{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
مقارعة أسد دمشق: المعارضة السورية ونظام الأسد
إسماعيل أحمد غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 1,521
الانضمام: Dec 2001
مشاركة: #3
مقارعة أسد دمشق: المعارضة السورية ونظام الأسد
مكاسب المعارضة العلمانية:

أحست المعارضة العلمانية أن تغييراً قد حصل بعد خطاب بشار الأسد في 17 /7 /2000. لامس الخطاب كافة مشاكل المجتمع السوري: تباطؤ التنمية، دور المواطنين، الشفافية السياسية والاقتصادية، الديمقراطية، الإصلاح الإداري، التعليم، وتهيئة سوريا للقرن الحادي والعشرين. لامس المواضيع التي تجاهلها أبوه لأكثر من عقد من الزمن: إذ ركز حافظ الأسد على السياسة الخارجية. إن مجرد ذكر بشار للمشاكل المحلية كان خطوة مهمة.

يدل تحليل الخطاب على مدى مراوغة بشار في الأمور المهمة التي أثارها. قال الرئيس الجديد عن الديمقراطية: إلى أي مدى نحن ديمقراطيون؟ وما هي مؤشرات غياب الديمقراطية؟ هل هي في الانتخابات أم في الصحافة الحرة أم في حرية الكلام أم في الحريات والحقوق الأخرى؟ إنها ليست أي منها لأن جميع هذه الحقوق وغيرها ليست هي الديمقراطية، بل بالأحرى هي ممارسات ديمقراطية... نحن لا نستطيع أن نطبق ديمقراطية الآخرين على أنفسنا. الديمقراطية الغربية مثلاً هي محصلة تاريخ طويل أنتجت أعرافاً وتقاليد ميزت الثقافة الحالية للمجتمعات الغربية... يجب أن يكون لدينا تجربتنا الديمقراطية والتي هي استجابة لحاجات مجتمعنا ومتطلبات واقعنا. عن الشفافية قال: "لا شك أن الشفافية شيء مهم وأنا أدعم مثل هذا المسعى، ولكن من خلال فهم ملائم للتعبير والأرضية التي يمكن أن يبنى عليها.

لم يتكلم بشار الأسد عن كيفية تطبيق مبادئ الديمقراطية والشفافية على الحكم السوري وبالأحرى ركز على معاني الكلمات. استعمل الأسد الكلمات المعروفة في السياسة الدولية في القرن الحادي والعشرين ولكنه ركز على الحذر في تعريفها وسياقها.

اعتقد العديد من أولئك الذين عارضوا نظام حافظ الأسد بشدة، أن الرئيس الجديد قد يغير النهج. فقد رأى النشطاء والمعارضون،والذين ناضلوا لسنين،انفتاحاً في تنصيب الرئيس الجديد إلى أن تخلصوا من هذه الفكرة بعد أقل من سنة من ذلك الخطاب البكر.

ربيع دمشق و بيانات الـ 99 و 1000: ما بين صيف 2000 و 2001 وفي حركة تعرف اليوم بربيع دمشق، شهدت سوريا ازدهاراً في التعبير والتجمع والعمل السياسي لم يعرف منذ الخمسينيات. قاد الحركة مجموعة من الرجال في الستينيات والسبعينيات من العمر، اختبروا قمع الحكومات السورية المختلفة في السجن وخلال التحقيق معهم من قبل المخابرات وقوات الأمن. هؤلاء الأفراد شهدوا سوريا في الأربعينيات والخمسينيات عندما كانت تنبض بالحركة السياسية والتغيير وعندما كان التنظيم في أحزاب سياسية ممكناً. انضم الجيل الأصغر المولود في الخمسينيات إلى الحركة أيضاً. لقد أصبحوا راديكاليين نتيجة هزيمة العرب أمام إسرائيل في حزيران 1967 ورفضوا القومية العربية لصالح الشيوعية والعقائد الأخرى.

ظهرت بوادر ربيع دمشق قبل أيام من موت حافظ الأسد في حزيران 2000 عندما نظم الصحفي والناشط المدني المعروف ميشيل كيلو لقاء للكتاب والناشطين والفنانين في منزل المخرج نبيل المالح، وتطور اللقاء إلى لجان إحياء المجتمع المدني (CRCS) والتي تستمر في عملها إلى اليوم. بدأت كمجموعات حوار بهدف إنعاش الحراك الثقافي والديمقراطي في سوريا.

تبع ذلك منتديات أخرى. حالما بدأت لجان إحياء المجتمع المدني أسس عضو البرلمان رياض سيف منتدى الحوار الوطني، وهو مجموعة حوار سياسي تلتقي أسبوعياً في منزله في دمشق.

لربيع دمشق وقادته الفضل في إنجازين وضعا الاتجاه العام للمعارضة خلال ولاية بشار الأسد. الأول كان الاستخدام الفعال للبيانات العامة في الإعلام. ففي أيلول 2000 أصدرت "الحياة"،الصحيفة اليومية العربية في لندن،البيان الموقع من قبل 99 مثقفاً ومعارضاً وناشطاً مدنياً سورياً وطالب بـ: • إنهاء حالة الطوارئ المعمول بها منذ 1963 • العفو عن المعتقلين السياسيين • ضمان الحريات العامة • وتحرير الحياة العامة من القوانين المقيدة

و في حين كان بيان الـ99 عبارة عن صفحة واحدة مقتضبة، كان بيان الألف الصادر في كانون الثاني 2001 والموقع من قبل ألف معارض أكثر طموحاً وتفصيلاً. أدان البيان حكم الحزب الواحد وتهميش المجتمع المدني وتضمن ثماني نقاط: • إلغاء قانون الطوارئ • حرية الصحافة • قانون انتخابات ديمقراطي • قضاء مستقل • حقوق اقتصادية لجميع المواطنين • إعادة تقييم للجبهة الوطنية التقدمية الموالية للنظام. • القضاء على التمييز ضد المرأة والمشترك في هذه المطالب هو الدعوة إلى المشاركة الديمقراطية ودور المواطن السوري.

النص الأصلي على صفحة الشفاف الإنكليزية: http://www.middleeasttransparent.com...e=1396&lang=en هاجم بيان الألف بشدة نظام الحزب الواحد الذي ركز السلطة في يد نخبة طائفية صغيرة وتوزيعها على الموالين المقربين والموثوقين. وفي حين تحدث بيان الـ99 في العموميات قدم بيان الألف نفسه كطريق للإصلاح.

أثبت البيانان كم يمكن أن تكون قوة البيانات العامة والإعلام. في عام 2000 دخلت الإنترنت بصعوبة إلى سوريا ولكن إصدار البيانات إلى الإعلام العربي كان أداة فعالة لإيصال رأي المعارضة. وحالما أصبحت الإنترنت منتشرة بشكل واسع استخدم أعضاء المعارضة المواقع الالكترونية والبريد الالكتروني لنشر رسالتهم. ومع أن السلطات السورية حجبت بعض مواقع المعارضة داخل سوريا، اعتمدت مجموعات وأفراد مختلفون على البريد الالكتروني كوسيلة أساسية للاتصال بمن هم خارج سوريا.

لم تبد الحكومة السورية أية استجابة لبيان الـ99 و لكن نشر بيان الـ1000 أنذر بنهاية ربيع دمشق. في نهاية كانون الأول دعا رياض سيف إلى تشكيل حزب سياسي مستقل هو حركة السلم الاجتماعي. لم يستطع النظام تحمل تلك الحركة، واعتبارا من شباط 2001 بدأ باعتقال ومهاجمة أعضاء المعارضة.

منتديات الحوار: كانت منتديات الحوار القطب الثاني لحركة ربيع دمشق. بعد أن تأسست لجان إحياء المجتمع المدني ومنتدى رياض سيف للحوار الوطني في صيف العام 2000، ظهرت منتديات للحوار السياسي في كل مدينة وبلدة رئيسية في سوريا، ولعبت دوراً أساسياً في التثقيف السياسي وفي تجميع الناس. إن عهد ما بعد أحداث حماة قد أقفل الجدل والحوار في سوريا. وخلال الثمانينيات و التسعينيات كانت السياسة قطاعا محتكرا من الحكومة. إن الافتقار إلى الحوار السياسي خلال تلك الفترات بالإضافة إلى احتكار حزب البعث لجميع مجالات الحياة خنق كل أنواع الحوار والنقاش السياسي وغير السياسي. علق أحد المثقفين، والذي باشر بمجموعة حوار في عام 1996 للطلاب السوريين، بالقول إن السوريين لم يعرفوا كيف يفكرون عن أنفسهم وكيف يأخذون زمام المبادرة أو كيف يتناقشون ويطورون أفكارهم. بعد 34 سنة من حكم البعث توقف الناس عن استيعاب ماذا تعني المشاركة السياسية أو حتى كيف تكتب عن السياسة. وقد سمحت مجموعات الحوار للناس بإبداء آرائهم في جو بدا أقل تهديدا منه قبل عام 2000.

إن جمع الناس في مناطق مختلفة من سوريا كان إنجازاً هاماً لمنتديات الحوار. وبالرغم من تجاهل الإعلام السوري لمنتدى سيف إلا أنه اجتذب الإعلام العربي ولقد عرض على قناة الجزيرة.

المنتديات الأخرى تضمنت منتدى الكواكبي الذي سمي باسم عبد الرحمن الكواكبي المفكر السوري الذي نادى بالنهضة العربية، ومنتدى طرطوس للحوار الوطني الديمقراطي والذي تزعمه حبيب صالح (اعتقل مؤخراً وأمضى خمسا من السنين الستة الماضية في السجن)، ومنتدى جلادت بدرخان على اسم الناشط الكردي وتزعمه مشعل تمو في القامشلي شمال شرق سوريا.

ربما كان المنتدى الأكثر شهرة هو منتدى الأتاسي للحوار الديمقراطي والذي كان آخر منتدى يغلق في ربيع 2005. سمي المنتدى باسم القومي السوري البارز جمال الأتاسي والذي كان وزيرا في حكومة البعث الأولى ولكنه فيما بعد عارض رؤية حافظ الأسد لسوريا. يعقد المنتدى في السبت الأول من كل شهر في بيت سهير الأتاسي ابنة جمال. يبدأ المنتدى بمحاضرة مدتها نصف ساعة يتبعها نقاش. كان المنتدى مفتوحاً للجميع ، وفي العديد من المناسبات حضر أكثر من 300 شخصا. قصد المنتدى نشطاء وفنانون وصحفيون بارزون تحدثوا عن حقوق الإنسان والديمقراطية والتعليم والبطالة والفقر بهامش من الحرية لم يعرف حتى تلك اللحظة. ويدين منتدى الأساسي بطول عمره إلى اسمه لأن جمال الأتاسي كان أحد أعضاء حزب البعث الأوائل واعترف به الجميع في سوريا، حتى عائلة الأسد، كوطني حقيقي.

جماعات حقوق الإنسان والمجتمع المدني: تتعهد جماعات حقوق الإنسان والمجتمع المدني والصحافة الإلكترونية في عملها- رغم ضعفها- باستمرار روح ربيع دمشق. ورغم أن مواقعها يمكن أن تحجب في سوريا إلا أن جماعات حقوق الإنسان أحسنتْ استخدام الإنترنتِ والبريد الإلكتروني لنشر حالة حقوق الإنسان في البلد. إذ يرسل عمار قربي رئيس المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان بنشرة شبه يومية باللغة العربية إلى البريد الإلكتروني لأكثر من ألف شخص ومنظمة بالاعتقالات والمحاكمات وانتهاكات حقوق الإنسان. وكثيرا ما تنشر تقاريره في الصحف اليومية العربية كالقدس العربي والحياة وإيلاف. ثمة موقع بارز آخر هو "ثرى" وهو مجلة أسبوعية أدبية واجتماعية ناقدة تركز على حقوق المرأة والطفل. ويرسل موقع "كلنا شركاء" ويديره عضو حزب البعث أيمن عبد النور ملخصا يوميا بالعربية والإنكليزية بمقالات كتبت داخل أو خارج سوريا حول الشؤون الخارجية والسياسة الاجتماعية والإصلاح لأكثر من 17000 شخص منهم 11000 في سوريا.

استخدمت السلطات السورية عدداً من الوسائل لمواجهة التعبير المتزايد. مثلاً أغلق موقع "كلنا شركاء" بعد فترة قصيرة من إطلاقه. بعد أن بدأ عبد النور بالتوزيع عبر البريد الالكتروني أغلقت السلطات العنوان الأصلي وأجبرته على إرساله من عنوان جديد. ولعب عبد النور والسلطة لأكثر من ستة أسابيع لعبة القط والفأر، إغلاق وتغيير عنوان البريد الإلكتروني. وفي أوائل 2007 حسّن عبد النور الموقع وهو يواصل تغيير عنوان الإرسال والمخدم تجنبا للحجب.

