تقريبا منذ حوالي سنة تلقيت مكالمة هاتفية من والدي يخبرني أن أحد أصدقائه وهو يعمل في جهاز خاص للتشغيل بالخارج يمكنه أن يجد لي عملا بالسعودية... وبراتب مغر. والدي لم ينتظر أن يعود للمنزل ليخبرني بذلك فصديقه يحتاج لجواب حالا.

السعودية؟ يا للهول... فيلاليثست في السعودية؟
في الحقيقة في ذلك الوقت كنت أعاني من حالة إحباط شاملة بسبب البطالة والصعوبات التي كانت أواجهها في إيجاد الكتب والمراجع اللازمة لرسالة الماجستار التي لم أتنه منها للآن على فكرة ولا أدري كم بقي أمامي من الوقت لذلك. وعليه فقد قررت أن أقبل بذلك العرض. من يدري؟ اشتدي أزمة تنفرجي... ربما وجدت في السعودية ما لم أجده في تونس.

بقيت بضعت أسابيع أعد ملفي الطبي والقانوني من أجل التأشيرة ثم رحلت إلى السعودية في مغامرة انتحار كما بدت لي أول مرة... من يدري ربما يكتشف أحدهم حقيقيتي. آه من حد الردة... هل يطبق عليّ هناك يا ترى؟ لا سأتصل بالسفارة وأحدث مشكلة ديبلوماسية... لا يحق لهم قتلي.

طبعا في تلك المرحلة كان عقلا مشوشا بسبب حالة الاحباط التي تحدثت عنها فكان هدفا لهجمات هلوسة واضطراب.

كانت مغامرة حقيقية في السعودية.

كيف أهرب وقت صلاة الظهر من العمل (عملت أستاذ لغة انجليزية)؟ أي أعذار أقدمها لطلبتي عندما لا أكون معهم في المصلى؟ أحدهم اكتشف الأمر حقا بعد متابعة لصيقة وجذبني على حدة وبدأ في خطبة وعظ وإرشاد عن الصلاة والويل الذي ينتظر تارك الصلاة. آه منك يا نايف لو عرفت أنني لست بتارك صلاة أبدا بل أنا تارك كل شي. لكن في الحقيقة السعوديون لا يتركون الصلاة(بما في ذلك الشباب)... لكن الكثير منهم أيضا لا يتركون الكأس أيضا. الشباب السعودي يحب المرح. ولا أعني بالمرح كرة القدم فقط التي يعشقونها كثيرا ولا التفحيط أيضا الذي يمارسونه في كل مكان وكل زمان. المرح أيضا يعني الذهاب للبحرين والتمتع بالبارات والمراقص والشقق المفروشة. والغريب أن الشباب السعودي يحب التبجح بذلك. فهو ليس كما كنت أتصور ذلك الشاب الذي يعلو وجهه الحياء والكلمات الطيبة والدعاء وهلم جرا من تلك الصور التي لا أدري كيف دخلت رأسي. لا أبدا... إنهم يدخلون قاعة الدرس وبأيديهم البيره. طبعا البيره بدون حكول فهم يعشقونها أيضا عشقهم لمعاكسة البنات ولمبادلة الصورة بينهم بالبلوتوث. وفي الراحة لا يتحدثون إلا على الشعر (السعودييون يعشقون الشعر لدرجة لا توصف حقا) والسيارات والنساء.

ماذا أقول وماذا أزيد. كانت مغامرة فعلا استمتعت فيها بالتعرف على العديد من السعوديين ومن حسن حظي أني درست 4 فصول أي ما يقرب من 60 طالب. وكنت في أوقات الراحة أسألهم دائما عن طرق عيشهم وعن آمالهم وطموحاتهم...

آمالهم وطموحاتهم؟؟؟ قسما بكل أرباب الكون طموحاتهم لا تتجاوز السيارة والمنزل والزوجة. لا يحلمون لا بسفر ولا بالتعرف على العالم ولا بإضافة أي شي للعالم. المال والراحة والزوجة الجميلة.

السعوديون عموما متكبرون لا يعاملون العمال بأدب (أعني العمال الهنود الذين يعملون في البناء والتنظيف وكنس الطرق وفي محطات الوقود أو الفيلبينين الذين غالبا تجدهم يقومون بالخدمات الادارية). والسعوديون يتهكمون من الكويتيين ويحتقرون المصريين ويحترمون العراقيين (يعشقون صدام حسين كثيرا) ويهزؤون بلهجة التونسيين والمغربيين رغم أنهم لا يعرفون أين تقع تونس. أيضا لاحظت أنهم يتحدثون على سوريا على أنها مكان للمتعة والجنس مع السوريات خصوصا مع فارق العملة الذي يخول لهم تمضية وقت ممتع هناك. ويسمون أندونسيا بلاد الخدامات. عندما لعبت السعودية وأندونسيا كانوا لا يقولون الأندونيسي فلان أو اللاعب فلان بل يقولون ابن الخدامة مرر الكرة وابن الخدامة اسقط لاعبنا. وهم على العموم لا يقدون رواتب كافية للعمال. أحد الهنود في المعهد الذي درست فيه كان يتقاضي 800 ريال فقط ويعمل من 7 صباحا للـ5 مساء بلا توقف إلا للغذاء.

