{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
«فكرة» انثروبولوجيا الإسلام
سيناتور غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 1,957
الانضمام: Mar 2007
مشاركة: #1
«فكرة» انثروبولوجيا الإسلام




طلال أسد(1)
تعريب: أبو بكر باقادر (2)

تقديم:
تشكل مقالة طلال أسد هذه احد أهم الردود لما يثور من جدل علمي كبير في أوساط الجامعات الغربية حول ما يسمى ب”الخطاب الانتربولوجي المعاصر” وبخاصة ذلك الخطاب الذي يدعى بأنه يقدم الإسلام دون أن يرث مطاعن الاستشراق من ناحية، كما أنه”يبتعد” ما أمكنه عن الانتربولوجيا التقليدية المرتبطة على مستويي النظر و العمل، بالاستعمار القديم من ناحية أخرى.
إن أهم سمات الخطاب الجديد هي محاولته ربط نظرية العلوم الاجتماعية بالمرتكزات الفلسفية لهذه العلوم، بل انه قد وضع الأخير موضع تساؤل، فضلاً عن ادعائه الأخذ بالاعتبار للأبعاد التاريخية و السياسية وتطلعات الناس. ان ما يحاول القيام به المشتغلون بهذا النوع من الخطاب هو النفاذ إلى جوهر وحقيقة الإسلام و المجتمعات التي تقوم على أساسه، في محاولة جادة تقوم على “فهم” وتمثل ما يراه المسلمون. وليس بإسقاط مفاهيم خارجية على مجتمعاتهم.
ولعل من أبرز شخصيات هذا الخطاب Gellnerوجيرتس Geertz وهما شخصيتان متعارضتان في المفاهيم و المناهج و الفلسفة، ولكل واحد منهما أتباعه ومؤيدوه، يدرس الأول حاليا في جامعة كامبردج الإنجليزية، و الثاني في جامعة برنستون بأمريكا. توجه المقالة التالية نقداً جذرياً وعلمياً لآراء جيلنر، ومع أهمية هذا النقد فهو لا يغني عن قراءة خطاب جيلنر ذاته لكونه يترجم رؤية الغرب لعالم الإسلام ويشكل صورته على مقاييسه كغرب.
1. برز منذ سنوات اهتمام متزايد بما يمكن ان نطلق عليه اسم انتربولوجيا الإسلام. حيث تزايدت منشورات الانتربولوجيين الغربيين التي تحمل كلمة “إسلام” أو “مسلم” في عناوينها بمعدلات عالية. وربما كانت الأسباب الكامنة وراء هذا الفيض من الكتابات مفروضة ولا تحتاج إلى إيضاح كبير، لكنه وبغض النظر عن هذه الأسباب، فأنني هنا سأحاول ان أركز على المفهوم الأساسي لهذا التراث العلمي، ولهذا فأنني سأبدأ مباشرة بطرح سؤال كبير ألا وهو ما هو المقصود على وجه التحديد بانتربولوجيا الإسلام ؟ وما هو موضوعها ؟ ربما طننا بأن الإجابة على هذا السؤال واضحة، حيث يمكن أن يقال بأن ما تعالجه انتربولوجيا الإسلام هو على وجه التأكيد الإسلام لكن ان نجعل الإسلام مفهومياً موضوع دراسة انتربولوجية ليس بالأمر اليسير، كما تحاول أن تصوره لنا بعض الكتابات.
فهنالك على الأقل، ثلاثة إجابات عامة لسؤالي: (1) انه لا يوجد، في التحليل النهائي، موضوع نظري مادته هي الإسلام، (2) ان الإسلام عبارة عن مجرد بطاقة تعريف انتربولوجية لمجموعة غير متجانسة من الأشياء ينعتها الاخباريون بالإسلام، (3) إن الإسلام شمولية تاريخية متميزة تنتظم جوانب مختلفة من الحياة الاجتماعية، حيال هذه الإجابات أرى ان من الأفضل ان اعلق بإيجاز على نماذج منتقاة، بحيث تقدم توضيحاً على الإجابة الأولى و الثانية. وبعدها أقوم بإجراء فحص تفصيلي لمحتويات الإجابة الثالثة، وهي الإجابة التي نجدها من حيث المبدأ الأكثر أهمية، حتى وان كانت بالنسبة لنا، كما سأوضح ذلك، غير مقبولة، هذا وسأختتم بحثي ببعض المقترحات الخاصة بموضوع الدراسة الانتربولوجية للإسلام.
قبل ثمانية أعوام محاول عالم الانتربولوجيا عبد الحميد الزين مواجهة هذا السؤال (السؤال الذي طرحناه) في مقالة مسيحية بعنوان “ما بعد الأيديولوجيا و اللاهوت”: البحث عن انتربولوجيا الإسلام (3). وكانت مقالته تلك محاولة جريئة، لكنها لم تكن مفيدة في النهاية. فلقد ربطت فكرة وجود صيغ متعددة للإسلام، تعتبر كلها بدرجة متساوية حقيقية، وتستحق الوصف، بصورة محيرة، التأكيد على أنها في النهاية عبارة عن تمظهرات لمنطق تحتي لا واعي. وقد قاده هذا الانزلاق العجيب من انتربولوجيا سياقية إلى عموميات ليفي شترا ويسه إلى الجملة النهائية في مقالته تلك: “وهكذا يذوب أو يتحلل الإسلام كوحدة تحليلية”. أو بعبارة اخرى. ان لم يكن الإسلام وحدة تحليلية فانه ليس بمقدورنا ان نتبين وجود شيء (موضع) باسم انتربولوجيا الإسلام، وهذا يكفي للاجابة على النوع الأول.
أما بالنسبة للنوع الثاني من الاجابات، فلقد اكد مايكل جيليسنان في كتاب له بعنوان”التعرف على الإسلام” (4). بأنه ينبغي ان لا تلفى أية صيغة من تمظهرات الإسلام من اهتمام عالم الأنتربولوجيا على أساس انها لا تمثل الإسلام الحقيقي. ويقترح أن توضع الاشياء المختلفة التي يعتبرها المسلمون انفسهم اسلامية ضمن سياق حياة وتطور مجتمعاتهم بحيث يمكن اعتبارها قاعدة علم اجتماعي معقولة و ان كان هذا لا يمكننا حقيقة من التعرف على الإسلام كموضوع تحليلي للدراسة. ان الفكرة التي يتبناها بعض علماء الانتربولوجيا هي ان الإسلام ببساطة هو ما يعتقد به المسلمون في كل مكان ولكن هذا لا يجدي إذا علمنا ان هناك من المسلمين من لا يسلم بصحة ما يراه مسلمون آخرون، وحيال ذلك فإنه لا يمكننا في محاولة لحل هذا التناقض ان نقول بأن الإسلام هو فقط ما يراه علماء الانتربولوجيا مطابقاً لمعتقدات وممارسات المخبر المحدث – ذلك أنه بات من المستحيل عموما ً تعريف المعتقدات أو الممارسات في ضوء موضوع معزول، فتصورات المسلم لمعتقدات وممارسات الآخرين هي في الواقع معتقداته الخاصة. وهي ككل هذه المعتقدات، تتبع ويتم الحفاظ عليها من خلال علاقاته الاجتماعية مع الآخرين.
ودعونا الآن نلتفت للاجابة عن النوع الثالث حيث نواجه واحدة من اكثر المحاولات طموحاً في الاجابة عن سؤالنا، وربما كان افضل ما يمثل هذه المحاولة كتاب أرنست جيلنر “المجتمع المسلم” (5) حيث قدم جيلنر نموذجاً انتربولوجياً عن الطرق المميزة التي يتفاءل فيها النظام الاجتماعي و المعتقد الديني و السلوك السياسي بعضها بالبعض الآخر ضمن سياق الشمولية الاسلامية. و سأعالج فيما يلي بشيء من التفصيل هذا النص، لكن مع ذلك لن يكون هدفي ان اقوّم عملاً معيناً، إنما هدفي هو استخدامه لاستخلاص مسائل نظرية يجب ان يفحصها من يرغب الكتابة حول انتربولوجيا الإسلام، وكما يحدث عادة، يحتمل أن يكون العديد من عناصر للصورة العامة التي يعدمها جيلنر في كتابه هذا موجودة في كتابات أخرى – لدى علماء انتربولوجيا ومستشرقين وعلماء مختصين في علوم السياسة وصحفيون. لذا فإننا حينما نعالج هذا النص ننظر إليه باعتباره اكثر من مجرد يرد فريد، لكن يجب ان اؤكد انني مهتم بدرجة أقل بالصورة أو الطريق التي قدمت بها – أو الافتراضات التي تقوم عليها و المفاهيم التي تستخدمها.
2. هنالك في الواقع اكثر من محاولة في صياغة مفهوم للإسلام في كتاب جيلنر. أولاها تشمل مقارنة صريحة بين المسيحية و الإسلام. فكلا الدينين هما عموماً تجسيد تأريخي مختلف للقوة و الايمان، احدهما يقع أساساً في أوروبا و الآخر في الشرق الأوسط بصورة عامة، ومثل هذه الصياغات، كما لا يخفى، تعبر عن فكرة محورية مركزية في الاستشراق، على انها ليست مقتصرة عليه، فهي تظهر ايضاً بصورة مستترة ضمنية في كتابات العديد من علماء الانتربولوجيا، وأحد علامات ذلك، حقيقة أن الكتب الانتربولوجية المهتمة بالشرق الأوسط – مثل كتاب جولك (6) أو أيكلمان (7) _ تخصص فخلها الذي تدرس فيه”الدين” كلياً للإسلام. وبطبيعة الحال الكل يعرف ان المسيحية و اليهودية تعتبر ان أدياناً محلية في منطقة الشرق الأوسط. فلقد عاش المسيحيون و اليهود وبصورة دائمة في هذه المنطقة وبأعداد لا بأس بها. لكن مع ذلك تصبح عقيدة المسلمين وممارستهم محط اهتمام معظم علماء الانتربولوجيا الغربيين على ما يظهر، لذا تهمش اليهود السفاردية و المسيحية الأرثوذكسية، وتقدم اعتبارها فرعاً ثانوياً في الشرق الأوسط لتأريخ حقيقي تطور في مكان آخر، في أوروبا وفي جذور الحضارة الغربية.
ويدرك العديد منكم ان هذه الفكرة عن أوروبا باعتبارها المركز أو المحور الحقيقي للمسيحية مثلما هو الشرق الأوسط المركز الحقيقي للإسلام، هذه الفكرة ترفض بسبب مثاليتها. لكن الرفض العلني لهذه الفكرة لا يقوم على الاعتراض القديم الذي ينصب على تقديم الدين باعتباره جوهر التأريخ و الحضارة، وهو اعتراض قال به حتى بعض المستشرقين من أمثال بيكر، ومنذ فترة طويلة ( فاهتمامي كعالم انتربولوجيا إنما يتركز حول هذه الطريقة المتميزة في التقابل و التي تؤثر في الصياغة العلمية لمفهوم الإسلام. ودعوني افصل هذه النقطة بالإشارة إلى كتاب جيلنر. ففي هذا الكتاب نجد ان الفقرات الافتتاحية، تشير إلى التقابل بين الإسلام و المسيحية بصورة جريئة ومعروفة.
فعنده ان “الإسلام مسودة نظام إجتماعي”. حيث يؤكد على وجود مجموعة من القواعد، خالدة ومنزلة ومستقلة عن إرادة البشر، وهي التي تعرف النظام المناسب”الصحيح” للمجتمع (..) و اليهودية و المسيحية أيضاً مسودات أنظمة اجتماعية، لكنها مع ذلك تظل أقل مما هو عليه الحال في الإسلام. فالمسيحية منذ نشأتها، جاهرت بترك ما لقيصر لقيصر. ودين يبدأ، بل ويبقى لبعض الوقت دونما قوة سياسية، لا يمكنه إلا أن يؤقلم نفسه مع النظام السياسي الذي ليس تحت سيطرته (…) فالمسيحية التي انتعشت في البداية بين المسحوقين سياسياً، لم تفترض بعد ذلك دور قيصر. وهذا نوع من القدرة الكامنة للتواضع السياسي الذي بقي معها منذ تلك البدايات المتواضعة (…) لكن كان النجاح المبدئي للإسلام سريعاً بحيث انه لم يكن بحاجة لأن يعطي شيئاً لقيصر (ص6 من كتاب جيلنر).
و إذا قرأنا بدقة الفقرة السابقة هذه فإننا سنقع في دائرة العديد من الشكوك، دعونا مثلاً ننظر إلى التأريخ الطويل منذ عهد قسطنطين، حيث حاول الاباطرة و الملوك المسيحيون و الامراء ورجال الدين الاداريون و المصلحون الكنسيون و المبشرون الاستعماريون جميعاً استخدام القوة بصور مختلفة لخلق أو للمحافظة على الظروف الاجتماعية التي يمكن في ظلها ان يعيش الرجال و النساء حياة مسيحية – فهل كان هذا التأريخ تأريخاً ليس له صلة بالمسيحية ؟ وكشخص غير مسيحي، فانني لا استطيع ان اؤكد هل تنتمي حركة اللاهوت التحريري Liberation Theology) (أو الغالبية الاخلاقية (Moral Majority) إلى جوهر المسيحية ام لا. لكن مع ذلك، كعالم انتربولوجي فانني اجد انه من المستحيل ان أقبل أن الممارسة و الخطاب المسيحي عبر التاريخ كانا أقل اهتماماً باستخدام القوة السياسية لأهداف دينية بنفس الدرجة التي أنظر فيها للممارسة و الخطاب عند المسلمين.
و أود أن أكون واضحاً هنا بأنني لست، من ناحية المبدأ، ضد مقارنة التأريخ: المسيحي بالاسلامي. ان هذه المقارنة كانت في الواقع واحدة من اكثر الجوانب فائدة في كتاب فيشر عن إيران (9) ذلك لانه أتاح لنا فيما قدمه من مادة وصفية مقارنة عن تواريخ اليهود و المسيحيين إيضاح أساسيات هذه النظم المختلفة بالنسبة لنظام المدارس. وهذا مثال فريد من الدراسات الانتربولوجية القليلة جداً عن الإسلام المعاصر التي استخدمت مقارنات ضمنية بالتاريخ الأوروبي وهي بذلك أغنت معرفتنا.
لكنني، مع ذلك، أرغب في أن أذهب إلى ما هو أبعد من رسم التشابهات، كما فعل فيشر، و أحاول أن أقوم باستكشاف منتظم للفروقات. لهذا السبب كانت أبحاث في السنوات الثلاث الماضية ذات اهتمام خاص بالتحليلات الانتربولوجية التفصيلية لطقوس الرهبنة وقدسية الاعتراف ومحاكم التفتيش القروسوطية (10)، في أوروبا القرن الثاني عشر التي أود أن أقارنها (أقابلها) بالارتباطات المختلفة كلياً بين القوة و الدين في الشرق الأوسط القروسطوي ذلك لأنه واحد من الموضوعات المثيرة للاهتمام في مطل هذه المقارنة حقيقة، و أن المسيحيين و اليهود في معظم فترات تأريخهم قد شكلوا جزءاً لا يمكن فصله عن المجتمع الشرق اوسطي بصورة لا تصدق على السكان غير المسيحيين في أوروبا. وما أود ان اؤكد عليه هنا ليس ترديد الفكرة المعروفة بأن الحكام المسلمين كانوا اكثر تسامحاً مع رعاياهم من غير المسلمين اكثر مما كان عليه وضع الحكام المسيحيين ورعاياهم غير المسيحيين – ذلك أن فكرة “منطقة واحدة بدين واحد” (cuius regio etus relogis) هي صياغة مسيحية وليست صياغة مسلمة. فعلى الرغم من مصداقية هذا الرأي، لكنه ليس ما أريد الاشارة إليه. فرأيي ببساطة هو أن السلطات المسيحية و المسلمة القروسوطية (”الدينية ” و السياسية “) كان يجب عليها ان توجد استراتيجيات مختلفة لتطوير قواعد اخلاقية لتنظيم رعاياها. وهذا موضع أوسع من ان افصله هنا، حتى في خطوطه العامة لذا فانني اكتفي بالاشارة إليه إشارات توضيحية عابرة لتبيين ما قصدت إليه.
لقد لاحظ المؤرخون المحدثون في معظمهم، ان العلماء المسلمين في الفترة الكلاسيكية وما بعدها يظهروا أي حب استطلاع حول المسيحية و انه بالنسبة لهذا الموضوع كان موقفهم مختلفاً جداً عن الاهتمام النشط الذي أبداه معاصروهم من المسيحيين، ليس فقط فيما يتعلق بالمعتقدات و الممارسات الاسلامية ولكن أيضاً بالثقافات الأخرى (11). فما هو السبب وراء هذا التجاهل الفكري للآخرين ؟.. أن التفسير الذي قدمه المستشرقون من أمثال برنارد لويس لهذا الموقف الاسلامي هو ان الانتصارات العسكرية المبكرة للإسلام أوجدت موقفاً يتميز بالرضا عن الذات وفي الوقت نفسه بعدم الاكتراث نحو أوروبا المسيحية: “واستمرت الشعوب الاسلامية متمتعة بالقوة العسكرية الضارية للامبراطورية العثمانية، حتى فجر العصر الحديث في المحافظة على الاعتقاد بعظمة ثقافتهم اللامحدودة – وما زالت مجموعات منهم في الشرق و الغرب تعتقد ذلك. فبالنسبة للمسلم القروسطي من الاندلس إلى فارس، كانت أوروبا المسيحية مكان جهل بربري وكفر، ليس على عالم النهوض و الهوى الاسلامي الخوف منها أو التعلم منها”(12). وربما كان الأمر كذلك حقيقة، غير انني ارى ان نعالج هذا السؤال بأن نقربه إلى الذهن وذلك إذا ما قلبناه رأساً على عقب، فلا نقول لماذا كان الإسلام غير مكترث بأوروبا ؟ و إنما نتساءل لماذا كان مسيحيو روما مهتمين بمعتقدات وممارسات الآخرين ؟ و الاجابة في رأيي ليس لها كبير علاقة بالدوافع الثقافية التي تفترض ان تكون قد انتجتها خصائص مميزة في رؤية العالم أو كنتاج للتجربة الجماعية للمواجهات العسكرية، و اكثر من ذلك ربما لكونها نتاج لبنية الممارسات الانتظامية التي اقتضت الالمام بأنواع منتظمة من المعرفة، فكما يعلم الجميع لم يكن مما يلاحظ على الجاليات المسيحية التي كانت تعيش بين المسلمين في الشرق الأوسط اهتمامها العلمي بأوروبا هي الأخرى. بل غالباً ما زار الرحالة المسلمون المجتمعات الأفريقية و الآسيوية وكتبوا عنها، وما أود أن أسجله هنا هو أنه من غير المعقول ان نفكر على أساس مقابلة مواقف الإسلام بمواقف للمسيحية حيث تقابل “فروقات” ضمنية رغبة ضمنية في تعلم شيء عن الآخرين. بل يحب علينا في المقابل ان نبحث عن الظروف المؤسسية التي ادت إلى ابداع معارف اجتماعية مختلفة. اذن فالسؤال هو: ما هي حالات ومعتقدات الآخرين التي تستحق التدوين ؟ ومن قام بتدوينها ؟ وفي سياق أي برنامج اجتماعي جرى هذا التدوين ؟ ولعله لم تكن مجرد مصادفة أن يكون تدوين اكبر عدد من الكشافات التفصيلية عن معتقدات وممارسات الوثنيين في أوائل العهد المسيحي القروسطي هو المشمول في الـ Pemttentals (أي الكتب المرجعية في إدارة الشؤون الدينية المقدسة لمعتنقي الدين المسيحي الجديد) ولعل الكشافات المتتالية في محاكم التفتيش وفي أواخر القرون الوسطى الأوروبية هى التي يحب أن تصف بدقة وشمولية اكبر عدد كم معتقدات طقوس الهراطقة (الزنادقة). لكنه لا يوجد في المجتمعات المسلمة ما يوازي هذا التجمع المنظم للمعرفة عن «المنافق» الداخلي. ويعود ذلك ببساطة إلى ان الحاجة لمثل هذا العمل و المحافظة عليه لا مكان لها في الإسلام. بعبارة أخرى، نجد ان صيغ الاهتمام في انتاج المعرفة تعتبر وجوداً ضمناً للبنيات المختلفة للقوة – لذلك فإنه حتى فيما يتعلق بتحفظاتي حول المقابلات (الاختلافات) التاريخية على ضوء الدوافع الثقافية مثل «كمون التواضع السياسي» من ناحية و «الكمون التيولوجي» من الناحية الأخرى، فإنه يمكن اهتمام آخر ذو دلالة، إذا يحتمل ان يكون هنالك وجود لفوارق مهمة على الانتربولوجي الذي يدرس المجتمعات الأخرى أن يستكشفها ويحتمل أن يحجبها ببساطة البحث عن فروق سطحية وثانوية.
اعتراضي حول مقابلة الإسلام بالمسيحية، كتلك التي يرسمها جيلنر «هو ليس في ان العلاقات بين الدين و القوة السياسية في الدينين شيئاً واحداً. إنما اعتراضي هو أن المفاهيم المستخدمة ذاتها مضللة، ونحن بحاجة إلى إيجاد مفاهيم اكثر ملاءمة لوصف الفروق.
3. لقد نظرنا إلى الآن وباختصار شديد في واحد من جوانب المحاولة لايجاد علم انتربولوجي للإسلام: وهي محاولة ربط الإسلام كلياً بالشرق الأوسط، إضافة إلى تعريف تاريخ المسلمين على أساس أنه”الصورة المعكوسة” لتاريخ المسيحية (كما هو الحال عند جيلنر)، حيث عكست ببساطة عملية الربط بين الدين و القوة. ولقد انتقدت هذا الرأي لسببين، لأنه يتجاهل تفاصيل استخدام القوة عن قصد في التأريخ المسيحي، كذلك نلاحظ ان ثمة تقليل غير دقيق هنا من الناحية النظرية، وعلى ان اؤكد مرة أخرى انني لست ضد محاولة الوصول إلى نتائج عامة عن الإسلام، لكنني ضد الطريقة أو الاسلوب الذي انتجه –جيلنر – للوصول إلى نتائجه. فكل من يعمل في مجال انتربولوجيا الإسلام عليه ان يكون واعياً بأن هنالك تعدد لا بأس به في معتقدات وممارسات المسلمين. وبذلك فأن المشكلة الأولى هي مشكلة تنظيم لهذه التعددية في ضوء مفهوم صحيح. فالتقديم الدارج (الشائع) للإسلام الأصلي على أساس أنه خليط للدين بالقوة ليس واحداً من هذه المفاهيم. لكنه كذلك ليس الرأي الناموسي القائل بأن ما يسمى بالاسلام في فترات مختلفة ليس فريداً وليست كينونة مستقلة.
إن إحدى الطرق التي استخدمها علماء الانتربولوجيا لحل مشكلة التعدد هي تبني تفريق المستشرقين بين الإسلام الارثوذكسي وغير الارثوذكسي وذلك على اعتبارهما التقليد العظيم و التقليد الصغير. وبذلك يؤسسون ما يظهر انه تفريق مقبول بين الايمان السلفي و “البيورتاني”في المدن وبين تقديس الأولياء و التدين الطقوسي في الريف. وبالنسبة لعالم الانتربولوجيا ليس لدي من صيغ الإسلام الحق في الادعاء بانها تمثل “الإسلام” الحقيقي” اكثر من الصيغ الأخرى. ذلك انها تظل على ما هي عليه، مشكلة بطرق مختلفة في ظروف مختلفة. وفي الواقع نجد ان دين الريف قد أخذ على انه شكل واحد فقط على مستوى التجريد بالمعنى التقابلي. وبالتحديد لكونه قد عرف في إطار خاص ومجذر وفي ظروف محلية متغيرة وعلى يد شخصيات ذات شأن ومزودة بسلطة الذكريات الراسخة في الثقافات الشفاهية. فاسلام سكان الارياف الأميين متغير وبدرجة عالية. وعليه فإن”الارثوذكسية ” عند هؤلاء الانتربولوجيين، هي مجرد صيغة (على انها متغيرة) من بين صيغ أخرى عديدة للإسلام تتميز باهتمامها بالتفاصيل الدقيقة في العقيدة و القانون مدعية شرعيتها المستمدة من النصوص المقدسة وليس من الاشخاص المقدسين و الأولياء.
ولقد أشاع هذه الازدواجية اثنان من علماء الانتربولوجية الغربيين ممن درسوا الإسلام في المغرب وهما جبرتس وجيلنر وكذلك الشأن بالنسبة لبعض تلاميذهم ولكن مما جعل هذه الازدواجية محل اهتمام هي الادعاء بوجود ارتباط ظاهري بين هذا الإسلام المزدوج ونوعين متميزين من البناء الاجتماعي كانا أساساً قد وردا في دراسات العلماء الفرنسيين العاملين في الادارة المغربية الاستعمارية في المغرب، فلقد كان هنالك ادعاء بأن المجتمع المغربي الكلاسيكي قد انطوى من ناحية على تنظيم مركزي ترابي في المدن وعلى تنظيم انقسامي يميل إلى المساواة بين افراده فيما بين أبناء القبائل المحيطة بالمدن. وقد حكم المدن حكام حاولوا باستمرار ان يخضعوا القبائل الرافضة لسلطتهم و التي كانت تحكم نفسها بنفسها و بالمقابل كان رجال القبائل يقاومون بدرجة مختلفة من النجاح، واستطاعوا ً احياناً حينما يتحدون تحت إمرة وقيادة رجل دين ممتاز، أن يستبدلوا الحكام. ويتناسب نمط الإسلام وبدقة مع نوعين من البناء الاجتماعي السياسي، الشريعة في المدن و العرف بين القبائل، العلماء في المدن و الأولياء في الريف، ويرى كل من البناءين انهما اجزاء في نظام واحد، و ان كلا من سكان الدن وسكان الريف هم من المسلمين وكلاهما، على الأقل، يعترف ولو اسميا باحترامه للنصوص المقدسة وربما أيضاً كان هنالك احترام ضمني للعلماء أو الفقهاء المختصين في معرفة وتفسير هذه النصوص، ومن هنا يبرز أسلوب خاص في الصراع السياسي ذلك انه يمكن للحكام الحضر ان يتركوا سلطتهم إلى القبائل ويمكن للقبائل كذلك ان تساند قائدا من اصل ريفي لكي يعتلى العرش باسم الإسلام.
هذا التصور العام كانت قد اسسته المدرسة الفرنسية، “لعلم اجتماع الإسلام، واخذ به جيلنر واضاف إليه مجموعة من التفصيل بناء على قراءاته لعلماء اجتماع الدين الكلاسيكيين وقراءاته لمقدمة ابن خلدون ثم كتابات علماء الانتربولوجيا البريطانيين الذين كتبوا حول نظرية النسب الانقسامي. ولقد وسعهما جيلنر لتغطي تقريباً كافة الشمال الافريقي و الشرق الأوسط وتقريباً كل فترات تأريخ المسلمين، وهكذا استخدمت الصور التي قدمها من قبل العلماء الفرنسيين وجيلنر ومن استخدمها بعده لابراز تفاصيل عن مضاهاة قديمة بين الاسلام و المسيحية في سلسلة المقابلات المعاكسة، كما يتضح وبجلاء من الفقرة التالية من كتاب براين تيرنر.
“بمعنى ما يمكننا أن نقول بالنسبة للدين، فإن الشاطيء الجنوبي المسلم للبحر الأبيض ما هو إلا صورة عكسية للشاطيء الشمالي الأوروبي، حيث التقليد المركزي هو تقليد تراتبي وطقسي ذو ميل ريفي قوي وحيث أن احد الركائز الأساسية للدين الرسمي هي القدسية. و التقليد الإصلاحي المنحرف (غير السوي) وهو تقليد إلى المساواة وبيوريتاني وحضري ويمنع التوسط الابريشي. أما في الشاطيء الجنوبي فان الإسلام هو بعكس هذا النموذج، لذلك أن التقليد القبلي الريفي غير السوي هو تقليد تراتبي وطقسي (الولي) أو الشيخ هما صورة معكوسة في أدوارها. فبينما نجد القديسين المسيحية يعتبرون أورثوذكوكس، ومحددين شخصياً ومن الأموات المكرسين على يد السلطات المركزية فان الولي (الشيخ) في الإسلام غير ارثوذكسي أوله صلة بالقبائل ومن الأحياء وتعترف به الجماعة المحلية وهذا ما يوصله للولاية (13).
لكن هذه الصورة حتى بعد ان استخدمت في المغرب نجدها قد خضعت لنقد قوي على يد علماء يعرفون المصادر التاريخية العربية الأصيلة (من أمثال حمودي وكويتل) (14)، هذا النوع من النقد مهم ولكنه ليس الذي أود ان أسلك سبيله هنا فأنا لست مهملاً بطبيعة الحال إذا كان هذا الوصف الانتربولوجي للإسلام صادقاً أو صحيح للعالم الاسلامي بأجمعه – بل وحتى بالنسبة للمغرب – مع وجود المعلومات التاريخية، لكنني أحاول إثارة قضية مختلفة. فأقول ما هي الأساليب السردية الاستطرادية المستخدمة هنا لتقديم: (أ) الاختلاف التاريخي في البناء السياسي الإسلامي. (ب) الصيغ المختلفة للدين الاسلامي المرتبطة بأطر البناء السياسي؟ وما هي أنواع الأسئلة التي تحول هذه الأساليب في اهتمامنا بها أو اعتبارها ؟ وما هي المفاهيم التي تحتاج أن نطورها كعلماء انتربولوجيا حتى نستطيع أن نتتبع تلك الأنواع المخلفة من الأسئلة.
أنني في معرض المحاولة لمصالحة هذه القضية سأقوم برصد العديد من النقاط المتصلة بعضها بالبعض الآخر، أولاً : ان الحديث عن ممثلين متميزين يجب ان يترجم الخطابات ذات المضمون التاريخي لمثل هؤلاء الممثلين، وليس له ان يرسم الخطوط الأولية فقط و إلا الغي الجانب التاريخي لأفعالهم. ثانياً: يجب أن تركز التحليلات الانتربولوجية على البناء الاجتماعي وعلى فاعلين محدودين وعلى أنماط متغيرة من العلاقات و الظروف المؤسسية (على وجه الخصوص تلك التي نسميها بالسياسة – الاقتصادية) ثالثاً: أن التحليل السياسي – الاقتصادي للشرق الأوسط وتمثل «الدراما» الإسلامية إنما هو أساساً تمثل لأنواع مختلفة من التمرين السردي الذي لا يمكن استبدالها خلاله ببعضها البعض، على الرغم من انها من الممكن ان تدرج في السرد ذاته، وسبب ذلك أنها – وبالتحديد «خطابات» رابعاً: انه من الخطأ تقديم نماذج من الإسلام على إنها مرتبطة بنماذج من البناء الاجتماعي على ضوء تشبيه ضمني له فوقية «إيديولوجية» وقاعدة «مادية». وأخيراً فان الإسلام كموضوع لفهم انتربولوجي يجب ان يدرس كتقليد سردي يربط بصورة مختلفة مع تكوين الذوات الأخلاقية و استغلال الجماهير (أو المقاومة) و إنتاج المعرفة المناسبة.
4. و إذا ما قرأنا بدقة نصا انتربولوجيا مثل نص جيلنر، فقد نلاحظ ان البناءات الاجتماعية و السياسية للمجتمع المسلم الكلاسيكي قد صورت بصورة متميزة جداً وما نجده في الواقع هو مجموعة متصارعة منخرطة في صراع درامي. فالقبائل الانقسامية تواجه الدول المركزية، و البدو المسلمون ينهبون المدينة و التجار المحرومون من السلاح يخافون البدو ويتوسط الأولياء بين المجموعات المتنازعة من القبائل. وكذلك يتوسطون أيضاً بين البدو الأميين وبين اله بعيد منزوي. ويخدم العلماء الفقهاء الحكام الأقوياء مع محاولتهم الحفاظ على الشريعة. ويستخدم البرجوازي البيوريتاني (التطهري) الدين لإصباغ الشرعية على مكانته الاجتماعية الامتيازية ويبحث الفقير الحضري عن دين أثاره. ويوحد الإصلاح الديني المجاهدين الرعويين ضد الإمبراطوريات المتدهورة. ويهزم الحكام الاخلاقيون بسبب عدم رضى رعاياهم الحضر الذين يقفون في صف القوة الدينية و العسكرية لأعدائهم من أبناء القبائل.
إن التأكيد على البناء الاجتماعي في ضوء مفاهيم و ادوار دراماتيكية يؤدي إلى إلغاء مفاهيم أخرى، سأعود إليها بعد قليل، لكن حتى الحديث عن الممثلين الاعتياديين يحتاج إلى تعدد الخطابات التي توجه سلوكهم و التي يمكن ان يقدم فيها ذلك السلوك أو يساء تقديمه على يد الممثلين بعضهم لبعض. ففي تمثيلية درامية بالمعنى الضيق، تشمل هذه الخطابات في النص الذي يردده الممثلون. لكن ما تذكره المصادر الأصلية (التي للأهالي) مفقودة كلياً في سرد جيلنر. فقد مثل جيلنر المسلمين (الإسلاميين) على إنهم لا يتكلمون ولا يفكرون لكنهم يتصرفون فقط، ولكن مع ذلك وبدون دليل كاف. يعزي جيلنر السلوك ” الأخلاقي ” و الثوري لأفعال الدعاة الرئيسية في المجتمع المسلم. بكل تأكيد هنالك إشارات في النص إلى ” شركاء ” يتكلمون نفس اللغة الاخلاقية لكن من الواضح ان مثل هذه التعابير مجرد تشبيهات ميتة. ذلك لأن مفهوم جيلنر للغة هنا يقوم على إنها تجسيد يمكن ان يعزل عن عملية القوة. فمثلاً في سياق وصفه لعملية تدوير النخبة يقول ” ضمن بناء غير متحرك ” ان الإسلام قدم لغة مشتركة عامة وبذلك نوعاً معيناً من الانسيابية لعملية، قد وجدت على أية حال في صيغة صماء وبيروقراطية “(ص32من كتاب جيلنر) بمعنى آخر إذا ما أبعدنا اللغة المشتركة للإسلام فإنه على أية حال لن يتغير شيء ذو بال. فاللغة ما هي سوى وسيلة سهلة لسيطرة قائمة فعلاً.
هذا الرأي الغائي بصورة كاملة أتمنى أن توافقوني انه غير مناسب على الإطلاق – وهو غير مناسب بالتحديد لذلك النوع من السرد الذي يحاول ان يتكلم عن المجتمع المسلم في ضوء الدوافع الثقافية للفاعلين المعترف بهم. وفقط حينما يأخذ الانتربولوجيون الخطابات المعرفة تاريخياً بصورة جادة، وعلى وجه الخصوص الطريقة التي يشكلون بها الأحداث، ويمكن حينئذ ان نسأل أسئلة حول الظروف التي يمكن ان يكون الحكام و الرعايا المسلمون قد استجابوا بصورة مختلفة لمسألة السلطة وللقوة المادية (القسرية) و للشورى أو ببساطة للعادة. وسأعود لهذه المسألة الهامة في نهاية بحثي هذا.