في مجال حقوق الإنسان تستخدم الحكومة أساليب قانونية لمواجهة منظمات حقوق الإنسان، فكثيرا ما ترفض طلبات الترخيص لهذه المنظمات. وقد استخدم عمار قربي هذا لمصلحته بنشر رفض وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل لطلب الترخيص لمنظمته في تقريره.

هناك أيضا جهود لبناء مجتمع مدني سوري ومجموعات عمل بالرغم من أن العملية بطيئة جداً. قليلون هم النشطاء الذين يعرفون كيفية وضع تصريح صحفي أو مشروع منحة. يفتقر هؤلاء إلى الخبرة أو التدريب بل ولديهم صعوبة حتى في توضيح أفكارهم. مع ذلك فالعديد من منظمات المجتمع المدني وحقوق الإنسان يديرون حلقات تدريب خاصة بهم يتعلمون فيها مهارات إصدار تصريح أو تقديم اقتراح أو ابتكار خطة..، ولكن كما لاحظ أحد الناشطين الحقوقيين " نذهب إلى مؤتمر، نتعلم بعض المهارات ولكننا حقاً لا نستطيع استخدامها في هذه البيئة.... لا يوجد مجتمع مدني هنا ما عدا حقيقة أنه لدينا تدريب ومؤتمرات". بالإضافة إلى ذلك يذهب العديد من النشطاء إلى الدول العربية أو إلى أوروبا ولكن سفرهم خارج الشرق الأوسط يثير حولهم الاتهامات وأبرزها أنهم عملاء للأجانب يعملون ضد المصلحة الوطنية.

إعلان دمشق: ارتفعت الروح المعنوية للمعارضة بنشر إعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي في 16 تشرين الأول 2005. وقع الإعلان من قبل خمسة تجمعات سياسية وتسع شخصيات معارضة معروفة. وتكمن أهمية الإعلان في أن مفكرين ونشطاء بارزين من مختلف الأطياف الأيديولوجية وأحزاباً كردية ولجان إحياء المجتمع المدني والتجمع الوطني الديمقراطي وقعوا على الإعلان. وحسب حسن عبد العظيم، الناطق الرسمي باسم التجمع، فالعمل على الإعلان بدأ عندما اجتمع عضوان من لجان إحياء المجتمع المدني مع الأمين العام لجماعة الأخوان المسلمين المنفي علي صدر الدين البيانوني في المغرب للاتفاق على برنامج مشترك لجبهة المعارضة السورية المحلية - المنفية. ومع أن الأخوان المسلمين والأحزاب المعارضة الأخرى ليست مجال هذه الورقة إلا أن إعلان دمشق يجب أن ينظر إليه على أنه وثيقة إجماع للأحزاب العربية والكردية في سوريا والعناصر داخل وخارج سوريا.

اجتمع نشطاء المجتمع المدني في مكتب رجل الأعمال ورئيس الحزب الوطني الحر سمير نشار في ربيع 2005 للبدء بوضع مسودة الإعلان. شدد نشار على أن الوقت قد حان لفتح الحوار مع الأخوان المسلمين وجمع المعارضة المنفية والمحلية. وركز الإعلان على النقاط التالية:

• إن الضرر الذي لحق بالبلد وتمزيق النسيج الاجتماعي يعودان إلى احتكار النظام الاستبدادي للسلطة. • تأسيس نظام وطني ديمقراطي كطريق رئيسي للتغيير والإصلاح السياسي بالاعتماد على الحوار والاعتراف المتبادل. • عدم إعطاء أي حزب أو اتجاه الحق في الادعاء بدور استثنائي. • ضمان الحرية للأعضاء والمجموعات والأقليات الوطنية للتعبير عن أنفسهم. • إيجاد حل ديمقراطي وعادل للقضية الكردية في سوريا يضمن الحقوق والمساواة لجميع المواطنين الأكراد. • تعليق قانون الطوارئ وإلغاء القانون 49 (عقوبة الإعدام لعضوية الأخوان المسلمين). • تشكيل المنتديات والصالونات والهيئات لتنظيم الحياة الاجتماعية والسياسية والثقافية. • الانتخاب الشعبي لجمعية تأسيسية جديدة تضع مسودة دستور جديد.

خلافاً لبيان الـ 99 و بيان الـ1000 اللذين وقعهما أفراد، تضمن إعلان دمشق اتفاق التجمعات السياسية السورية. وبشفافية أكبر جاءت طبعة تشرين الثاني 2005 من الموقف الديمقراطي بعشرين صفحة من بيانات الدعم من الأخوان المسلمين وحزب العمل الشيوعي والجماعات السياسية الكردية وجماعات حقوق الإنسان ومنتديات الحوار.

ومع أنه وثيقة ناقصة إلا أن إعلان دمشق كان القاعدة التي يبدأ منها التنسيق بين التجمعات المختلفة. في شباط 2006 أسس الموقعون مجلسا" وطنياً: ممثل للإعلان في كل محافظة، مكتب صحفي، ولجان متابعة وتنسيق ولجنة تنفيذية. تظهر بيانات إعلان دمشق في هيئتي الأخبار العربية في لندن إيلاف والقدس العربي وعلى الإنترنت في موقع أخبار الشرق المرتبط بجبهة الخلاص الوطني وهي تحالف بين الأخوان المسلمين ونائب الرئيس السابق عبد الحليم خدام.

حاول الموقعون على الإعلان الاستفادة من انشغال النظام بأحداث أخرى عند توزيع الإعلان. في 20 أكتوبر 2005 كان من المنتظر صدور تقرير لجنة التحقيق في اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري برئاسة القاضي الألماني ديتليف ميليس. وقد كان رجل الأعمال الحلبي سمير نشار مصراً على إطلاق الإعلان قبل تقرير ميليس لتفادي اتهام المعارضة باستغلال ضعف النظام. وعلى أية حال حظيت المعارضة بمهلة لأن الحكومة السورية كانت منشغلة بمواجهة نتائج تقرير ميليس الذي قرر أن الاغتيال لم يكن ليحدث بدون معرفة المسؤولين ذوي الرتب العليا في المخابرات وقوى الأمن السوري وتواطؤ النظام السوري في عملية الاغتيال. ولأن النظام كان مشغولاً في الرد على هذه التهم لم يسجن أي ناشط في إصدار الإعلان. وفي الثاني من نوفمبر أي بعد مدة قصيرة من صدور التقرير أطلقت سوريا سراح 190 معتقلاً سياسياً، الأغلبية العظمى كانوا من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين، في إشارة إلى أن دمشق قد فهمت الضغط الدولي المكثف الذي كانت تخضع له.

وعلى أية حال، فإنكار أحد شهود ميليس الرئيسيين لشهادته وتمديد التحقيق وتنحي ميليس عن رئاسة اللجنة في ك1 / 2005 جدد ثقة النظام بقدرته على تجاوز الضغط الدولي وحفز الحكومة على الاستمرار بحملة إسكات العناصر المحلية المعادية. جدد النظام كم أفواه المعارضين بكامل قوته في آذار / 2006 عندما أصدر بيانا يحذر نشطاء حقوق الإنسان وأعضاء المعارضة السورية بأن الاتصال بالولايات المتحدة يعتبر خطا أحمر.أتى هذا الإنذار بعد اعتقال عمار قربي المدافع عن حقوق الإنسان لدى عودته من مؤتمر في باريس برعاية معهد إبسن. سبق هذا المؤتمر اجتماع عقد في واشنطن في ك2 / 2006حيث اجتمعت المعارضة السورية من داخل وخارج سوريا لمناقشة نقاط الالتقاء بين الطرفين. وقد تخوف النظام من تقوية الروابط بينهما وخاصة العلاقات بين المعارضة المحلية وجبهة الخلاص الوطنية الممثلة بالإخوان المسلمين الخط الأحمر بالنسبة للنظام.

المعارضة تذهب غربا: إعلان دمشق بيروت: تجاوزت المعارضة الخط الأحمر بإصدار إعلان دمشق - بيروت الموقع من قبل أفراد وأحزاب سياسية محظورة. فعلت ذلك في أيار 2006 بإصدار وثيقة تنتقد سياسة سوريا في لبنان. في 12 أيار نشر الإعلام اللبناني والمواقع الالكترونية للمعارضة السورية إعلان دمشق بيروت وهو وثيقة بعشرة نقاط تنتقد العلاقات السورية اللبنانية وتركز على: • احترام استقلال وسيادة كل من سوريا ولبنان والتمثيل الدبلوماسي وترسيم الحدود بين البلدين. • الاحترام المتبادل للقانون والمؤسسات والانتخابات وحقوق الإنسان • تأسيس نظام ديمقراطي في البلدين • شجب الاعتقال السياسي ودعم التحقيق في اغتيال رفيق الحريري

وقع البيان من قبل 250 مثقفاً سورياً ولبنانياً، وخلال أسبوع قامت سوريا بأكبر عدد من الاعتقالات منذ قمع ربيع دمشق عام 2001. كان توقيت البيان مهماً لكلي الحكومة والموقعين، إذ نشر خلال التحقيق في قتل الحريري بقيادة البلجيكي سيرج براميرتس واضعاً سوريا تحت مراقبة دولية وإقليمية أكبر. بالإضافة إلى ذلك فقد نشر الإعلان قبل بضعة أيام من إعلان قرار مجلس الأمن 1680 الذي أكد الحاجة إلى حدود سورية لبنانية واضحة وسيادة لبنان على أراضيه.

ادعت أجهزة الإعلام الحكومية أن توقيت الإعلان مريب. وقد أشار المثقفون السوريون إلى أن مناقشة العلاقات السورية اللبنانية محرمة. كان رد النظام عنيفاً، إذ اعتقل جهاز الأمن اثنين من أبرز المعارضين السوريين هما الصحفي ميشيل كيلو والناشط الحقوقي أنور البني. صرح ميشيل كيلو في رسالة مكتوبة في السجن نشرت في كانون الثاني من عام 2006 في موقع أخبار الشرق أن حافزه الأساسي لدعم هذه الوثيقة كان إرساء العلاقات السورية اللبنانية على أساس قوي، و ذكر أولئك الذين توقعوا وجود تعاون بينه وبين عبد الحليم خدام أنه كتب مقالات عديدة ينتقد فيها خدام وحتى أنه قال أن انضمام جبهة الخلاص الوطنية إلى إعلان دمشق شكلت تهديداً خطيراً للمعارضة في الداخل. اتهم كيلو بخرق أربعة قوانين سورية على الأقل من ضمنها "إضعاف الشعور القومي" سنداً للمادة 285 من القانون السوري و"إثارة النعرات الطائفية" سندا للمادتين 307 و 376 و" نشر أخبار كاذبة تمس هيبة الدولة" سندا للمادتين 278 و 285.

إن رسالة كيلو وأسباب اعتقاله ترتبط بقضية أخرى أثارت المعارضة السورية وهي الارتباط بالخارج. ورداً على إعلان دمشق بيروت، وقع 117 مثقفاً سورياً "إعلان المثقفين السوريين" ونشر في صحيفة الحياة اليومية. انتقدت هذه الوثيقة تلك الأطراف التي تحمل سوريا مسؤولية مقتل الحريري، وأدانت تدويل العلاقات السورية اللبنانية "لمنعها من التبلور بالشكل الصحيح"، واعتبرت أن القرار 1680 مناف لميثاق الأمم المتحدة، واعترضت على الضجة التي تحيط بتمديد حكم الرئيس اللبناني إميل لحود عند تلك الأطراف (أمريكا و أوروبا) والتي وافقت على التمديد لسلفه الياس الهراوي، وشجبت العنف والاحتلال المستمرين في كل من فلسطين والعراق. وقع البيان مسؤولون سوريون وناشطون في مجال حقوق الإنسان، وأكد أن الموقف السوري الرسمي من المعارضة يعود إلى أن المعارضة تمثل قوى أجنبية: بلدان ذات سيادة، أفراد، أَو مجموعات خارج سوريا تُهدّدُ استقرارها.

بالإضافة إلى تهم كيلو نفسها، اتهم أنور البني "بالانتساب إلى منظمة سياسية دولية بدون موافقة الحكومة" و" القيام بصفقة تجارية لصالح بلد أجنبي"، وهي تهمة خطيرة جداً. في آذار / 2006 وقبل شهرين من إعلان دمشق بيروت افتتح أنور البني المركز الأول لحقوق الإنسان في سوريا الذي يقدم الاستشارات القانونية والتدريب على قضايا حقوق الإنسان. كان المركز جزءاً من مشروع معهد المساعدة والتضامن الدوليين- مقره بلجيكا- وقدم الاتحاد الأوروبي أكثر من 100 ألف دولار للتمويل. أقفلت السلطات السورية المركز بعد أقل من أسبوعين من افتتاحه وأخبرت البني أنه غير مرخص. بالنسبة للحكومة السورية فالمركز الذي يديره محامي بسجل معروف من العصيان المدني عبر خطاً أكثر خطورة لأنه تضمن نقلاً لأموال من هيئة أجنبية إلى مواطن خاص. وفي نيسان 2007، وبعد سنة تقريباً من اعتقاله ومناقشة تجريده من المواطنة، حكم أنور البني بالسجن لمدة خمس سنوات.

