أما قوله تعالى : يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (32).


توجد آية شبيهة بهذه في سورة الصف لا تختلف عن هذه إلا في حرف (أن) بعد الفعل في الأولى (يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا ) ، أما آية الصف فجاء بلام الغاية بعد الفعل (يريدون ليطفئوا) ، الآية الأولى ختمت ب (وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ...) ، وآية سورة الصف لم يقل الله (ويأبى الله) وإنما قال (والله متم نوره...).
هاهي آية سورة الصف : يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ. الآية 8 الصف.

ما الحكمة من اختلاف الآيتين؟
الجواب : تحقيق الغرض له طريقتين
1) بالقوة.
2) بالحيلة.
الذي يأتي بالقوة الظاهرة لتحقيق هدفه يناسبه أن يأتي بحرف (أن) بعد الفعل : (يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا) ، وحيث أنهم كذلك فإن الله يعقب بأسلوب قهر القوة : (وَيَأْبَى اللَّهُ ).
أما الذي يسعى لتحقيق هدفه بالحيلة فهو يبطن عكس ما يظهر ، يناسبه أن يأتي بحرف لام الغاية بعد الفعل : (يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا ) لأن الناس قد تنخدع فتظن أنه جاء ليحقق العدالة والمساوات والديموقراطية بينما هدفه (ل) تحقيق غاية أخرى لا يعلمها الناس، لذلك كان من المناسب أن يأتي بلام الغاية بعد الفعل (يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا ) ، وحيث أنهم استخدموا الحيلة ولم يستخدوا القوة فإن الله تعالى لم يعقب بأسلوب القوة هنا (وَيَأْبَى اللَّهُ ) وإنما سيفشل الله مشروعهم بدون أسباب القوة (وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ).