{myadvertisements[zone_1]}
شهر رمضان
يجعله عامر غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 2,372
الانضمام: Jun 2007
مشاركة: #7
شهر رمضان
مقالات - رمضان في الكتاب والسنة (3)
- الصيام وسيلة لتقوية الإرادة والسيطرة علي الانفعالات -
د. حسن حنفي
وكان الرسول يعد أيام الشهر باليد تأكيدا علي الجانب الحسي في الوقت وعدد الأيام (الشهر هكذا وهكذا) من دون حاجة إلي حساب فلكي (إنا أمة أميّة لا نكتب ولا نحسب. الشهر هكذا وهكذا). الوعي بالزمان بداية ونهاية ليس مشروطا بتعلم القراءة والكتابة. هو إحساس داخلي عند الأمي الذي يعتمد علي إحساسه الطبيعي وعلي ذاكرته وحواسه. كما يركز الحديث النبوي علي أول الليل ساعة الإفطار وعلي آخره ساعة بدء الصيام (إذا رأيتم الليل أقبل من ها هنا فقد أفطر الصائم) وفي رواية أخري (إذا أقبل الليل من ها هنا وأدبر النهار من ها هنا وغربت الشمس فقد أفطر الصائم). والتعجيل بالإفطار سنة، فالفرح لا يؤجل.
ولا يجوز الصيام يوم الجمعة فهو يوم عيد، يوم لقاء الناس في صلاة الجمعة والتحادث إليهم والتحاب معهم والزيارات والتحيات المتبادلة (لا يصومن أحدكم يوم الجمعة إلا يوما قبله أو بعده). الصيام اعتكاف، والصلاة مشاركة. والجمعة عيد المسلمين.
والصوم واجب وفرض، وهو صوم رمضان. وهو أيضا سنة ونفل مثل صوم عاشوراء وصوم السفر. وهكذا الحال في باقي الواجبات، مثل الصلاة، فرض وسنة. فلما سئل الرسول علي ما فرض علي المسلم من صلاة وصيام أجاب (الصلوات الخمس إلا أن تطوع شيئا)... (شهر رمضان إلا أن تطوع شيئا). والصوم الاختياري التطوعي يدل علي أن الصيام ليس فقط واجبا أو فرضا بل هو أيضا التزام ذاتي، واختيار حر، ونداء باطني للذات. فالتنزيل يقابله التأويل. ولا تنزيل بلا تأويل، ولا تأويل بلا تنزيل.
ومثال ذلك صوم عاشوراء. فقد كانت قريشا تصوم يوم عاشوراء في الجاهلية ثم أمر الرسول بصيامه حتي نزل فرض صيام رمضان. وترك الرسول صوم عاشوراء علي الخيار (من شاء فليصمه، ومن شاء أفطر). وفي رواية أخري (يوم عاشوراء إن شاء صام).
ولا يقتصر الأمر في الصوم الاختياري علي حرية الاختيار بل أيضا يفيد التواصل مع الديانات السابقة، اليهودية مثلا. فقد كانت اليهود في شبه الجزيرة العربية تصوم يوم عاشوراء. ولما قدم النبي إلي المدينة سأل عن السبب بعد أن رأي اليهود يصومون هذا اليوم فقيل له إنه يوم صالح عندهم، يوم نجّي الله بني إسرائيل من عدوهم فرعون. فصامه موسي شكرا لله. فقال الرسول (فأنا أحق بموسي منكم). كانت اليهود تعتبر يوم عاشوراء عيدا، والمسلمون أحق به منهم (فصوموه أنتم). فالإسلام يرث شعائر اليهودية، والرسول خاتم الأنبياء. وقد صامه الرسول، وخيّر المسلمين الصيام فيه (هذا يوم عاشوراء، ولم يكتب عليكم صيامه، وأنا صائم. فمن شاء فليصم، ومن شاء فليفطر).
وصيام المسافر أيضا علي الخيار، إن شاء أفطر رخصة وإن شاء صام عزيمة. فلما سأل أحد الصحابة وكان كثير الصيام هل يصوم في السفر؟ قال الرسول (إن شئت فصم، وإن شئت فافطر). ولما كان الله يحب أن تؤتي رخصه كما تؤتي عزائمه فلم يحبذ الرسول في رواية أخري الصوم في السفر قائلا (ليس من البر الصوم في السفر). ومع ذلك يظل علي الخيار اختبارا لقدرة الإنسان دون أن يكلف نفسه ما لا يطاق خاصة وأن البعض يأخذ السفر ذريعة في الإفطار، والبعض الآخر يصوم في السفر فلم يعد السفر بالطائرات اليوم به مشقة السفر في الصحراء.

