مبارك افتتح مشروعاً مرتين لينفي شائعة عن سوء صحته

24/08/2007

النهار - القاهرة – من جمال فهمي:
اضطرت الرئاسة المصرية امس الى شيء اشبه باختلاق ذريعة او مناسبة كي يتمكن الرئيس حسني مبارك 79 سنة من الظهور علنا امام الكاميرات ومن ثم دحض شائعة قوية تداولتها الاوساط السياسية والاعلامية بل اوساط الديبلوماسيين الاجانب المعتمدين في القاهرة منذ مطلع الاسبوع الجاري عن ازمة صحية حادة تعرض لها واوجبت نقله الى غرفة العناية الفائقة في مستشفى تابع لأحد الاجهزة الامنية بضاحية مصر الجديدة شرق العاصمة.
وبعد صمت طوال ثلاثة ايام غابت فيها تماما اخبار الرئيس عن وساؤل الاعلام الحكومية، مما ساهم في زيادة انتشار الشائعة، اوردت وكالة "انباء الشرق الاوسط" مساء الثلثاء خبرا مقتضبا مفاده ان مبارك سيفتتح صباح الاربعاء مشروع "القرية الذكية" المخصصة لنشاطات الكومبيوتر والمعلوماتية وصناعاتهما، وانه سيرئس اجتماعا لمجلس محافظي الاقاليم المصرية في احدى قاعات القرية بعد انتهاء جولته فيها.
لكن التلفزيون المصري الذي اعتاد نقل تفاصيل مصورة (غالبا ما تكون بثا مباشرا) للجولات المماثلة، اكتفى ببث مشاهد قليلة مسجلة من زيارة مبارك للقرية الذكية، التي سبق له ان افتتحها هو نفسه عام 2005، كما استرعى الانتباه خلو هذه المشاهد من صوره وهو يتحرك، وبدا فيها كلها جالسا يستمع الى تقارير من الوزراء والمسؤولين الكبار الذين رافقوه.
ولم ينقطع سيل الشائعات والتخمينات عن صحة الرئيس المصري منذ الازمة الصحية القوية التي ألمت به قبل سنتين وشاهد المصريون واحدا من اعراضها وهم يتابعون على شاشات التلفزيون خطابه في افتتاح الدورة البرلمانية لمجلسي الشعب والشورى في تشرين الاول 2005. ويومذاك، بينما كان الرئيس المحاط بهالة مبهرة من الدعاية عن رياضيته ولياقته البدنية، معتليا منصة الخطابة في قاعة البرلمان، تقطع صوته فجأة وتحشرج، ثم سقط ارضا مغشيا عليه، فانقطع البث المباشر وتفجرت عاصفة هائلة من التكهنات والتساؤلات انتهت بعودته بعد نحو ساعة ليكمل خطابه من غير ان يقوى على اخفاء علامات تعبه وتوعكه الشديدين.
وفي حينه برر بيان رسمي ما حصل للرئيس علنا امام أعين الملايين بأنه كان بسبب "نزلة برد" ألمت به واضطرته الى تناول مضادات حيوية "مع استمراره في صيام أيام رمضان". ولكن تبين بعد اسابيع من هذا الحادث ان مبارك يعاني اصابة شديدة في العمود الفقري استدعت نقله الى أحد المستشفيات الالمانية حيث أجريت له جراحة وصفت بأنها "معقدة"، وأمضى بعدها فترة نقاهة استمرت اسابيع تلاها، حتى الان، انخفاض ملحوظ في تحركاته ونشاطه العلني، الامر الذي أوجد بيئة مؤاتية لتوالد الشائعات والاقاويل عن تدهور صحته بحيث صارت كل شائعة كهذه لا تكاد تخفت وتغيب حتى تليها شائعة أخرى.
وأدى تلاحق الشائعات التي تنتعش وتتغذى من طول الفترات التي يقل فيها (على غير العادة) الحضور الاعلامي لمبارك، الى تآكل واضح في جدار الحظر والحساسية الذي كان يمنع اقتراب الصحف ووسائل الاعلام من هذا الموضوع، وبدأت الصحف المعارضة والمستقلة تنشر الاقاويل والمعلومات التي يتداولها الناس عن صحة الرئيس. وفي هذا السياق أوردت صحيفة "المصري اليوم" المستقلة امس تقريرا طويلا ضمنته تفاصيل الشائعة الاخيرة عن الازمة الصحية الخطيرة التي قيل ان مبارك تعرض لها مطلع الاسبوع الجاري ورصدت صور تداولها الواسع بين المواطنين وخصوصا عبر رسائل الهواتف النقالة.
ونقلت الصحيفة عمن سمته "مصدرا رسميا مطلعا" ان "الرئيس كان في الايام الاخيرة يقضي اجازته الصيفية السنوية" في احدى الاستراحات الرئاسية على شاطىء البحر المتوسط، وان ذلك هو سر غياب أية أخبار عن نشاطاته خلال الايام التي انتشرت فيها الشائعة. ولفت المصدر الى ان مبارك ينتظره ابتداء من الشهر المقبل برنامج "متخم" بالنشاطات، منها "زيارات لليبيا وعواصم خليجية وبلدان اوروبية". وسيكون أهم هذه النشاطات مشاركته في اعمال المؤتمر السنوي الخامس للحزب الوطني الديموقراطي الحاكم الذي ينعقد مطلع كانون الثاني 2008.