إشارات اقتصادية تشكل خارطة سياسية عالمية جديدة
GMT 6:00:00 2007 الجمعة 14 سبتمبر
خالد العبود



--------------------------------------------------------------------------------


قراءة خالد العبود من الرياض

من خلال قراءة الأحداث الاقتصادية الحالية ربما تبوء جميع محاولاتك بالفشل و أنت تحاول فك رموز أسباب وصول أسعار برميل النفط إلى أعلى من 80 دولارا في الأسواق العالمية على الرغم من زيادة منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) إنتاجها بمقدار نصف برميل يومياً، في الوقت الذي تجاوزت فيه أسعار الذهب في سوق المعادن الثمينة العالمية أعلى مستوياتها السابقة عند 710 دولارات للأوقية، وستفكر ملياً لتجد أنه من الغريب ارتفاع أسعار سلعتين ( الذهب والنفط) في الوقت نفسه في ظل الانخفاض المستمر في الدولار الأميركي لأدنى مستوياته في 15 سنة.


التقارير العالمية والآراء المحكمة ربطت في كسر حاجز المئة دولار للبرميل بالأسباب الجيوسياسية فقط دون غيرها من الأسباب المتعلقة بسياسات العرض والطلب العالمي أو مشاكل المصافي وغيرها من الأسباب الأخرى وهو ما يؤكد بالفعل أن وصول سعر النفط يعكس صورة قاتمة سوداء ومأسوية في العالم ربما يتضح على المدى المنظور.

المتابعات الأخيرة للأحداث السياسية تبين أن الطيران الإسرائيلي قد اخترق الأجواء السورية قبل يومين بدون أسباب في محاولة ربما تستهدف إثارة الرأي العام ومعرفة ردود الفعل في المنطقة خاصة لدى حليفتها الوحيدة في الوقت الحاضر وهي جمهورية إيران الإسلامية بالإضافة إلى تحديد أماكن القوة الإستراتيجية الجديدة لدى النظام السوري.

الملاحظة الأخرى هنا ترتبط باجتماع الكونغرس الأسبوع الماضي وموافقته على زيادة عدد القوات الأميركية رغم مطالبته الرئيس الأميركي جورج بوش في وقت سابق بالانسحاب، وهو ما يربطه مراقبون بزيارة بوش للصين منذ الفترة التي عنونت إعلامياً بإشكاليات المنتجات الصينية وزيادة التبادل التجاري بين البلدين ويعتبرونها تغطيه إعلامية لوعود قدمها بوش للصين من خلال منحها تعويضات في مقابل تخليها عن صفقه وقعتها في أواخر العام الماضي مع وزارة النفط الإيرانية بشأن صفقة غاز مع الصين بقيمة 16 مليار دولار أميركي، والتي بموجبها كانت الصين ستنفذ عملية على مدار ثمانية أعوام على أربع مراحل لتطوير حقل بارس الشمالي الواقع على بعد 85 كيلومترا إلى الشمال من حقل بارس الجنوبي العملاق للغاز الواقع في الخليج، حيث كان من المقرر تحويل الغاز الموجود في الحقل الشمالي إلى غاز طبيعي مسال يقتسم مناصفة بين إيران والصين.


ويوجد في حقل بارس الجنوبي للغاز نحو 80 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي وهو ما اعتبرته الإدارة الأميركية لعبة اقتصادية ذات غطاء سياسي من قبل النظام الإيراني لتغطية أهدافها الرئيسة في تأخير الهجوم الأميركي عليها بسبب الملف النووي الإيراني، ويعتقد مراقبون أن بوش نجح في مساعيه بعد توقيع الصين قبل شهرين من الآن اتفاقية تستورد بموجبها ثلاثين مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي من تركمانستان سنويا لمدة ثلاثين سنة يتم نقله عبر خط سيتم إنشاؤه في وسط آسيا.

جميع الخيوط السابقة تشير إلى تشكل ملامح خطط الهجوم على الجمهورية الإسلامية الإيرانية خلال الفترة القريبة القادمة وهو ما سيعزز فكرة كسر حاجز المئة دولار للبرميل مع إغلاق مضيق هرمز في حالة الحرب في منطقة القلب الاقتصادي للعالم خصوصاُ مع تحرك الدب الروسي في المنطقة وإقامته تحالفات إستراتيجية سياسية غطاؤها اقتصادي وآخرها مع الإمارات قبل أيام لتبدأ مرحلة ازدهار جديدة لها على الخارطة العالمية خصوصاً مع تقارير تشير إلى أن التوتر بين المملكة المتحدة وروسيا على أشده عقب مقتل الدبلوماسي الروسي في بريطانيا وهو ما قد يدعم فكرة دخول روسيا للعبة الحرب الأميركية ضد الأهداف الإيرانية لإيقاف تدخل أميركي محتمل بجانب حليفتها لندن في حال تزايدت التوترات السياسية بين الحكومتين الروسية والبريطانية.