يؤدوا طقوسهم في معابدهم الخاصة، قيل له: هذه منابرنا تقام فيها الجمعة، فليحضروا لصلاتنا أم أننا كفار؟!

حسنا..
الشيعة في سورية بحسب التقرير الذي استشهد به الزميل شهاب يصلون لـ2% نقلا عن السي إن إن، ومعلوماتي الوثيقة أنهم أقل من 1% بحسب دراسات أدق علميا من دراسة السي إن إن، ألا وهي رسالة الدكتوراة لفان دام التي ذكرت أنهم نصف بالمائة..

أنا مع احترام حقوقهم، ومساواتهم في المواطنة أسوة بكل الأقليات الموجودة، بل هم أقرب دينيا من كل هؤلاء، ولكن...

حين يقال بأن التشييع ظاهرة مدعومة من إيران، ومفسوحة من النظام السوري بشكل أو آخر، فهذا لا يعني أنني ضد ممارسة الأقليات لحقوقهم كاملة غير منقوصة

هذا من جهة

من جهة أخرى وفي مؤتمر الدوحة للتقريب قال الشيخ القرضاوي موجها كلامه إلى آية الله محمد علي تسخيري الأمين العام للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب في إيران: «لا يجوز أن يحاول مذهب نشر مذهبه في بلاد خالصة للمذهب الآخر». وتساءل: «ماذا ينفعكم أن تدخلوا بلداً سنياً مثل مصر أو السودان أو المغرب أو الجزائر وغيرها من بلاد خالصة للشافعية والمالكية... وأن تحاولوا أن تكسبوا أفرادا للمذهب الشيعي؟... هل ستكسبون 10 أو 20 أو 100 أو 200 لكن بعد ذلك تنجزون فتنة في البلد، وسيكرهكم الناس ويلعنونكم بعد ذلك» ، كلام القرضاوي شديد المنطقية ومن رجل قضى سنوات طويلة من عمره ينافح عن التقارب المذهبي وهو مبرأ من أي شبهة غلو مذهبي أو كراهية للآخر ، أيضا في نفس المؤتمر تحدث المفكر الإسلامي السوداني ووزير الأوقاف السابق الدكتور عصام البشير ، وهو حاليا الأمين العام لمركز الوسطية ، تناول الموقف نفسه وأثار موضوع توزيع كتب لمراجع شيعية في معرض الكتاب الأخير في السودان، وتساءل عن مغزى ذلك في بلد كل أهله من السنة. ودعا مراجع الشيعة إلى اتخاذ إجراءات عملية لمنع الكتب التي تتناول الصحابة بالسباب والشتائم ، ونبه إلى ضرورة صدور فتاوى منهم في هذا الشأن ، هذا الكلام وما سبقه شديد الوضوح ،

ما معنى قيام الجمهورية الإيرانية بنشر كتب في معارض القاهرة ودمشق الدوليين للكتاب تهاجم الصحابة وتسب في أهل السنة ورموزهم وتاريخهم ودولهم وتدعو إلى التشيع الصريح.

ما معنى أن تقوم المؤسسة الدينية الإيرانية وتحرك "رجالها" هناك من أجل إنتاج هذه الكتب وشحنها إلى بلادنا وعرضها للبيع برخص التراب وأحيانا توزع مجانا على المسلمين السنة"

وما معنى احتضان إيران لشخصيات مصرية وتونسية ومغاربية وسورية تشيعت وإمدادها بالمال والكتب والاستقبالات المبهرة في طهران وقم لكي تعود تنشر سمومها وأحقادها على كل ما ينتمي للسنة في الصحف المصرية والسورية والسودانية وتتباهى المواقع الشيعية الإيرانية والخليجية وهي تنشر صورهم في احتفالات قم وغيرها محتضنين رموز الشيعة الإيرانيين!

هل هذه الجهود هي التي تصنع الألفة بين المذاهب الإسلامية؟

وهل هذه النشاطات هي التي تعزز التضامن أم أنها هي التي تخدم مخططات أعداء الأمة من أجل تعزيز الفرقة؟

ألاتساهم هذه النشاطات في تفتيت المنطقة وبث روح العصبية المذهبية فيها وتهييج الخواطر ، بدون أي معنى؟

بل ألا نرى حين تتفاقم هذه الظاهرة وتتطور إلى ما وصل إليه الحوثيون في اليمن أن هناك مشروع خطير يتهددنا سياسيا واجتماعيا ولا أقول دينيا، فذلك الهم لا يحرك الكثيرين هنا!

من مصلحة الجميع أن يحترم خصوصيات الآخر، بمعنى أنه لا ينبغي للسني أن يقتحم النجف الأشرف وكربلاء وقم ليبشر بسنيته، ولا يقبل من الشيعي أن يقتحم مناطق سنية ليبشر بعقيدته مهما كان مردود هذه الدعوة

هناك مناطق فراغ ديني كأدغال أفريقيا وكمعظم أوربا وأمريكا، هناك لادينيون هم أكثرية الشعب، أو بدائيون لا تجمعهم ديانة ولا لغة ولا ثقافة، فلنتحرك كلينا صوب هؤلاء، وهنا فلن نثير حساسية الأفارقة ولا الأوربيين، وحيث كانت الحساسية فلنبحث عن بديل

وحين نقول لا يقبل ولا يصح إنما نقصد التقريب والوحدة، فمناطق التماس تفرق ولا تقرب! انظر لساحة عقائد وأديان في النادي، فيها كل شيئ إلا الحوار!! لماذا؟ لأن فيها هذا المختلف يناقش أخص الخصويات حساسية وغيرة...


على كل لست في وارد التوسع بالحديث عن آثار الظاهرة سلبا على وحدة الصف المسلم، والتحريض الطائفي، والشحن والقطيعة الاجتماعية وصولا للحالة العراقية لا سمح الله

فقط أنا أتوقف عند التشكيك بالعملية التي وصلت للمغرب العربي ونيجيريا وموريشوس، بينما بعضنا ينكر أنها موجودة في الشام؟!!

ومع رفضي لمصطلح (محمدي) الذي يستخدمه عوليس، لأن محمد في نظرنا بشر مثلنا يوحى إليه (قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إليه) وصديقنا قال قبل ألف وأربعمائة عام: من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت، فنحن عبيد لله وحده، ومسلمون خاضعون له (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل) صلى الله عليه وآله وسلم..

أقول للجميع، التشيع محور المشروع الإيراني، والثقافة الإيرانية بعموم في لغتها وفنها وطبخها وأزيائها خدم له، ونحن لا يمكن أن نتخذ من مفردات الثقافة غرضا نرمي نبالنا استهدافا له، فالحكمة ضالة المؤمن، كما أننا لا نعزل الثقافة ومفرداتها عن محور المشروع، فنتفهم بهذا حقيقة الدفع الإيراني لاختراق الساحة العربية
واسلموا لود واحترام:redrose: