Arrayمن سخرية الأقدار أن المسيحيين المتحضرين المحبين المتسامحين ينتقدون المسلمين بسبب فكرة العمليات الانتحارية، بينما هم دينهم مؤسس من أساسه على فكرة العملية الانتحارية التي قام بها إلههم من أجل انقاذهم. طبعا الفرق الطفيف هو أن إلههم حين انتحر، لم يقتل أحدا معه، و لكن هذا الفرق يختفي حين نلاحظ أن كل من لا يقبل و يؤمن بهذه العملية الانتحارية، سيقضي بقية الدهر في عذاب مستمر.
[/quote]

لو أنك طوال هذه السنين عندما كنت مسيحي كنت ترى أن الله يرسل إبنه في مهمة انتحارية ليفدي البشرية، فهذا فهم خاطيء. ليس هذا ما تقوله المسيحية. المسيحية تقول إن الله هو الحب (بتعبير الدكتور محمد كامل حسين في روايته "قرية ظالمة)؛ وحب الله للبشر قد يصل به إلى درجة التضحية والبذل بلا حدود. الله لم يرسل المسيح في عملية انتحارية ليموت على الصليب ثم يقتله ويرتوي على الدماء. ليس هذا هو كلام المسيح. الله هو الحب والحب هو الله.

من جهة أخرى، عندما تقول المسيحيين المتحضرين ينتقدون المسلمين بسبب فكرة العمليات الانتحارية فهنا تتحدث على وجه الإطلاق. ليس كل المسلمين واحد. أعز صاحباتي واحدة محجبة من إسكندرية. أكثر واحدة ألهمتني في الحياة الإيمانية لم تكن فتاة مسيحية وإنما كانت شابة سعودية مسلمة ومحجبة وكنت أقرأ كل حرف لها عن مناجاة الله وتمنيت لو أقرأ لها المزيد. هناك هذه الشابة السعودية المحجبة المتصوفة وهناك اليائس البائس القانط من رحمة ربه من يفجر نفسه بدون سبب سوى أنه بائس ويبحث عن حل للانتقام ورد الاعتبار وبشكل سلبي لا بأخذ مبادرة القتال وجها لوجه. لا يمكن وضع جميع المسلمين في فسطاط واحد وتوجيه الانتقاد لهم على أنهم كلهم أصحاب عمليات انتحارية.

الإسلام حفظ المسلم من زلات كثيرة وأعطاه نظام أخلاقي ممتاز. ربما هناك اعتراضات عندي على الإسلام ولكن الإسلام نجح في إعطائه ما لم أنجح أنا في تقديمه باعتراضاتي.
الدين ربما له جانب سلبي ولكن المهم والعبرة هي بأخذ روح الدين وليس بالتشدد الذي يشوه الدين ويخرجه عن مساره. صاحب الرسالة المحمدية اختصر الأمر بعبارة بليغة: الدين المعاملة. كيف تعامل الناس هذا هو الدين. لو أن الدين يعامل الناس ويعلمهم السلوك على هذا النحو فلا نقدر أن نتسرع ونقول الدين كله شر.