أما أن العدو هزم فلا جدال، وأما أن هزيمته هي نصر لغيره فكلام نسبي، بل ضيق النسبية، فكم من معركة هزم بها الجميع!

وأما أن النصر نصر العرب فكلام مبهم يصلح كبروباغندا لا أكثر!

لوقلنا أنه نصر لإيران وسورية وحلفاء سورية في لبنان وللشيعة في بقاع شتى فنحن أكثر دقة، وهذا لا يمنع أن بعض من صفق لهزيمة إسرائيل عرب معتزون بهويتهم القومية...

أتفق معك طارق في بعض تقويمك للمقال، ولكنني كنت أركز على عنوانه بشكل مباشر...

هناك تقديس شخصي متطرف إلى الحد الذي يجعل متدينون فقدوا كل ما يملكون، وبدلا من أن يلتمسوا الأجر والعوض من الله في مصابهم يقولون: فدى السيد!! فهل هذا يشي بأن إيمانهم بالسيد أكثر من إيمانهم بالله، أم ان عوض السيد خير من عوض الله، لهؤلاء الغارقين في وثنية التقديس حتى المشاشة نقول: من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات! (وإنك ميت وإنهم ميتون) ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت...

هذا فاصل ديني لمن يرفعون شعارا دينيا، ويسلكون سلوكا قبليا جاهليا يكرس عقلية الزعيم الملهم، ومراجعة سريعة لشبكة هجر الثقافية وقد كنت مررتها قبل أسبوع بعد انقطاع ست سنوات، فستجد أي غلو وصله بعضهم تقديسا للسيد، والخزعبلات الغيبية التي نسجها بعضهم وهم يؤكدون أن إرهاصات العودة باتت قريبة، وأن مراد نصر الله من المفاجأة لا يخرج عن هذا التأويل!!

نعم قاوم نصر الله وجهاده نقطة مضيئة تحتسب له ولمن ناصره...

ولكن طريق المقاومة بدأ مبكرا وعلى أكثر من جبهة، بل المقاومة الشعبية بتياريها الأصيلين الإسلامي والقومي بدأت مبكرا فوق ثرى فلسطين لا خارجها، وفلوجة فلسطين، ومكبر القدس وقسطلها، ووديان وسهول وقرى ومدن الأرض المباركة سطرت أسماء مئات شهداء المقاومة الإسلامية والقومية من دول مختلفة، وعزالدين القسام الذي قدم من جبلة بسورية إلى حيفا حتى استشهد فيها بعد ثورة 1936 يشهد بأن المعركة بدأت مبكرا...

وكتائب الإخوان التي وفدت من مصر وسورية والعراق والأردن وغيرها، قدمت ملاحم ضخمة لا يقلل منها إجهاض الجيوش العربية السبعة لها، وتآمر نظامي مصر والأردن عليها، وملاحقة المجاهدين حتى تصفيتهم...

ومن عجب أن بعض من كان يصر على أن جلاء الفرنسيين عن سورية ليس بسواعد الثورة السورية، ولا نضال أبطال سورية، وإنما باستنفاذ المشروع الفرنسي في منطقتنا لدوره، ونتيجة سياسات دولية تجاوبت معها فرنسا..إلخ

هو هو من يرى أن جلاء (إسرائيل) عن جنوب لبنان إنما كان اضطرارا بسبب ضربات حزب الله الموجعة فقط، وهو هو من يقول بأن رحيل إسرائيل عن غزة لا علاقة له بضربات حماس وإنما هو خيار إسرائيلي يخضع لشأن داخلي يراعي المصلحة والدهاء الإسرائيلي!!

يعني نصر العرب الوحيد..

والمقاومة الوحيدة

وهزيمة إسرائيل الأولى

وانسحابها الأول

وووو

وبعد هذا فالويل ثم الويل لمن قال بأن حسن نصرالله بشر يراعي حساباته الداخلية في كل سلوكياته بما فيها سلاح المقاومة وحرب تموز..

وتكون أكفر وأكثر جرما لو قلت بأن الحسابات الإقليمية لم تكن مغيبة عن أجندة نصر الله في حربه الأخيرة وما تبعها من مواقف...

وقد يستغرب بعضنا إن قلت بأنني لا أخلو من شفقة وغيرة على (حزب الله) فيما أقول!!

فالمعركة مع إسرائيل عوقت مشروعين وجعلتهما مطية للاستهداف الدولي:

مشروع الإخوان المسلمين الذين قتل مرشدهم بعد معارك مقاومتهم البطلة سنة 1948 بعام واحد، وحلت الجماعة، وجرمت...

ومشروع عبدالناصر الذي قتل معنويا مما مهد لقتله بأسلوب ناعم إثر معركته مع إسرائيل في الـ67

ترى هل تكون الحرب الأخيرة بداية النهاية

أرجو ألا يكون

وأدعو الله بصدق...

ومنطلقا من هذا الصدق أقول لأنصار المقاومة في لبنان: لا تقتلوا المقاومة بمذهبتها ومحازبتها واحتكارها وشخصنتها...

الوفاء للمقاومة لا للأشخاص

ونصر العرب لم يحن بعد، فما زالت ثقافتكم التي تبتهجون بها هي ثقافة أحمد سعيد وأم المعارك والصحاف وثوار البعث الذين يرون أن المستهدف هو ثورتهم، وأنهم منتصرون ما دام أشخاصهم وحزبهم بسلام!!

واسلموا لثقافة مقاومة بحق(f)