المنطقة التي عملت بها هي جبيل الصناعية وهي قريبة من البحرين وتلقيت من أكثر من طالب دعوات في شبه رشوة للذهاب مع بعضهم هناك والتمتع بالشرب والنساء مجانا وعلى حسابهم. كل نهاية أسبوع يرحل آلاف السعوديين إلى البحرين لتمضية الخميس والجمعة هناك للتمتع بما هو ممنوع في السعودية. في الشمال يذهبون لسوريا والبعض الآخر يقضي فترة عطلات العمل أو الدراسة الطويلة في مصر.

السعودي يدخن كثيرا. السعودية لا تنتج السجاير لكن الماركات العالمية المعروفة خصوصا الأمريكية موجودة هناك بكثرة وبسعر مناسب جدا. من حسن حظي أني لم أكن أدخن وإلا فستكون مشكلة لو تعودت على السجاير الأمريكية لأنها غالية في تونس.

عندما سألوني عن تونس كانوا يسألون عن المسموح والممنوع: البارات، النساء، ثمن الشقق المفروشة أو النزل، تكلفة العشاء، المراقص، الخ. لا يسألون لا عن تاريخ ولا عن حضارة ولا عن سياسة ولا عن اقتصاد. فقط سؤال أكثر من طالب من أكثر من فصل: كم يمكن أن يكلفني أسبوع في تونس؟ الجماعة الظاهر أصابهم السأم من سوريا والبحرين ومصر وبدؤوا في التفكير في اكتشاف مجاهل العالم الأخرى.

الحديث عن اللواط ليس متداولا لكني عشت حدثا قريبا جدا في مكان عملي لفيليبيني اشتكاه أحد الأجوار بتهمة اللواط لما عاين أكثر من مرة مجموعة من الشباب السعودي على بابه وفي بعض الأحيان ينادونه صوتيا ليخرج إليهم.

لنعد إلى طلبتي الأعزاء. معلوماتهم ضحلة جدا في كل المعارف والعلوم بما في ذلك العلوم الدينية. السعودي لا يحب أن يتعلم من أصله. سألتهم يوما كيف بعد كل هذه السنوات من التعليم تجهلون هذا الشيء وذاك. فأجابوا بأنهم كانوا يقدمون الرشوة للأساتذة (الذين أغلبهم مصريين) فيقومون بتقديم الامتحان لهم وبذلك ينجحون سنة بعد أخرى بدون تعب ولا دروس.

السعوديون لا يسمعون الغناء الغربي لكنهم يسمعون كثيرا لمطربين خليجيين وبعض بعض اللبنانيات.

في الحقيقة عندما أقول السعودي أو السعوديين فأنا أعني بالخصوص الشباب السعودي. فإذا كان كلامي السابق ينطبق على فلنقل 90 بالمئة على الطلبة الذين درستهم فأعتقد أن الأمر ينسحب على 90 بالمائة من السعوديين أيضا. لا أعتقد أني بالصدفة درست أسوأ شباب سعودي.

طبعا أنا لا أكتب كل هذا مهاجمة في السعودية أو الشعب السعودي لكني بالفعل لا أزال مستغربا من أن يكون الشباب السعودي على تلك الدرجة من الانحلال الأخلاقي. طبعا هناك شباب في أماكن عربية واسلامية أخرى يقوم بما هو أفضع لكني شخصيا كنت أحمل صورة أخرى ناصعة عن السعودية وأهلها وهي الآن في لون الفحم.

كنت أحاول أن أكون صديقا لهم أكثر من أستاذ حتى يسهل استدراجهم للحديث...

فهل أحدثكم عن الصور والفيدوات التي يتبادلونها عن طريق البلوتوث؟ كانوا لا يخجلون من عرضها عليّ في شكل يوحي أنهم يفتخرون بذلك.

هل أحدثكم عن العلاقات الحميمية بين الشباب والبنات في السعودية؟ سألتهم يوما هل تتزوجون من خويتكم (يعني صديقتكم). فقالوا لا فقط للمتعة. سألتهم فكيف تتصرف المسكينة مع زوجها ليلة الدخلة. فأجاب أحدهم. إفهم يا أستاذ... من الخلف يا أستاذ من الخلف.

تسجيل الدخول
اسم المستخدم:
كلمة المرور:	فقدت كلمة المرور؟
	تذكرني

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع		الكاتب	الردود	المشاهدات	آخر رد
	أستاذ جامعي مُضحك وخفيف دم !	Jupiter	2	889	01-06-2005, 10:18 PM آخر رد: shahrazad