Array
رغم أن من الممكن تعريف "ما يسمى بالإرهاب" تحت اسم "الجريمة" ومعالجته بطرق مكافحة الجريمة - إلا أن الهوجة الإعلامية فضلت استخدام مصطلح "الإرهاب" لترهيب مجتمعاتها وتخويفها
[/quote]


عزيزي الارهاب هو وسيلة هجوم يستخدمها البعض ضد المدنيين لاجبار الدولة التي يقطنونها على اتبـّاع سياسة معينة. هناك من يقول، "أليس ما تفعله اميركا في العراق هو ارهاب؟ أليس ما تفعله اسرائيل بالفلسطينيين هو ارهاب؟" في الحقيقة، الجواب هو لا في الحالتين. يمكن للمرء أن يقول ان ما يحدث في العراق و فلسطين هو جريمة حرب، ظلم كبير، قهر و احتلال، الخ. لكنه ليس ارهابا بالمعنى الصحيح.

الكثيرون يستاؤون من تسمية العمليات التفجيرية في اوروبا مثلا "ارهاب" بينما لا يسمي أحد ما تفعله اسرائيل مثلا ارهابا. المشكلة هنا أن هؤلاء المستائين يظنون ان عدم تسمية أمر ما "ارهابا" يُعد تبريرا له، و الامر ليس كذلك بالمرة. المسألة مسألة دقة في التعابير. هناك فرق بين أعمال عنف تهدف الى هزيمة طرف ما، و أعمال عنف تهدف الى اجبار طرف ما على تغيير سياسته عن طريق ضرب أهداف مدنية للتأثير العاطفي. مثلا، حين تضرب اسرائيل مواقع لحماس، فهي من ذلك تهدف الى هزيمة حماس و تدميرها. بينما حين تقوم القاعدة مثلا بتفجير محطة قطار في اسبانيا، فهي لا تهدف هنا الى هزيمة اسبانيا، و انما تهدف الى التأثير العاطفي على اسبانيا من خلال المدنيين فيها و اجبارها على تغيير سياستها. لا يعني هذا بالضرورة ان ما فعلته القاعدة سيء و ما فعلته اسرائيل جيد، و لكن المسألة هي مسألة التسمية الصحيحة للأساليب.

الان نأتي لمسألة معالجة الارهاب تحت بند "الجريمة". هذا طرح واقعي و له مؤيدوه في اوروبا و اميركا، و لكن لا يبدو أنه صحيح في مسألة ارهاب الاسلاميين المتطرفين. لو كان الموضوع موضوع ثلة من البشر اتفقوا على ارتكاب هذه العمليات، فيمكن معالجتها على أنها جرائم فحسب، و لكن المسألة وصلت الى حد الأدلجة العالمية و لها ما يدعمها من كبار رجال الدين و ساسة بعض الدول، مما يجعلها مسألة سياسية و ليس مجرد جرائم محلية هنا و هناك.