Array
علّق صديق إيطالي لي كان موجودا في دبي الأسبوع الماضي قائلا بأن المجتمع الأمريكي ليس متدينا وإنما يتمسّك بالله بشكل كبير، أكثر من أي شعب آخر ... God موجود في حياتهم بشكل كبير!!!

(f)
[/quote]


هذا كلام فيه الكثير من الصحة. أعرف الكثير من الناس هنا ممن يعيشون حياتهم بما يخالف الدين جملة و تفصيلا، و هم لا يعرفون من الكتاب المقدس إلا اسمه، و مع ذلك كلما حصلت قضية في المحاكم بخصوص مخالفة جهة معينة لمبادئ العلمانية الدستورية، يهب الجميع هبة رجل واحد للدفاع عن اللـه، و كأنهم رهبان و كهنة و قديسين. (طبعا ما أن تنتهي القضية، يعودون الى ما كانوا عليه من عدم الاكتراث).

في الغرب هذه الفلسفة اسمها Deism أو الألوهية، و هي الايمان باللـه و لكن عدم الايمان او الالتزام بأي دين. قبل عدة عقود، وصلت قضية الى المحكمة العليا حول مخالفة عبارة "اعتمادنا على اللـه" المكتوبة على العملة الامريكية، مخالفتها للعلمانية الدستورية القاضية بالفصل بين الدين و الدولة. في تلك القضية، قال احد القضاة أن هذه العبارة لا تخالف مبدأ الفصل بين الدين و الدولة لأنها لا تعبر عن دين، بل هي مجرد "ألوهية احتفالية" أو رمزية، و منها الكثير من الامثلة في التاريخ الاميركي. هناك الكثير من الاعتراضات و القضايا التي تنتظر النظر فيها اليوم في المحكمة العليا حيث يصر العلمانيون في اميركا ان وجود عبارات مثل تلك على العملة او في القسم الامريكي هي عبارات دينية تخالف العلمنة، و لا أحد يعلم كيف ستحكم المحاكم في تلك القضايا.

في قضية اخرى، رفع بعض الدينيون دعوى يطالبون فيها الحكومة بتعليم "نظرية الخلق" في المدارس الحكومية الى جانب نظرية التطور، و لكن خسروا الدعوى و تم اسقاط قضيتهم لأن القضاة حكموا أن "نظرية الخلق" ليست نظرية علمية، و انما هي نظرية دينية، و لذلك فهي مخالفة للدستور الاميركي.

و في قضية اخرى، رفع العلمانيون دعوى ضد احد المحاكم لأنها احتوت على حجر منقوش عليه الوصايا العشرة، قائلين ان ذلك يخالف العلمانية، و وافقهم القاضي على ذلك و أمر بإزالة الحجر، و كان ذلك مشهدا دراميا للغاية حيث شوهد الكثير من المسيحيين و هم يدافعون عن وجود الحجر بأجسامهم و يحاولون منع رجال الشرطة من الوصول اليه، فتمت جرجرتهم أمام عدسات الكاميرا بالقوة. كان لذلك بعض الاثر و ردة الفعل السلبية ضد العلمانيين.

الكثير من رجال الدين الاصوليين ينادون علنا الى قلب نظام الحكم العلماني و اعلان الدولة الدينية في اميركا، و هم ليسوا جماعات محصورة و انما مؤسسات و كنائس ذات نفوذ و مال كثير. لحسن الحظ، ليس من المحتمل ان يحدث ذلك فرجل الشارع الاميركي مهما كان مؤمنا بالدين، فهو يخاف من سطوة الاصوليين اذا وصلوا الى الحكم.