بعيدا عن هلوسات سايكس بيكو التي جعلت كل قطعة قارة قائمة بذاتها، يعتقد أهلها أن لا شيء وراءها إلا المارد الذي يبتلع الأقزام، فالمنطقة كانت ولا زالت شيئا واحدا، بشيعتها وسنتها، وعربها وكردها وتركها وفرسها، وقد يؤدي حركة فراشة في إيران إلى إعصار في مصر وبالعكس، ولا زالت المنطقة ككل بوتقة واحدة رغم الحدود المصطنعة.

وهذا لا علاقة له بالإسلام أو الأيدولوجيا الإسلامية، بل كان هذا حال المنطقة قبل الإسلام وبعده، ولا علاقة له بالعرب والقومية العربية، بل هو يشمل العرب وجيرانهم.

نأتي إلى العراق كحالة مطروحة للنقاش،

عهد صدام حسين، إذ جعل النظام والدولة في العراق مربوطا بشخصه، أدى إلى انهيار الدولة بعد رحيل نظامه، فصار الحال جماعات مربوطة بحدود دولية، لا يحفظها إلا الموقف الدولي.

حين نريد أن نعالج هذه الحالة، فنحن أمام خيارين، حل داخلي أو حل إقليمي.

الحل الداخلي هو التوافق على المبدأ الذي تقوم عليه الدولة بشكل يتفق مع ما تقتنع به الأمة، وهو حل طويل المدى يحتاج أحزابا سياسية مخلصة، وهذا صعب أن يوجد في ظل الفوضى الخلاقة هناك.

والحل الإقليمي يكون بالاتحاد الاندماجي بين العراق ودولة ذات ثقل ديمغرافي وسياسي، ولعل مصر أن تكون مناسبة لولا البعد الجغرافي.

الحلول هذه قد تبدو أحلاما، لكن ما يطرح ضمن غيرها هي ما جرب وأكلنا هوا من وراه.

كل حل انعزالي لن يفيد، فلا حدود طبيعية تفصل العراق عن جيرانه، ولا عرقية، ولا أيدولوجية، وهو متصل بكل جيرانه بشكل لعبة البازل، فله امتدادات عند كل جيرانه، ولكل جيرانه امتدادات لديه.

العراق فيه إيران والجزيرة والشام وتركيا، وهو في إيران والجزيرة والشام وتركيا موجود، ولا يمكن له تجاهل ذلك، والرافدين يمران في سوريا وتركيا، ومن العراق أجزاء لا علاقة للرافدين بهما!