غياب مبارك قد يفتح بابا واسعا للصراع على السلطة
المصريون يتساءلون: كيف ستكون الحياة بعد مبارك؟
شائعات مرض الرئيس المصري تلقي بظلالها على الشارع والناس الذين يتساءلون عن حياتهم بعد 'الريس'.
انضم أكثر من 2000 مصري الى مجموعة نقاشية على موقع (فيس بوك) الاجتماعي على شبكة الانترنت والذي يتمتع بشعبية للتفكير مليا في سؤال واحد مربك هو "ماذا ستفعل اذا علمت أن الرئيس مبارك قد مات؟".
وبدأت المراسلات في يونيو\حزيران غير أنها تكثفت وتسارعت خلال الايام العشرة الاخيرة وسط تكهنات دؤوبة بشأن صحة الرئيس المصري حسني مبارك (79 عاما) ومستقبل المنصب الذي يشغله منذ نحو ربع قرن من الزمان.
وكثير من المعلقين لم يشهدوا زعيما اخر غير مبارك الذي يرأس مصر أكبر البلدان العربية من حيث عدد السكان منذ عام 1981. ويسلم البعض بأنه سيعمر أكثر منهم.
وقال رامي راجي العضو بالمجموعة "الرئيس عمره ما هيموت احنا اللي حنموت".
ولم تعلق الرئاسة المصرية وغيرها من مؤسسات الدولة لدى بدء انتشار الشائعات وحتى عندما بدأت صحف ومحطات تلفزيون مستقلة التحدث عن تلك الشائعات.
وجاء التعليق الرسمي الوحيد بشأن صحة الرئيس على لسان زوجته سوزان التي نفت تلك الشائعات ليلة السبت الماضي بعدما فشل ظهوره مرتين على شاشة التلفزيون في اقناع الجميع بأنه على قيد الحياة وبصحة جيدة. وقالت "صحة الرئيس زي الفل (على ما يرام)".
وأحيت تلك الشائعات المخاوف من زعزعة الاستقرار في حالة وفاته خاصة في ظل غياب مرشح واضح لخلافته غير نجله جمال.
وكتب المحلل السياسي حسن نافعة في صحيفة المصري اليوم المستقلة الاحد يقول "الارجح أن غيابه قد يفتح الباب واسعا أمام صراع على السلطة لا يعلم الا الله متى وكيف ينتهي".
واتفق أحمد سعيد (25 عاما) وهو كاتب رياضي مع ذلك قائلا "اذا مات كل شيء في البلد سينهار معه.. كل المرافق والخدمات".
واعتبر أن مصر يحكمها شخص واحد يتحكم في كل شيء.
ومثل أكثر من 50 في المئة من المصريين البالغ عددهم نحو 73 مليون نسمة فقد ولد سعيد بعدما تولى مبارك السلطة وشاهده يحتفظ بقبضة قوية على السلطة رغم الانتقادات الدولية لسجل حقوق الانسان في مصر.
وكتبت ليلي غريب خلال مناقشة أجرتها مجموعة أخرى على "فيس بوك" تقول انها على الرغم من أنها تريده أن يختفي من الصورة الا أنها تشعر بالقلق بشأن مصر بدونه.
وتمثلت أول استجابة رسمية في قيام مبارك بجولة في القرية الذكية وهي منطقة تطوير لتكنولوجيا المعلومات على مشارف القاهرة.
وقال مروجو الشائعات ان اللقطات التلفزيونية قديمة وهو ما زاد من شكوك الناس في أن هناك خطبا ما. لكن صحفيا محليا كان حاضرا أثناء الجولة قال ان اللقطات جديدة وحقيقية.
كما ظهر مبارك بعد ذلك على شاشة التلفزيون وهو يزور مصانع قرب مقر اقامته الصيفي في مدينة برج العرب على ساحل البحر المتوسط غير أن البعض قال ان بديلا حل محله رغم صوت وايماءات الرئيس الحقيقية على ما يبدو.
ونفت وكالة أنباء الشرق الاوسط الرسمية تلك التخمينات ووصفتها بأنها "أكاذيب".
وكان مبارك قد أغشي عليه خلال القائه خطابا أمام البرلمان في نوفمبر\تشرين الثاني عام 2003 كما أجريت له جراحة في الظهر في ألمانيا في يونيو\حزيران عام 2004 غير أنه قال انه بصحة جيدة.
وقال بعض المحللين انه كان يتعين على الحكومة اصدار تقرير طبي يوضح الامر على الفور.
وتساءل ابراهيم عيسى رئيس تحرير صحيفة الدستور اليومية المستقلة قائلا "لماذا نجعل من صحة الرئيس سرا حربيا".
واضاف "هذا يثبت أن النظام لا يستطيع ادارة الازمات... لا يريدون أن يثيروا الاحاديث عن صحة الرئيس وخلافته".
"مثل هذه الاحاديث ستنزل بالرئيس الى مصاف العامة الذين يمرضون ويموتون... هم (الحكام) يعتقدون أن الالهة لا تموت".
وتعتقد جماعات المعارضة ومحللون أن الرئيس مبارك يهيء نجله للرئاسة. غير أن البعض يقولون ان مثل هذه الخلافة لا يمكن أن تحدث الا ومبارك على قيد الحياة لمنع نشوب صراع على السلطة وتدخل الجيش لان ابنه سيكون أول مدني يحكم البلاد منذ عام 1952.
ونفى جمال (43 عاما) -الذي عمل في السابق في بنك استثماري ويتولى حاليا منصب الامين العام المساعد للحزب الوطني الديمقراطي الحاكم- مرارا أن تكون لديه أي طموحات لتولي الرئاسة.
وزاد من الغموض حالة عدم اليقين بخصوص موقف الجيش من الخلافة ورفض مبارك تعيين نائب للرئيس وهو المنصب الذي كان طريق الرئاسة في مصر خلال عمليتي الخلافة على مدى أكثر من 50 عاما.
ويقول الدستور انه في حالة وفاة الرئيس أو فقده القدرة على العمل يتولى رئيس مجلس الشعب المسؤولية لحين اجراء انتخابات بين أكثر من مرشح. والانتخابات القادمة متوقعة بحلول عام 2011.
لكن الدستور يفرض قيودا صارمة على جماعة الاخوان المسلمين أقوى جماعات المعارضة في البلاد تمنعها من طرح مرشح لخلافة مبارك الذي تعد فترة حكمه الاطول في البلاد منذ حكم محمد علي باشا مطلع القرن التاسع عشر.