إلى عوليس

لا أنا لست شيوعياً... انظر حولك، بدءاً من أسرتك وأصدقائك، وأهل شارعك وحيك، ورواد المساجد والكنائس، وحتى دهاليز السياسة، بل وحتى الشوارع... الجميع على خطأ، متعصبون، لاغون لكل ما لا يؤلمهم إلغاؤه، ولاغون للعقل، وأحياناً قتلة للفكر وللروح!
نعم قد أنتمي كل من يحارب اسرائيل، مباشرة وبالسلاح، وليس بأي شيء آخر، لأني أعلم أنها شر وحقد بالكامل. وقد أنتمي إلى قصيدة شاعر يتغزل بمحبوبته، وقد أناصر أفران أرغفة الخبز... أما سوى ذلك فثق بأنه لم يعد يوجد ما يستحق الانتماء إليه!


إلى القرامطي... أشكرك


إلى اسماعيل أحمد

Arrayماجد الدومري قدم رؤية تتعلق بطائفية النظام السوري حيث صورها كرد فعل لمعاملة العرب والخليجيين للنظام، فإن يكن فهمي صحيحا، فأنا أتساءل: اي عزلة كان يعاني منها النظام منذ انقلابه عام 1971 وحتى قيام ثورة الخميني التي انحاز لها؟[/quote]

ولماذا لا تستعمل كلمة "دعم" بدل كلمة "انحياز"؟ وانحاز ضد من؟ وهل كانت إيران تحارب العرب أو السنة عندما قامت الثورة الإسلامية فيها؟ أولم تؤدي الثورة إلى تحول إيران من عميل أمريكي (اسرائيلي حكماً) إلى عدو لهذا الأمريكي – الاسرائيلي؟ أو على أقل تقدير، حولتها إلى منافس سياسي لأمريكا بعد أن كانت مجرد ذيل لها؟ أولا يكفي هذا أن يساند النظام السوري مثل هكذا ثورة؟

إن دعم النظام السوري للثورة الإيرانية جاء في نطاق دعم حركة تحرر ضد ما يسمونه بالامبريالية، وهذه كانت السياسة السورية في ذلك الوقت.

ليس العتب على النظام السوري في دعم ثورة دينية هي في النهاية ضد اسرائيلية (الدولة الدينية الأخرى)، بل إن العار هو على الأنظمة العربية البدوية، التي ما إن قامت الثورة في إيران حتى بدأت تقرع طبول الحرب ضدها بدون أي مبرر، فدفعت بالعراق الصدامية إلى الواجهة ودعمتها كل الدعم بأوامر من ربها أمريكا (نعم ربها)، وجعلت من مسألة الجزر الإماراتية كبرى المشاكل بعد أن كانت لا تذكر نهائياً أيام الشاه الإيراني.

لقد أثبت التاريخ، أن دعم صدام حسين ضد إيران كان خطأ فادحاً. وقد دفع الجميع ثمنه من أمنهم وثرواتهم.

أصلاً أنا يا عزيزي من يحق له أن يسأل لماذا قررت الحكومات العربية جميعاً عداء إيران بعد الثورة فيها، علماً بأن هذه الحكومات كانت مسالمة لإيران قبل الثورة، إن لم تكن صديقة وحليفة، إلا مما خلا وندر من المشاكل التي كانت تسمى صغيرة! أوليس لدافع طائفي؟

Arrayألم تقف معه السعودية في حرب 1973؟[/quote]

إن وقوف السعودية معه في حرب 73 لهو دليل على عدم طائفية النظام، على الأقل حتى ذلك الوقت. إذ لو كان طائفياً لما دعمته. أذكرك بأني لا أقول بعدم طائفية النظام السوري بالمطلق، لكني أقول بكونها نتيجة لطائفية الآخرين ضده.

Arrayألم يقف هو والسعودية معا ومع العرب الآخرين في صف يعزل مصر بسبب كامب ديفيد؟[/quote]

وهذا دليل آخر على كون العرب في ذلك الوقت يعيرون القضايا المصيرية اهتماماً أكبر من الطائفية، والنظام السوري كان من بينهم، أي أنه لم يكن طائفياً. نحن اليوم نتكلم عن طائفية الأنظمة العربية التي بدأت تلوح بوادرها بشكل خفيف بعد حرب الخليج الأولى، ودخلت مرحلة الذورة منذ وفاة حافظ الأسد.

Arrayهل اكتشفت السعودية علويته فقط بعد الحرب العراقية الإيرانية حين رأت النظام السوري ينحاز عن أمته العربية ليقف في صف إيران مع كل تبجحاته القومية ضد بعض بني جلدته؟[/quote]

أظن أني أجبتك على هذا السؤال. إن دعم غبي مثل صدام حسين كان جرماً لا يغتفر بغض النظر عن أي انتماء طائفي، وفرق النظام السوري عن سواه في هذه المسألة أنه كان أبصر من أنظمة العربان بهذه الحقيقة.

ثم إن للمسألة هنا حسابات أخرى تخرج عن نطاق الطائفية أيضاً، ألا وهي كون صدام حسين وحافظ الأسد على خصام شخصي مباشر، وهما يمثلان شقين متنافرين لحزب البعث. وكان الصدام بين النظامين، السوري والعراقي، قائم على المستوى المخابراتي حتى قبل بدء الثورة الإيرانية.

وكدليل آخر على عدم طائفية النظام السوري سابقاً، فقد حدث جلياً أمام جميع العرب أن تعهد الأسد إلى صدام عام 1991 بالوقوف إلى جانب العراق في وجه أمريكا "بكل شدة وبأس" إن انسحب من الكويت. حدث ذلك قبل الهجمات الأمريكية الأولى بأشهر. وكان ذلك بعد توقف الحرب العراقية الإيرانية بأقل من سنتين، وبعد أن توطدت علاقة الإيرانيين بسوريا جيداً. ولكن هذه العلاقة لم تمنع النظام السوري من محاولة فتح صفحة جديدة أمام العلاقات مع العراق، بل والانخراط معها في حرب ضد الأمريكي المستعر. أين كانت طائفية النظام السوري في ذلك الوقت؟

ثمة دليل آخر معاصر. كيف تفسر الدعم السوري لحركة حماس في فلسطين وللمقاومين (الإرهابيين بمصطلح آخر) في العراق، علماً بأن جميعهم بلا استثناء من السنة؟

أخيراً، نعم النظام الآن غارق في استخدام قوة الولاء الطائفي، لأنها أصبحت مع الأسف، وبفضل ألاعيب الإرادة الأمريكية، والرقص العربي العرباني على أنغامها، القوة المؤثرة الأولى في سياسة الدول العربية وولاء شعوبها، بل والسلاح الأخطر بيد كل تاجر أديان وأوطان. ولكن أعيد ثانية، لم يكن النظام السوري هو البادئ، بل وإن الأنظمة العربية التي تمعن في عدائها له نزولاً عند رغبات ربها أمريكا هي التي تدفعه باتجاه إيران أكثر وأكثر. ولن تكون النتيجة إلا خسارة لهذه الأنظمة، وربما للجميع.