طبعاً أنا أفرض جدلاً أن ذلك الاعتداء سيحصل، وإن كانت المؤشرات من حملة إعلامية حول نشاطات نووية، وحالات تأهب مصطنعة للسلاح الجوي الإسرائيلي لجس النبض السوري تدل على أن شيئاً ما سيحصل قريباً.

التساؤل حول رد الفعل هو تساؤل عام (رداً على نسمة)، رد فعل الحكومات، ورد فعل الأفراد. وأفترض أن المواقف ستتغير عن مواقف حرب العراق، بعدما رأى العرب ما رأوا من "محاسن" الغزو الأمريكي. وأشك مجدداً في بعض المواقف الرسمية التي أعتقد أنها ستبقى على ما كانت عليه، وخصوصاً المتعلقة بحرب لبنان العام الفائت.

هل سيكون من يسيمهم فلسطيني كنعاني "الليبراليين" مع هذا العدوان المفترض ؟ تساؤل قد يجيب عليه موقف البعض هنا، ولكن قد يحتاج أيضاً إلى تحديد أي فئة من الليبراليين؟؟ خصوصاً أن الليبراليين العرب لم يصبحوا بعد قوة مؤثرة، وليس لهم صوت واحد.

هل صحيح أن مصر ستمنع حصول عدوان كهذا كما يقول وضاح ؟ ولكن ماذا استطاعت مصر أن تفعل في حربي 1967 و 1973 من أجل سوريا ؟
وماذا فعلت مصر أيضاً في حرب لبنان الأخيرة إلا سكب الزيت على النار ؟
أما التوتر السوري التركي عام 1999 انتهى بإزالة سوريا لواء إسكندرون المتنازع عليه من خارطتها الجغرافية، وتلسيمها بطريقة غير مباشرة لعبد الله أوجلان ليحاكم في تركيا، ولا أعتقد أن الدور المصري كان في غير الوساطة...

الملفت للنظر أن الكثيرين ما زالوا يرمون اتهام العمالة لهذا، ليرد البعض الآخر باتهام تأييد الدكتاتورية والقمع والاغتيال. ولكن ألا يوجد حل وسط بين الاثنين ؟ لماذا من غير الممكن أن نجلس يوماً لنتحادث بعيداً عن الخلافات والاتهامات ؟
من قد يؤيد عدواناً على سوريا، ينظر إلى غريمه الحكومة السورية مغمضاً عينيه عن الشعب السوري ومأساته وما سيصيبه من عدوان كهذا.
ومن يلقي اتهام العمالة لا يرى ما عاناه الكثيرون من حكومات أوطانهم مما دفعهم لتمني زوالها حتى ولو كان الثمن حرباً أو عودة إلى استعمار شبيه بما كان بداية القرن الماضي.

ولكن السؤال الذي قد يخطر على البال، إلى أين سيذهب ملايين اللاجئين المتواجدين في سوريا من عراقيين وفلسطينيين في حال لحاق الحرب بهم هناك ؟

في النهاية، على ما يبدو، يبقى الحل في يد الحكومات العربية التي تتشبث بالسلطة بأي ثمن، وتسعى لمصلحتها لا لمصالح شعوبها، حتى لو كلف ذلك بلداً عربياً آخر، أو بالأحرى شعباً عربياً بأكمله.