Array
كنت مرة عزيزى فى لوس أنجيلوس – كاليفورنيا سنة 2001 مع بعض أفراد العائلة فشاهدت رجلاً مُلقى على الارض متمدداً وتقريبا صدمته سيارة , والرجل كان فى حالة صعبة للغاية وكان ينزف الدم بقدر كبير وتقريبا كانت قدمه مكسورة لانها كانت فى وضع غير طبيعى .. الغريب فى الامر ان الماريين من حوله كانوا ينظرون له ثم يكملون طريقهم .. لم يساعد اى احد .. جاء رجل فقط جرى عليه والقى عليه قطعة قماش بيضاء ثم فر هارباً وكانه فعل ما يسوء ! , الحقيقة ظللت اتأمل فى القوم الذين من حوله فى الشارع منهم من يضحك ومنهم من اصابته حالة من الزعر ومنهم من كان ينظر ويكمل طريقه والرجل كان فى منتصف الشارع العمومى ينزف ..
طبعا هذا شىء رايته ولااجبرك على تصديقه ولكن هذا غيض من فيض , قل لى ما سر اللامبالاة التى اصابت جميع من حوله ؟
طبعاً عزيزى لان الغرب معظمه ملحد والملحد لا يساعد (انا ونفسى) لان اللامبالاة سيطرت عليه يا ابراهيم ! ..هو لايبقى على شىء .لو كان يؤمن باله او مبدأ او قانون او منهج لكان ساعد هذا الرجل على الاقل , ولكن كيف حال من ليس عنده مبدأ او منهج او قانون او ضمير الذى يختلف من شخصية الى اخرى ؟
[/quote]

الواقعة التي تحكيها قابلة للتصديق تماماً ، لكن تفسيرك لها فيه قولان :)
معروف أن الفردانية (Individualism) هي جوهرة تاج الحضارة الغربية ، الفردانية التي بمقتضاها ـ مثلاً ـ يرى الأب الغربي ابنته تمارس الجنس مع صديقها في غرفة مجاورة فيعتبر الأمر لا يخصه ولا يعنيه ، وقس على ذلك .
معنى الفردانية وسياق تطورها التاريخي والفلسفي مسألة يطول الكلام فيها ، لكن المهم هنا أن المشهد الذي رأيته لا يمكن ـ في رأيي ـ تفسيره خارج إطار الفردانية كنمط ثقافي أصيل ومتمكن في حياة وثقافة الغرب ، تستطيع أن تقول أنها ـ في هذه الواقعة ـ فردانية في حالة قصوى متطرفة .
وللمقارنة ، تخيل حدثا مشابها في شوارع القاهرة ("الجماعية") مثلا ، بالفعل في ظرف ثوان ستجد من يهب لمساعدة الرجل الجريح ، لكن الأمر لن يتوقف عند هذا الحد وسترى من يأتون من كل صوب وحدب دون أي داع سوى الاستجابة لغريزة التجمع والالتئام التي تعرفها جيداً ثقافة القطعان والحشود والجماهير والذي منه ، وربما انتهى المشهد بحشد كبير من الناس الذين لا يعرفون لماذا أتوا إلى هنا .

لا الإلحاد له علاقة بالمشهد الغربي ولا الإيمان له علاقة بالمشهد القاهري ، هي تنويعات في الوعي والثقافة وأنماط السلوك ، تتطرف وتعتدل وتضعف وتقوى لكن تبقى دائما داخل حدود أطرها العامة .