لن أتصرف كطفل في الصف الثاني الابتدائي وأقول لأحد الزملاء ... (لا تأخذ التاريخ من العملاء).

فالعملاء معروفون ... ولا أنتظر فحص دم ممن يمجّدالطاغوت ليخبرني بوطنيتي من عدمها ... ولا أحتاج لشهادات وصكوك وطنية ممن هو غير عراقي أصلاً ... ولست أنتظر أن يهديني "الجلاد" شهادة حسن سير وسلوك وأنا "الضحية".


Array

زميلي دستورنا
ما حدث بعد نهاية حرب الخليج الثانية من انتفاضة في الجنوب بقي امرا مبهما بالنسبة لي و فوجئت بكلامك عن اخضاع 14 محافظة اثناء الاحداث.
ارجوك احكي بالتفصيل ما وقع
:redrose:

[/quote]

عزيزي السيستاني ..

لا يخفى عليك مدى فداحة الهزيمة التي مُني بها "الجيش العراقي" في حرب تحرير الكويت ... ولقد عانى الشعب العراقي من قصف أمريكي مكثف منذ الـ 17 من كانون الثاني / يناير وحتى الـ 26 من شباط / فبراير.

تم تدمير البنية التحتية في العراق خلال هذه الأربعين يوماً ... وبدت تتنامى مشاعر النقمة ضد سياسة نظام المقبور صدام الذي رأوها هلاكاً لهم بسبب مغامرة سياسية سخيفة وهي احتلال الكويت ... وشعروا أن الدمار سببه في الأصل غباء صدام ونزواته التي جعلتهم يدفعون الكثير من التضحيات في حربايران وهاهو يجرهم لحرب عالمية مع الكويت.

وما زاد الوضع تعقيداً هي عمليات القصف الأمريكي لجموع القوات العراقية المنسحبة من الكويت وتحديداً في طريق الموت (الكويت العاصمة - العبدلي) ... حيث قتل أكثر من 30 ألف جندي لا ذنب لهم وكانوا في طريقهم للانسحاب وأحرقوا بـ "النابال".

كل هذا أدى الى نقمةكبيرة لدى أفراد الجيش العراقي من غير الموالين لصدام.

وأثناء عودة من نجا من القصف من قطاعات الجيش العراقي الى داخل العراق ... قام قائد دبابة في مدينة البصرة باطلاق قذيفة على "جدارية كبيرة" لصدام ... كانت هذه القذيفة كاسرةً لحاجز الخوف ... فانتشر الخبر في البصرة ... وفي ظل تهاوي القوى الأمنية الحزبية استطاعت حشود المنتفضين من اقتحام مخازن الأسلحة ... وبمساعدة من أفراد الجيش استطاعوا من الاقتصاص من البعثيين وتمت السيطرة على البصرة في أقل من يومين ... وكل ذلك بأسلحة خفيفية ومتوسطة.

وبالتزامن مع ما حدث في البصرة فلقد اندلعت الثورة في المحافظات الكردية الثلاث (دهوك - السليمانية - أربيل).

وبالاضافة الى هذه المحافظات الأربعة ... فلقد استطاع المنتفضين من السيطرة على زمام الأمور في 9 محافظات أخرى هي: (العمارة - الناصرية - الكوت - السماوة - الحلة - الديوانية - النجف - كربلاء - كركوك).

وتمت السيطرة على مناطق واسعة في ديالى وبغداد.

طبعاً استغل المنتفضون (الحظر الجوي) الذي فرضته أمريكا على نظام صدام ...
لذا فلقد انشلت قوة "صدام" الضاربة وهي السلاح الجوي.

راقب الأمريكان الوضع ... استشعروا خطورة سقوط "العراق" بيد المنتفضين ذوي الخلفية المعادية لأمريكا لعلمعهم بأنهم دعموا صدام طوال هذه السنين وهم من سلطوه ومكنوه من رقاب الشعب العراقي.

طبعاً ... القلق الأكبر كان لدى الدول العربية وبالأخص محور الشر (الأردن - مصر - السعودية) وخاصة وأن تعي مرضهم المزمن "فوبيا شيعة".

ورأوا أن "صدام" هو من يحفظ عروشهم وأنهم لن يتحملوا دولة ثورية مجاورة لايران وتقع على ختوم عروشهم.

وتوصل البيت الأبيض الى ضرورة اجهاض هذه الثورة ... وتم ذلك في "خيمة صفوان" تلك الاتفاقية المذلة للعراق والذي قال عنها "شوارزكوف" أنها ورقة بيضاء وضعنا فيها ما نرغب من شروط ... الاّ أنهم أعطوا الحق لصدام باستخدام المروحيات والطائرات الحربية بحجة تنقلات المسؤولين العراقيين!!

وهكذا حيكت المؤامرة واستخدم صدام سلاح الجو ... وماهي الاّ أيام وتم قمع الانتفاضة وسقط مئات الألوف من الشهداء ... حتى من لم يُشارك فلقد تم قتله أخذاً بجريرة غيره!

طبعاً سيقولون لك أن ايران هي من حركّت تلك المجاميع ... وهذه كذبة كبرى ... فايران لم تقدم الدعم اللازم للمنتفضين لأن الأمور بأسرها جرت بسرعة فائقة.

بل ان الانتفاضة كانت بلا قائد ... لأنها في الأصل عفوية واختار فيها المنتفضون في كل منطقة قائداً ميدانيا ... والتنسيق بين المحافظات كان شبه منعدم.

كل هذه الأمور تدل على أنها انتفاضة "الشعب العراقي" المظلوم ... وليست لعبة اقليمية.

بالمناسبة ...

هل تذكر الأخ "صفاء" في العاصفة؟ ... لقد كان أحد المنتفضين في مدينة المسيّب شمال الحلة.