ومن الأمور الجديرة بالاهتمام ان نتأمل كيف ان جيرتس، الذي عادة ما يصور باعتبار ان اهتمامه الأساسي هو المعاني الثقافية في مقابل اهتمام جيلنر بالسببية الاجتماعية. يقدم أيضاَ سرداً للإسلام في كتابة ” تتبع الإسلام ” ولا يختلف هذا الكتاب في هذه الصدد كثيراً عما قدمه جيلنر. فبالنسبة لجيرتس نجد ان الإسلام أيضاً سرد درامي. وفي الواقع فان إدراك جيرتس لأسلوبه الأدبي المتميز، جعله يستخدم التشبيه الصريح للمسرح السياسي. ولقد صورت السياسة في المغرب الكلاسيكي و اندونيسيا الكلاسيكية بصور مختلفة، لكن أيضاً جرى تصوير كل منهما على أساس انه مسرحي. ومع ذلك فانه بالنسبة لجيرتس كما هو الحال لجيلنر قد أمكن العثور على تصوير للإسلام كدراما للقوة معبراً عنها دينياً بحذف كافة المصادر الأصلية وبقلب كل السلوك الاسلامي إلى إشارة يمكن قراءتها.
5. ليس تصميم السرد حول التعابير و المقاصد المعبرة للمثلين الدراميين هو بطبيعة الحال الخيار الوحيد المتاح لعلماء الانتربولوجيا حيث يمكن ان تكتب الحياة الاجتماعية أو يتم الحديث عنها باستخدام مفاهيم تحليلية. ويقيني ببساطة ان عدم استخدام مثل هذه المفاهيم هو الذي أدى… إلى إثارة أسئلة معينة و إساءة تشكيل بناءات تاريخية ما. ودعوني أوضح ما أرمي إليه بصورة أكثر وضوحاً.
إن فكرة القبيلة هي فكرة محورية في انتربولوجيا الإسلام التي يعتبر نص جيلنر مثلاً من أهم أمثلتها وكثيراً ما استخدمت هذه الفكرة من قبل العديد من الكتاب عن الشرق الأوسط حيث تشير إلى وحدات اجتماعية ذات بناءات و أساليب حياة مختلفة جداً. إن ما يهم في الوقت الحاضر بالإضافة إلى المشكلات ذات الصلة بالمفاهيم أن نأخذ في الاعتبار تلك التبعات لمترتبة على التخليل من جراء الاستخدام غير الممحص لمفهوم قبيلة.
و الحالة ليست فقط هي ان ما يسمى ” قبائل ” تختلف بصورة كبيرة في دستورها الصوري لكنه أيضاً وعلى وجه الخصوص لا يوجد عند البدو الرعاة الرحل نوع اقتصادي مثالي. ولترتيباتهم الاجتماعية الاقتصادية المتغيرة تبعات مختلفة نتيجة انخراطهم المحتمل في السياسة و التجارة و الحرب. ولقد قدم العديد من الماركسيين من أمثال بيري اندرسون مفهوم نمط الإنتاج الرعوي –ولقد أقترح براين تيرتر على غرار أندرسون أن يشكل هذا المفهوم جزءاً من وصف نظري عميق للبناءات الاجتماعية عند المسلمين وذلك لأن بلدان الشرق الأوسط يقطن بها رعاة رحل (15).
و أنا أرى ان أي تقديم للبدو الرحل الرعاة في المشرق الأوسط على أساس أن لهم بناء اقتصادياً محدثاً هو تقديم خاطيء. و أسبابي في القول بهذا الرأي مرتبط بموضوعي الرئيسي فيما اعرضه عليكم في بحثي هذا – فإلى جانب انني كتبت وبتفصيل في مجال آخر عن هذا الموضوع (16)، لكنني بحاجة إلى أن أقول شيئاً عنه باختصار، كي اذكر بمفاهيم مختلفة للبناء الاجتماعي عن تلك التي ما تزال مستخدمة لدى العديد من الأنتربولوجيين و المؤرخين الدارسين للإسلام.
فأي دراسة للقدرات العسكرية لدى البدو الرحل في علاقاتهم بالحضر يحب ألا تبدأ من حقيقة إنهم بدو رحل رعاة، ولكن من ظروف سياسية – اقتصادية مختلفة، بعضها منتظمة وبعضها جانبية. أن الحيوانات التي يتم رعيها و أنماط الهجرة الموسمية و أشكال الرعي وحقوق الرعي في المراعي و استخدام نقاط الماء وتوزيع الثروة الحيوانية ودرجة الاعتماد على عوائد المبيعات و الاعتماد على الزراعة الكفافية إضافة إلى العطايا و الأتاوات المدفوعة من / أو/ إلى الزعماء السياسيين الكبار أو الصغار – كل هذه و اعتبارات أخرى ذات صلة مهمة في فهم الأمر الأساسي في إعداد الناس الذين يمكن ان يستغنى عنهم استعداداً للحرب، وكم منهم من هو جاهز ولأي فترة؟ لذا فإنه بين البدو الرحل الذين درستهم في صحارى شمال السودان منذ سنوات فإن إمكانيات تجنيد أعداد كبيرة من المقاتلين تبدلت بصورة دراماتيكية منذ منتصف القرن التاسع عشر إلى منتصف القرن العشرين و السبب الرئيسي وراء ذلك هو الزيادة الضخمة في اقتناء الحيوانات الصغيرة و التحول إلى ترتيبات رعوية اكثر كثافة وتعقيداً، و الانخراط بصورة اكبر في مبيعات الحيوانات إضافة إلى أنماط مختلفة من حقوق الملكية. و أود ان أوضح هنا أن جوهر مثالي هذا ليس ان هذا التجمع القبلي كثير الشيوع في الشرق الأوسط. وفي الواقع فإن موقفي النظري هو عدم وجود قبائل ممثلة لذلك النمط الذي يجري الحديث عنه. إن رأيي هو ان ما يمكن للبدو ان يفعلوه أو ما يميلون إلى فعله إزاء السكان المستقرين إنما هو نتاج ظروف تاريخية مختلفة لها مدة باقتصادهم السياسي، وليس بالتعبير عن بعض الدوافع الأساسية لدى بعض الدعاة القبليين في الدراما الاسلامية الكلاسيكية. بمعنى آخر فإنه لا يمكن اعتبار القبائل مجرد وكلاء مثلما لا يمكن اعتبارهم “بناءات سردية” أو “مجتمعات” فهم بناءات تاريخية في ضوء حدود و إمكانيات تحقيق حياة الناس ولا اقصد ان أقول من وراء هذا انني أرى ان ” القبائل ” أقل حقيقة من الأفراد المشكلين لها. أقول به هو ان مفردات الدوافع و السلوك و الكلام لا تنتمي بصورة دقيقة إلى الوصف التحليلي الذي يهدف بشكل رئيسي إلى إبراز ” القبيلة ” على الرغم من ان مثل هذا الوصف يمكن ان يدمج فيما نسرده عن الوكالة، لذلك لأنه إذا شئنا الدقة قلنا بان السبب وراء هذا هو ان ” القبائل مبنية بصورة مختلفة زمنا ومكاناً وستختلف أيضاً الدوافع وتأثير صيغ السلوك و التلفظات.