مكاسب ربيع دمشق، إعلان دمشق، و إعلان دمشق بيروت: أثبت ربيع دمشق شيئاً حاسماً للنظام وللعالم: عندما تعطى حرية التعبير والتجمع، سيستغل المواطنون السوريون تلك الفرصة. تجذرت منتديات الحوار، منظمات حقوق الإنسان، وجماعات المجتمع المدني وحقق منظموها الشعبية عند النخبة المثقفة وسوء السمعة عند جهاز الأمن. إن الستة أشهر من الحرية التي تمتع بها الناشطون لم تكن على أية حال كافية لبدء أي توجيه أو تنسيق وطني حقيقي، والذي ظهر خلال ربيع دمشق كان التزاماً اجتماعياً محلياً. اشتغلت كل مجموعة بالشؤون ذات الصلة ببرنامجها: فبينما ركز منتدى الأتاسي على قضايا الديمقراطية في العاصمة، ناقشت المجموعات الصغيرة كمنتدى جلادت بدرخان في القامشلي حقوق الأكراد. عندما بدأت الحكومة بقمع هذه المجموعات في شباط / 2001 افتقدت إلى الأساسات القوية، وانحنت جميعها ما عدا منتدى الأتاسي للضغط وأقفلت.

أرسى كل من إعلاني دمشق، وبيروت دمشق مطالب المعارضة في التغيير والإصلاح الديمقراطي. أشار إعلان دمشق إلى أن سوريا لا يمكن أن تتغير طالما بقيت محكومة بالمادة 8 من الدستور السوري التي تنص على أن حزب البعث هو "الحزب الحاكم للدولة و المجتمع." هذا التأكيد أطلق بوجه المؤتمر العاشر لحزب البعث الذي عقد في صيف 2005 والذي ثبت السلطة المطلقة للحزب والرئيس. وقد نجح إعلان دمشق بيروت في اختراق تابو آخر هو دور سوريا في لبنان. كان لبنان دائما جائزة حافظ الأسد وقد نجح بالفوز به باتفاق الطائف عام 1989 وبمباركة أمريكية بعد اجتياح العراق للكويت. ركز اتفاق الطائف على العلاقات السورية اللبنانية الأخوية جاعلاً مناقشتها أو انتقادها مبررا آخر للعقوبة.

بالرغم من تصريحات أعضاء المعارضة والنقاد والمؤيدين بان المعارضة السورية ضعيفة، إلا أنها تمكنت من زعزعة السلطة بمهاجمتها لعدد من المبادئ المقدسة في الحياة السياسية في سوريا. أدى هذا النشاط بالنظام إلى أن يجهز انتقامه: موجة الاعتقالات، المحاكمات والسجن، وتهم إضعاف الشعور القومي والعمل مع أطراف أجنبية. استطاعت المعارضة أن تهدم جدار الخوف الموجود في سوريا منذ عام 1982 ، ولكنها بقيت ضحية القوة الساحقة لدولة البوليس.
08-21-2007, 08:39 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الردود في هذا الموضوع
مقارعة أسد دمشق: المعارضة السورية ونظام الأسد - بواسطة إسماعيل أحمد - 08-21-2007, 08:39 PM

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  النزعة الشعبوية في المعارضة السورية-محمد سيد رصاص Rfik_kamel 0 502 11-01-2013, 03:53 AM
آخر رد: Rfik_kamel
  تفجيرات دمشق: القادم اعظم / عبدالباري عطوان فارس اللواء 7 2,543 12-25-2011, 03:50 PM
آخر رد: الطرطوسي
  شعب يولد ونظام يحتضر شهدي 8 2,410 12-13-2011, 07:07 PM
آخر رد: بهجت
Question المعارضة السورية في مؤتمرها هل تواكب ام تشرخ الثورة السورية؟؟؟ تموز المديني 5 2,220 06-28-2011, 12:08 AM
آخر رد: تموز المديني
  ماذا يعني ضعف المعارضة العربية؟!...... ميشيل كيلو بسام الخوري 3 1,805 02-22-2011, 02:48 AM
آخر رد: بسام الخوري

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS