سألني أحد يوما إن كنتُ سأربي إبني على الدين. قلت له إني لا أرى ضرورة لذلك. فقال، "و هل سيتربى ابنك بدون أن يتعلم محبة اللـه له بتضحية المسيح؟"

نعم. لن أعلم ابني "محبة اللـه" و "تضحية المسيح". أنا أرفض أن أنثر في عقله الصغير هذه السموم الخرقاء. لماذا ألوث تفكيره بالفكرة المرعبة التي مفادها أن هناك بعبعا سماويا سوف يلقيه في جهنم الى اخر الدهر، و لكن هذا البعبع "يحبه"، و لكنه لا يقدر أن يسامحه عن خطاياه (وأي خطايا تستحق؟؟؟) و لذلك فهذا البعبع، مثال الأبوة و المحبة و التسامح، لا يمكنه أن يسامح أحدا بدون أن ينحر ذبيحة و يطرطشنا بدمها كي "يغسلنا" من خطايانا. و من كَثرة محبة هذا البعبع لإبني، قرر أن يرسل ابنه منتحرا على صليب.

من سخرية الأقدار أن المسيحيين المتحضرين المحبين المتسامحين ينتقدون المسلمين بسبب فكرة العمليات الانتحارية، بينما هم دينهم مؤسس من أساسه على فكرة العملية الانتحارية التي قام بها إلههم من أجل انقاذهم. طبعا الفرق الطفيف هو أن إلههم حين انتحر، لم يقتل أحدا معه، و لكن هذا الفرق يختفي حين نلاحظ أن كل من لا يقبل و يؤمن بهذه العملية الانتحارية، سيقضي بقية الدهر في عذاب مستمر.

المسيحية كالطين المغطى بالثلج الناصع، فلو ذاب الثلج، بان الطين تحته. الثلج هو رسالة المحبة و المسامحة، و تحته رسالة الذبيحة التي ترضي الإله و العذاب الازلي لكل من لا يرضى بهذا الكلام.

ماذا سأقول لابني اذن؟ أن المسامحة الحقيقية لا تقتضي ثمنا، و المحبة الحقيقية لا تهدد من لا يتفق معنا بالنار او بغيرها، و الإنسان أفضل من "رقع خرقاء" كما يقول الانجيل و لا يستحق أن يقضي حياته ضاربا صدره بقبضة يده صائحا لآلهة خيالية كالمجنون، "ارحمني أنا الخاطئ" فهو انسان و ليس عبدا. لن يحتاج أن "يشرب" دم أحد و لا أن "يأكل" جسد أحد، فهذه رموز بشعة لا تنتمي الى الانسان المتحضر بل الى وحوش الادغال.