إن تمثلات المجتمع المسلم القائمة على أساس فعل تمثيلي ليس بها موضع للفلاحين بصورة غريبة فالفلاحون كالنساء لا يفعلون شيئاً البتة. وفي وصف كالذي يقدمه جيلنر ليس لهم دور دراماتيكي أو تعبير ديني متميز وذلك في مقابل القبائل البدوية من الرحل وسكان الحواضر. لكننا بطبيعة الحال نقود لمفاهيم الإنتاج و التبادل. يمكننا أن نقدم وصفاً مختلفاً كلياً، فالزراع سواء أكانوا ذكوراً أو إناثاً ينتجون محاصيل (كما يرعى الرعاة سواء كانوا ذكورا أو إناثاً مواش) يبيعونها أو يقدمونها ريعاً في الإيجار أو الضرائب. ويقوم الفلاحون فعلاً في تاريخ الشرق الأوسط بأداء نشاط هام فيما يتعلق بالتكوينات الاجتماعية لتلك المنطقة لكن ذلك النشاط يحب أن يتم التفكير حياله على ضوء اقتصادية وسياسية وليست دراماتيكية، فكما يذكرنا يحث اندروواطسون (17) عن التاريخ الجديد للزراعة في الشرق الأوسط بأن القطاع الزراعي قد مر بتغيرات هامة كان لها نتائج بعيدة في تطور السكان الحضر و الاقتصاد النقدي وفي التجارة الإقليمية و المقايضة. فان هذا يصدق أيضاً على المرحلة فيما قبل الفترة الأخيرة. هذا على الرغم من ان الدراسات التاريخية الاقتصادية تتحدث عن تلك التغيرات في ضوء الانحدار بدلاً من النمو وعلى هذا فليس من الضروري ان تكون من دعاة الحتمية الاقتصادية لتعرف بان مثل هذه التغيرات كان لها نتائج عميقة بالنسبة لمسائل السيطرة و الاستقلال.
إن مثل هذه الطريقة في الكتابة عن مجتمع الشرق الأوسط تعطى اهتماماً خاصاً للعوائق غير الشخصية على المدى البعيد ومن ثم فهي اكثر حساسية للارتباطات التي لا يمكن فهمها و ان كانت متغيرة بين الاقتصاد الاجتماعي و القوة الاجتماعية وستذكرنا هذه الطريق أيضاً بصورة مستمرة بان المجتمعات التاريخية الشرق أوسطية لم تكن قط منكفئة على ذاتها أو حتى معزولة عن العلاقات الخارجية ومن ثم فإنها لم تكن قط بعيدة عن عمليات التغير، حتى قبل ان يحل بها العالم الحديث وعلى هذا يمكننا على عكس أولئك الساردين الذين يقدمون لنا لائحة ثابتة بالشخصيات الدرامية الإسلامية، كما لو كانت قضية معروفة سلفاً – ان نبحث عن الارتباطات و التغيرات الفروق فيما هو ابعد من مرحلة حتمية للمسرح الإسلامي، لذا فإننا سوف لن نكتب عندئذ عن بناء اجتماعي إسلامي أساساً، و إنما عن تكوينات تاريخية في الشرق الأوسط عناصرها لم تبرمج قط، ولم تكن قط محدودة بنهايات الشرق الأوسط الجغرافية (1 وغالباً ما ننسى ان ” عالم الإسلام ” هو مجرد مصطلح لتنظيم السرد التاريخي وليس اسم وحدة جماعية منكفئة على ذاتها. وهذا لا يعنى بطبيعة الحال، إن السرود التاريخية ليس لها تأثير اجتماعي – بل على العكس من ذلك لكن وحدة العالم الاسلامي هي وحدة ايديولوجية أساساً أي أنها تمثل سردي – لذلك كتب جيرتس انه ” ربما كان صحيحاً بالنسبة للحضارات كما هو صحيح بالنسبة للإفراد – تغض النظر عن مقدار تغيرهم بعد ذلك – ان الأبعاد الأساسية لشخصياتهم هي بناء الاحتمالات التي ضمها بمعنى ما سيحركهم دائماً، شرعت في الفترة البلاستيكية حينما كانوا في مرحلة التكوين ” (19). لكن الجبرية التي يشير إليها الانثربولوجيون من أمثال جيرتس كموضوع للكتابة العلمية، وليس الموضوع اللاواعي الذي يكتب (يقدم) نفسه على اعتباره الإسلام ليقرأه الباحثون الغربيون.
6. لقد هاجمت نوعاً من انثربولوجيا إسلام يقدم بناء اجتماعياً كلاسيكياً يدرس أساساً أبناء قبائل وحضر وكلاً منهما حاصل طبيعي لصنفين من الدين – الدين القبلي المعياري الذي يرتكز على الأولياء و الأضرحة، و الدين الحضري المسيطر الذي يقوم على القرآن. ورأيي هو انه إذا ما حاول الانثربولوجيون ان يفهموا الدين بوصفه مفهوماً فكرياً في سياقه الاجتماعي فان الطريق التي يكتب بها عن ذلك السياط الاجتماعي يحب ان تؤثر في فهم الدين. و إذا ما رفضنا الإطار العام لبناء ذي طبيعة ازدواجية لا تتغير للإسلام فرضة علينا علماء الانثربولوجيا و إذا ما قررنا الكتابة عن البناء الاجتماعي للمجتمعات المسلمة في ضوء تدخلات الأمكنة و الأزمنة، بحيث يصبح الشرق الأوسط بؤرة الالتقاءات (ومن ثم مركز العديد من التواريخ الممكنة)، عندئذ سيصبح النموذج المزدوج للإسلام أقل مكانية للقبول.
صحيح انه بالإضافة للنوعين الرئيسيين للدين من الوجهة الانثربولوجية للإسلام وعلى الوجه الذي تحدثنا عنه، فإننا أحيانا نحدد صيغاً أدنى وهذا ما نلقاه في سرد جيلنر وكما هو الحال في كتابات العديد من الكتاب أيضا، لذلك نجد هناك الإسلام ” الثوري ” في مقابل الإسلام ” المعياري ” للقبائل و الذي يبرز لنا بصورة متكررة الايديولوجية البيورتانية الحضرية، وهنالك الدين الحضري الصوفي للفقراء الحضر وهو ” كأفيون الشعوب ” يعزلهم عن المشاركة الفعالة في النشاط السياسي – حتى إذا ما تم تأثير الحداثة يصبح دين الجماهير الحضرية التي تصبح ثورية. وبطريقة عجيبة تخدم هاتان الصيغتان الأدنيان للإسلام في نص جيلنر، على أن أحداهما موجبة و الأخرى سلبية، لفترة الإسلام العظمى – وذلك أثناء الدوران الكلاسيكي – وضمن سياق بناء ثابت لا يتحرك وتطورات عنيفة وحركات شعبية في العالم المعاصر. أن هذا التراجع الظاهري للفكرة القائلة بأنه يحتمل وجود اكثر من نوعين للإسلام هو في نفس الوقت أداة أو بنية للتعريف بفكرة المجتمعات الاسلامية التقليدية و الحديثة و الآن لن يعتمد تقديم الانثربولوجي للإسلام على الطريقة التي أقامت عليها البناءات الاجتماعية مفاهيمها ولكن على الطريق التي يعرف بها الدين نفسه. وكل ما يعرف بما يسمى بعلم الاجتماع الديني سيجد الصعوبات القائمة في صياغة مفهوم صحيح للدين (ومقبول) وذلك من أجل دراسات ثقافية مقارنة، وتلك نقطة هامة لأن مفهومنا عن الدين يحدد لنا أنواع الأسئلة التي نظن إننا سنتوسل بها وتستحق الاجابة عليها. لكن قلة جداً ممن يمكن لنا ان نعدهم من علماء انثربولوجيا الإسلام لا يعطون هذا الموضوع اهتماماً جاداً وبدلاً من ذلك غالباً ما يعتمدون على أفكار من كتابات تعض علماء الاجتماع الكبار من أمثال ماركس وفيبر ودوركايم – ودون تمييز كي يصيغوا لنا صيغاً أو أنواعاً من الإسلام و النتيجة ليست دائماً متجانسة. ودعوني أصرح بما أرمي إلية باستخدام أمثلة من نص جيلنر.
إن أنواع الإسلام التي عدمت كسمات للمجتمع المسلم التقليدي فيما صورة جيلنر مبنية على أساس ثلاثة مفاهيم مختلفة جداً للدين. فدين القبيلة المعياري هو ” دين الدراويش و المرابطين ” وفي كلمات جيلنر يتجسد لنا مفهوما ً دوركايمياً جلياً. أنه دين يهتم بالتوقيت الاجتماعي للزمان و المكان، بالفصول وتحديد مواعيد الأعياد. ويجعلها مبهجة كشيء مقدس ومرئية رائعة وأصيلة لذا فان مفهوم الدين هنا يشمل الاشارة إلى قراءة الطقوس الجماعية على اعتبار انها عمل مقدس – و الأمر نجده كذلك عند دوركايم باعتبار الدين تمثيلاً رمزياً للبنيات الاجتماعية و الكونية (20).
أما عند المفهوم المستخدم لوصف دين فقراء الحضر فهو مختلف كلياً وهو مشتق بوضوح من الكتابات المبكرة لماركس عن الدين وذلك على أساس ان الدين ” وعي زائف ” فيكتب جيلنر: ” للمدينة فقراؤها وهم بدون جذور وغير مستقرين ومغتربين وما يحتاجونه من الدين هو الاندماج. و التماسك أو الهروب وذوقهم يميل إلى القسوة مع انخراط في الطرف الديني و الذي هو أيضاً نسيان (21).
و إذا ما نظرنا إلى هذا النوع من البناء بدقة سنجد أن ما يسمى بالدين هنا إنما هو الاجابة النفسية لتجربة عاطفية وحينما نذكر الإسلام القبلي فإن ما نشير إليه هو التأثير العاطفي، وهو هنا سبب عاطفي حينما نكون بإزاء مفهوم الطقوسية الجماعية و استشفاف معناها مما يعول عليه المختصون في وصفهم للطقوس و أدوارها. وقد وجه اهتمامنا، بدلاً من ذلك إلى الكرب و العوز و ألاماني غير المحققة.
أما حينما نلتفت إلى دين البرجوازية فإننا نواجه أفكاراً تنظيمية نجدها جديدة أيضاً، حيث يعلق جيلنر فيقول: ” ان البرجوازي الحضري الذي هو أبعد ما يكون عن تذوق الاحتفالات العامة، و يفضل المتعة العالقة في التقوى التي تقوم على العلم، وهو ذوق اكثر تجانساً مع كبريائه ورسالته التجارية “. ويؤكد ذوقه الرفيع موقفه المميز عن البسطاء الريفيين و الدهماء الحضرية. وباختصار فان الحياة الحضرية تقدم قاعدة (أرضية) صلبة للبيوريتانية النفسية النفعية.
وربما يعبر الإسلام عن مثل هذه الوضعية بصورة أفضل من الأديان الأخرى (22)، و أصداء كتابات فيبر في مؤلفه ” الأخلاق البروتستانتية ” في هذه الفقرة ليست مصادفة، ذلك لأن سطوتها قد تبدت أكثر من مرة. ففي سردها أعطى ” البرجوازي المسلم ” أسلوباً أخلاقياً بل ربما أفضل أسلوب جمالي.. فسمة البرجوازي المميزة هي قدرته على القراءة و التي تكسبه فرص الاتصال المباشر بالقرآن و الشريعة. وفيما يتعلق بالمسألة الأخيرة فإننا مدفوعون لأن نراه منغمساً في إطار أخلاقي وعلمي، وليست الطقوس الجماعية و الرغبات الجامحة، كذلك ليست العصبية الاجتماعية أو الاغتراب، فالدين هنا هو فقط لصيانة السلطة العامة و المحافظة عليها، والتي هي جزء عقلاني لأنها مكتوبة، وكذلك لأنها مرتبطة بنشاطات اجتماعية مفيدة تخدم الدولة وملتزمة بالتجارة.
هذه الطرق المختلفة في الحديث عن الدين – القبلي و الحضري – هي ليست مجرد جوانب مختلفة للشيء نفسه. أنها بناءات وصيغ مختلفة تحاول ان تقدم أشياء مختلفة، وتفرض افتراضات مختلفة حول طبيعة الحقيقة الاجتماعية وحول أصول الاحتياجات وحول مبرر المعاني الثقافية، ولهذا السبب، فإنها ليست مجرد تقديمات مختلفة، بل إنها بناءات متباينة، وعند الإشارة إليها فإننا لا نقارن بين متشابهات.
لكن اهتمامي بمثل هذه البناءات ليس على أساس إنها غير متجانسة، و إنما لأنها تمثل نوعاً من انثربولوجيا الإسلام (وأود أن أؤكد هنا ان انتقائية أو (ترقيعية) جيلنر متشابهة (أو صورة مألوفة) في العديد من كتابات علماء اجتماع الإسلام وتقوم على تعارضات وموافقات(equivalence) خاطئة نظرياً، وهي غالباً ما تقوم الكتاب إلى الإتيان بتأكيدات خاطئة حول الدوافع، و المعاني و التأثيرات ” المرتبطة بالدين ” لا تقوم على أساس. و الأهم من كل ذلك تجعل من الصعب تشكيل الأسئلة الأقل تعقيداً tedelitions وفي رأيي فان هناك ما هو أكثر أهمية من تلك التي يحاول العديد من مراقبي الإسلام المعاصرين – سواء أكانوا من المحافظين أو كانوا من الراديكاليين – الاجابة عليها.
وكمثال توضيحي للرأي القديم hoary حول الطبيعة التوتاليتارية للإسلام الأرثوذكسي، فان جيلنر يفترض، على نحو ما فعل برنارد لويس ومن على شاكلتهم، أن للإسلام (السلفي) انجذاباً نحو الماركسية (23)، ويعود ذلك جزئياً إلى التوجه القائم في إطار الدين حول تطبيق أمر الهي محدد على الأرض وجزئياً ناحية أخرى إلى (محلية الإيديولوجيتين). ” الإسلام و الماركسية ” التي تستثنى مسبقاً السياسة التي تنطوي عليها مؤسسات. وبعيداً عن السؤال الامبريقي حول مدى انتشار الحركات الماركسية بين مسلمي القرن العشرين (24) يجب ان يقال بأن فكرة توتاليتارية الإسلام تقوم على وجهة نظر خاطئة حول مدى الفعالية الاجتماعية للإيديولوجيات ذلك إن التفكير للحظة واحدة سيكشف لنا أنه ليس المدى الحرفي للشريعة كنص هو ما يهم هنا و إنما الدرجة التي تشكل وتنظم بها الممارسات الاجتماعية.
ومن الواضح انه لم يكن هناك قط أي مجتمع مسلم حكمت فيه الشريعة أكثر من جزء من الحياة الاجتماعية. و إذا م
09-21-2007, 05:02 AM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الردود في هذا الموضوع
«فكرة» انثروبولوجيا الإسلام - بواسطة سيناتور - 09-21-2007, 05:02 AM

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS