مرة أخرى للعزيز إسماعيل أحمد

تأسفت جداً لأنني إنجررت وراء الكاتب الموسوي ، فبعد "الجوجلة" لم أجد إلا حطام حقود مشبع بنتن طائفي كريه ، ويا ليته بدلاً من مئات المقالات الكريهة التي يكتبها ضد الشعب الاردني ، يا ليته كتب مقالاً واحداً يدعو فيه حكومته الشماء الي قطع كل علاقة مع اللئيم الاردني ، وإغلاق الحدود ، وعندها سنرتاح كما ارتاح ذاك الاب الذي هدده ابنه الصغير بعدم النوم في حضنه فقال له الاب " سوف ارتاح من ريحة إفساك " .

عزيزي إسماعيل ، المواقف السياسية والارتباطات هي دوماً مرتع للخيال ، فالخائن هنا هو بطل هناك والعكس يجوز ، وهذا ينطبق على كل الحكام بلا إستثناء ، فمثلاً نرى البعض يقول ان صدام حسين هو عميل امريكي والاخر يضعه بجوار النبي ، وعبدالناصر كذلك فمن اله عند البعض الي بؤرة الشؤم الاسود عند الاخر ، وعرفات ايضاً هو ضمن هذه التصنيفات ، ولا أظن أن حاكماً عربياً نجا او سينجو من مقصلة التخوين أو عرش الملائكة ، ولذا لنترك الحكم على فردية الانتقاء لا جمعية الحكم .

في مجال آخر ، ربما أن العمر والصدفة وضعتني يوماً في مواجهة الموقف مع الامراء والملوك ، مثلها مثل "حلاق الملك" الذي يعرف عن الملك أكثر من طابور صحفي

أستذكر فيما أستذكر ثلاثة حوادث شهدتها بأم عيني وكان الأخر هو " الامير الحسن بن طلال" ، ربما لو عاصرها وشاهدها صحفي لكتب مطولات عنها ، ولكني لست بصحفي ولا طامع بشئ بعد زوال الهالة عن الامير وبعد ارتضائي العيش في الاغتراب

اولها :- كان الامير يعيش في القصور الملكية الموجودة في جبل القصور ، كان بيته ، وأقسم أنه بيت ، وفوق ذلك أقسم بأن بيتي كان أكبر من بيته ، وكبر إبنه " راشد " وأصبح بحاجة الي التعليم ، والبيت لم يكن فيه غرفة اضافية ليزاول المعلم عمله فيها ، فما كان الا أن عملوا فتحة في الجدار وأضافوا غرفة على البيت .

ثانيها :- كان هناك ضمن الحرس الكلي للقصور حرس خاص لكل أمير حول بيته ، قال الضابط الموكول له حراسة بيت الامير حسن أنه يلعن من كان سبباً في نقله الي بيت الامير حسن ، فقلت له لماذا ؟ فقال أن جميع الحرس عند الملك وعند الديوان وغيرهم يأكلون من نفس أكل القصر ، لكن هذا الامير حسن نسمعه يقول للطباخ السوداني " أطبخ اليوم باميا لثلاث أشخاص" وهم عدد افراد اسرته الموجدين في البيت ، ويضطر الحرس الي أن يأكلوا من أكل الجيش العادي الذي يوزع على الوحدات الاخرى القريبة .

ثالثها :- في عام 1995 كان لي قريب يعمل سكرتير اول في السفارة الاردنية في صنعاء وكان جميع افراد عائلته معه ، وفي يوم جمعة ذهب بعض أعضاء السفارة وعائلاتهم في رحلة استجمامية عبر جبال اليمن ، فإنقلبت الحافلة واستقرت في أحد الوديان ، مات قريبنا وزوجته واثنان من ابناءه وبناته الاثنتين ولم ينجو الا أصغر ولدين عنده ، ارسلت الحكومة طائرة عسكرية وجلبت جثثهم الي مطار عمان العسكري ، وكنت ضمن نفر قليل في استقبال الجنازات ، حضر الامير حسن ، وعانقنا فرداً فرداً ، وأثناء مرور هذه " الستة جنازات لعائلة واحدة" كنت قريبا منه ، سمعت نحيبه ، نظرت اليه فكانت دموعه تنهمر انهمار وليست سيلاً ، أشاح بوجهه ابتعد قليلاً إلا أن صوت نحيبه كان يعلو ويعلو

أتذكر هذه الاحداث ، وأنا اقول في نفسي " لاتصدق كل ما يقال" ، وليس كل الملوك هم " ماري انطوانيت" .

سأكتفي ، رغم أن هناك الكثير ، ويستحق أكثر من كتاب ، عندما تكون حياتك هي بين شرب القهوة صباحاً في قهوة شعبية مع سائقي التاكسي ، وبين تناول العشاء مع علية القوم مساءاً ، لفترة تزيد عن اربع سنوات ، والسكوت من ذهب الآن

استودعك الله والي لقاء