المفطرات
والطعام والشراب نسيانا في رمضان ليس من المفطرات. فالأعمال بالنيات والطعام والشراب نسيانا من غير عمد لا يُذهب الصيام عن نية وقصد. (إذا نسي أحدكم فأكل وشرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه). أما الجماع نسيانا فهو افتراض غير واقعي نظرا لما يتطلبه الجماع من وقت يتذكر فيه الإنسان أنه صائم. والجنابة عن جماع أو احتلام أثناء الليل وقبل طلوع الفجر لا تبطل الصيام بعد طلوع الفجر. فقد أخبرت عائشة وأم سلمة أن الرسول كان يدركه الفجر وهو جنب من أهله ثم يغتسل ويصوم كما يروي البخاري. أما قبلة الصائم فتروي عائشة أن الرسول كان يقبّل بعض أزواجه وهو صائم. وقد رُوي نفس الشيء عن أم سلمة أنها كانت والرسول يغتسلان من إناء واحد وكان يقبلها وهو صائم كما يروي البخاري أيضا.
واستعمال السواك لا يفطر. إذ يذكر عن النبي أنه استاك وهو صائم. فالسواك كما تقول عائشة مطهرة للفم، مرضاة للرب. والمضمضة لا تفطر حتي في الوضوء بالرغم من طعم الماء في الريق الجاف. المهم النية، الوضوء للصلاة أم المضمضة لإدخال بعض الماء في الريق؟ والحقيقة أن المفطرات هي ما يدخل في الجوف أو ما يخرج منه عمدا وقصدا. فالنية شرط العبادة. ولا توجد أقوال في ذلك من الرسول بل كلها أفعال أو إقرارات. والسنة القولية أقوي في الحكم من الفعل والإقرار. فالحجامة أي فصد الدم والقيء لا يفطران. فالمفطر ما يدخل في الفم لا ما يخرج منه وهو أصح الأقوال.
أما بالنسبة إلي النساء فإن الحائض تترك الصوم والصلاة. ولكنها تقضي الصيام ولا تقضي الصلاة. ويتساءل أصحاب الرأي عن علة التفريق بين الصوم والصلاة في القضاء. ويرد أهل الأثر أن كثيرا من الآثار لا تأتي بالضرورة وفقا للرأي. ومع ذلك، فإن الصوم أندر من الصلاة. لذلك يجوز فيه القضاء. والصلاة أكثر شيوعا من الصيام لذلك لا قضاء فيها. كما أن كثرة النوافل في الصلاة قد تكون قضاء غير مباشر عن فوات صلاة الحائض. وكل ذلك اجتهادات في التعليل. وقد يكون في قضاء صلاة أسبوع الحيض مشقة علي الحائض فيما لا ذنب لها فيه.
ليس الصيام عذابا للنفس بل ترويض لها. ليس غاية في ذاته بل وسيلة لتقوية الإرادة وشحذ الهمة، والسيطرة علي الانفعالات وأهواء البشر. ويتجلي ذلك في تعجيل الفطور، وأخذ السحور، وعدم مواصلة الصيام ليلا ونهارا. تكفي ثلاثة أيام في الشهر أو صوم داود، نصف الدهر، إفطار يوم وصيام يوم. فالصيام فضيلة يعقبه فرح الإفطار. وكافأة الإرادة خير من تعذيبها، وتراكم فضيلة فوق فضيلة، فضيلة الصلاة بعد فضيلة الصوم بلا انقطاع. (لا يزال الناس بخير ما عجّلوا الفطر).
والسحور أيضا فضيلة، واستعداد للصيام التالي (تسحروا فإن في السحور بركة). وقيام الليل ليس فقط للعبادة والتهجد وذكر الله بل أيضا للطعام والشراب استعدادا لممارسة عملية ضبط الإرادة وترويض النفس في اليوم التالي.

واقعية الاسلام
وتتجلي واقعية الإسلام في تحريم مواصلة الليل بالنهار صياما دون إفطار. وغن أقصي وقت للمواصلة هو السحر (لا تواصلوا. فأيكم إذا أراد أن يواصل فليواصل حتي السحر). وإذا كان الرسول قد واصل فإن ذلك حكم خاص به نظرا للعلاقة الخاصة بينه وبين الله. فالوحي طعام وشراب روحيان. (لست كأحد منكم. غني أطعم وأسقي) وفي رواية أخري (أني لست كهيئتكم. إني أبيت لي مُطعم يطعمني وساق يسقيني). وتزيد رواية ثالثة (فاكلَفوا من العمل ما تطيقون).
وهناك حق الزوج في المعاشرة وحق الضيف في إكرامه مما يمنع مواصلة الليل بالنهار. فحين بلغ الرسول أن عبد الله بن عمرو بن العاص يصوم النهار ويقوم الليل قال (فلا تفعل. صم وأفطر، وقم ونم، فإن لجسدك عليك حقا، وإن لعينك عليك حقا، وإن لزوجك عليك حقا، وإن لزورك عليك حقا. وإن بحسبك أن تصوم كل شهر ثلاثة أيام فإن لك بكل حسنة عشر أمثالها فإن ذلك صيام الدهر كله). ومهما بلغ الإنسان من قوة وقدرة علي الصيام فوق ثلاثة أيام في الشهر فإن أقصي ما يستطيع صومه صوم داود، صوم يوم وإفطار يوم. (فصم صيام نبي الله داود عليه السلام ولا تزد عليه). وهو يعادل صوم ضعف الدهر. فإن استطاع القادر أن يصوم يوما ويفطر يومين، فلا صوم أكثر من صوم النبي داود.
ونظرا لأن الصوم إحساس بالآخرين، وتعاطف مع الفقراء والمحتاجين، وإحساس جماعي بترابط الأمة فإنه يجوز قضاء الصوم بين الأولياء كما قال الرسول (من مات وعليه صيام صام عنه وليه). وكما يكون الميراث بين الأقرباء يكون الصيام بينهم أيضا، أخذا بأخذ، وعطاء بعطاء. لذلك يجوز قضاء الصوم عن الأم المتوفاة بصوم ابنها قياسا علي الدين. عليه الوفاء بالدين، ودين الله أحق بالقضاء (فدين الله أحق أن يُقضي). وما يجوز من الابن للأم يجوز للأخت ومن البنت للأم. وواضح هنا أن الولاية من الابن والابنة للأم بيانا لدور الأم في الولادة والتربية وضرورة قضاء دينها عليها من الأبناء والبنات.
صحيح أن المسئولية فردية، وأن الجزاء طبقا للأعمال. ولكن في هذه الحالة يتواصل عمل الأحياء في عمل الأموات نظرا للقرابة ولصلة الرحم، مثل الترحم علي أموات المسلمين والدعوة لهم بالمغفرة وحسن العاقبة.

السنة النبوية
كانت هذه أهم موضوعات الصيام في السنة النبوية: عبادة ومغفرة، وجزاؤه الجنة وفتح أبواب السماء لدعاء الصائم. ويرتبط بالاعتكاف. في العشر الأواخر من رمضان ليلة القدر، ليلة نزول القرآن. كما ارتبط الصيام بتكفير الذنوب والتعويض عن الكبائر تطهيرا للنفس، والإمساك الشامل عن الرذائل والسيطرة علي النفس وضبط الأهواء وحسن الأخلاق. وهو وسيلة لمعرفة الأوقات والإحساس بالزمان في الشهر واليوم والليل وساعة الإفطار والسحور. وهو واجب ونفل، تكليف واختيار. لا يشق علي النفس في حالة النسيان. وليس تكليفا بما لا يطاق بدليل تعجيل الفطور وتفضيل السحور، وعدم مواصلة الليل بالنهار أو صوم الدهر كله. وأخيرا الصوم فضله علي من لا فضل له أو من نقصه الفضل بين الأحياء.
الصوم إذن ليس مجرد الامتناع عن الطعام والشراب بل هو تكوين نفسي وذهني، وبناء اجتماعي، وعلاقة بالعالم، وصلة بالله. هو جزء من كل، وعبادة ومعاملة. يكشف عن جوهر الإسلام الذي يمثل الدينات السابقة وأكملها وطهرها مما علق بها من صورية وشكلية.
09-15-2007, 05:52 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الردود في هذا الموضوع
شهر رمضان - بواسطة يجعله عامر - 09-13-2007, 11:34 PM,
شهر رمضان - بواسطة ATmaCA - 09-14-2007, 07:02 AM,
شهر رمضان - بواسطة solomon - 09-15-2007, 01:14 AM,
شهر رمضان - بواسطة يجعله عامر - 09-15-2007, 05:40 AM,
شهر رمضان - بواسطة يجعله عامر - 09-15-2007, 05:47 AM,
شهر رمضان - بواسطة يجعله عامر - 09-15-2007, 05:50 AM,
شهر رمضان - بواسطة يجعله عامر - 09-15-2007, 05:52 AM
شهر رمضان - بواسطة يجعله عامر - 09-15-2007, 05:54 AM,
شهر رمضان - بواسطة يجعله عامر - 09-15-2007, 06:10 AM,

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  لا كفّارة على جماع الرجل لزوجته في نهار رمضان فارس اللواء 0 350 07-23-2014, 11:49 PM
آخر رد: فارس اللواء
  لا كفّارة على جماع الرجل لزوجته في نهار رمضان فارس اللواء 0 238 07-23-2014, 11:48 PM
آخر رد: فارس اللواء
  برنامج المبشرات لفضيلة مفتي الديار المصر يه علي جمعة رمضان 2007 - 1428 تسجيل صوتي يجعله عامر 1 691 10-13-2007, 09:09 AM
آخر رد: يجعله عامر
  الافتاء فى توافه الأمور: مس المرء لأعضائه التناسلية والتكييف الشرعى للحقنة الشرجية فى رمضان arfan 2 917 10-02-2006, 02:47 PM
آخر رد: The Godfather
  تهنئة بقدوم شهر رمضان المبارك 28 3,499 10-12-2005, 08:27 AM
آخر رد: Guest

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 6 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS