{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
حول المسالة اليهودية
حسام يوسف غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 809
الانضمام: Mar 2007
مشاركة: #5
حول المسالة اليهودية
لكن الأمر ليس بهذه السهولة. فبم تطالب تلك الأقوال الإنجيلية؟ إنكار الذات فوق الطبيعي، خضوع لسلطة الوحي، العزوف عن الدولة، إلغاء العلاقات الدنيوية. إلا أن هذا كله هو ما تطالب به و تحققه الدولة المسيحية. لقد تمثلت روح الإنجيل، و إذا كانت لا تعكسها بنفس الحروف التي يعبر بها الإنجيل عنها فإِن ذلك ناتج عن أن الدولة تعبر عن هذه الروح بأشكال سياسية، هذا يعني بأشكال مستمدة من كيان الدولة في هذا العالم حقا، و لكنها في انبعاثها الديني الذي كان عليها أن تمر به اختصرت إلى مظهر و حسب. إنه العزوف عن الدولة مستخدما من أجل تحققه أشكال الدولة. (ص55)

يتابع باور شرح كيف أن شعب الدولة المسيحية ليس شعبا، فهو لم يعد يملك إرادة خاصة به و يكمن وجود الحقيقي في الرئيس الذي يخضع له، و الذي هو في الأصل و بناء على طبيعته غريب عنه، هذا يعني أنه معطى من الله، و قد جاء إليه دون تدخل منه، كيف أن قوانين هذا الشعب ليست من عمله الخاص و إنما هي وحي ايجابي، و كيف يحتاج الرئيس إلى وسطاء متميزين بينه و بين الشعب الفعلي، الجماهير، و كيف تتفتت هذه الجماهير نفسها إلى دوائر خاصة تشكلها و تتحكم فيها الصدفة، و هي تختلف في مصالحها و أهوائها الخاصة و أحكامها المسبقة و تحصل على جواز الانفصال عن بعضها كامتياز،الخ. (ص 56)

وحده باور يقول بنفسه:

«لا يجوز للسياسة أن تكون سياسة إذا توجب عليها ألا تكون سوى دين، كما لا يجوز أن يكون غسل قدور الطبخ مسألة اقتصادية، إذا ما تعين اعتبارها شأنا دينيا.» (ص 108)

لكن الدين في الدولة الجرمانية المسيحية هو "مسألة اقتصادية"، كما أن "المسألة الاقتصادية" دين. فسلطة الدين في الدولة المسيحية الجرمانية هي دين السلطة.

فصل "روح الإنجيل" عن "حروف الإنجيل" هو عمل مناف للدين. و الدولة التي تدع الإنجيل يتحدث بحروف السياسة، بحروف أخرى غير حروف الروح القدس، ترتكب خرقا للدين إن لم يكن في نظر الناس فمن وجهة نظرتها الدينية الخاصة. يجب مواجهة الدولة التي تعتبر المسيحية قانونها الأعلى و الكتاب المقدس ميثاقها بكلمات الكتاب المقدس، فالكتاب مقدس حتى الكلمة. تقع هذه الدولة كما هو الحال بالنسبة للنفايات البشرية التي تشكل قاعدتها في تناقض مؤلم لا يمكن حله من منظور الوعي الديني حين يِحيلها المرء إلى أقوال الإنجيل التي « لا تهمل اتباعها فقط و إنما لا تستطيع حتى اتباعها إذا لم تشأ أن تحل نفسها كدولة كليا. » و لم لا تريد أن تحل نفسها كليا؟ لا هي نفسها و لا أحد آخر يستطيع الإجابة عن هذا لسؤال. الدولة المسيحية الرسمية أمام وعيها الخاص واجب لا يمكن حقيقه و هي تثبت حقيقة وجودها بالكذب على نفسها و من هنا تبقى دائما موضوعا مشكوكا فيه، غير موثوق به و معضلا. و هكذا فإن النقد على حق تماما حين يرغم الدولة التي تستند إلى الكتاب المقدس على زحزحة وعيها، حيث لا تعرف هي نفسها ما إذا كانت وهما أم واقعا، و حيث تقع دناءة أغراضها الدنيوية التي تتخذ من الدين ستارا لها في تناقض لا حل له مع نزاهة وعيها الديني الذي يبدو له الدين غاية العالم. لا تستطيع هذه الدولة أن تخلص نفسها من عذابها الداخلي إلا حين تصبح خادما طاغيا للكنيسة الكاثوليكية، و إزاء هذه الكنيسة التي تعلن أن السلطة الدنيوية هي الجسد الذي يخدمها، فإن الدولة لا حول لها، لا حول للسلطة الدنيوية التي تدعي سيادة الروح الديني.

ليس الإنسان هو المهم في ما يسمى بالدولة المسيحية و إنما الاغتراب. والإنسان الوحيد المهم و هو الملك، يختلف عن الناس الآخرين، و هو في ذلك كائن متدين يرتبط بالسماء و بالله مباشرة. إن العلاقات التي تسود هنا لا تزال علاقات قائمة على الإيمان، فالروح الديني لم يصبح بعد دنيويا حقا.

و لكن الروح الديني لا يمكن أن يصبح دنيويا حقا، فأي شيء يكون هو نفسه إن لم يكن الشكل غير الدنيوي لمرحلة تطور العقل البشري؟ يمكن للروح الديني أن يتحقق بقدر ما تبرز درجة تطور العقل البشري، و الذي هو تعبير عنها، و تنشأ في شكلها الدنيوي. و هذا يحدث في الدولة الديمقراطية. ليست المسيحية و إنما الأساس الإنساني للمسيحية هو أساس هذه الدولة. يبقى الدين هو الوعي المثالي غير الدنيوي لأعضائها، لأنه الشكل الأمثل لدرجة التطور البشري التي تتحقق فيه.

إن أعضاء الدولة السياسية متدينون من خلال الثنائية القائمة بين الحياة ْالفردية و حياة النوع، بين حياة المجتمع البورجوازي و الحياة السياسية، متدينون حيث يعتبر الإنسان حياة الدولة في الطرف الآخر من فرديته الحقيقية، حياته الحقيقية، متدين بقدر ما يكوك الدين هنا روح المجتمع البورجوازي و تعبير عن الفصل و ابتعاد الإنسان عن الإنسان. الديمقراطية السياسية مسيحية حيث لا يعتبر الإنسان فيها إنسانا واحدا و حسب و إنما يكون كل إنسان كائنا مستقلا أسمى، لكن الإنسان في مظهره اللامتحضر و اللااجتماعي، في وجوده بالصدفة، الإنسان كما هو، الإنسان كما أفسده كل تنظيم مجتمعنا، أضاع ذاته، بيع، و وضع تحت سيطرته عناصر ظروف غير إنسانية، بكلمة واحدة، الإنسان الذيِ لم يصبح بعد كائنا نوعيا حقا. إن الصورة الخيالية، الحلم، مسلمات المسيحية، استقلال الإنسان، و لكن كغريب، ككائن يختلف عن الإنسان الحقيقي كل ذلك في الديمقراطية حقيقة ملموسة، حاضر و قاعدة دنيوية.

يبدو الوعي الديني و اللاهوتي لنفسه في الديمقراطية الكاملة أكثر تدينا و لاهوتية مما هو كحياة آخرة، حين لا يكون له معنى سياسي و أغراض أرضية و يكون شأنا من شؤون المشاعر المتهيبة أمام ما هو دنيوي، و تعبيرا عن محدودِة الفهم، و نتاج الهوى و الخيال. تبلغ المسيحية هنا التعبير العملي لمعناها الديني الشامل حيث تتجمع مختلف الرؤى الفلسفية إلى جانب بعضها في صيغة المسيحية، و تتعزز أكثر من خلال عدم مطالبتها الآخر أن يكون مسيحيا و إنما أن يعتنق دينا ما فقط (قارن عمل بومون المذكور). إن الوعي الديني ينعم بثراء التناقض الديني و تنوعه.

و هكذا فقد أظهرنا أن التحرر السياسي من الدين يدع الدين قائما و لكن دون امتيازات. إن التناقض الذي يجد تابع دين معين نفسه فيه مع كونه مواطن دولة ما هو إلا جزء فقط من التناقض الدنيوي العام بين الدولة السياسية والمجتمع البورجوازي. و اكتمال الدولة المسيحية هو الدولة التي تقر بكونها دولة و تنفصل عن دين أعضائها. و تحرر الدولة من الدين ليس هو تحرر الإنسان الحقيقي من الدين.
10-20-2007, 08:13 AM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الردود في هذا الموضوع
حول المسالة اليهودية - بواسطة حسام يوسف - 10-20-2007, 08:09 AM,
حول المسالة اليهودية - بواسطة حسام يوسف - 10-20-2007, 08:10 AM,
حول المسالة اليهودية - بواسطة حسام يوسف - 10-20-2007, 08:11 AM,
حول المسالة اليهودية - بواسطة حسام يوسف - 10-20-2007, 08:12 AM,
حول المسالة اليهودية - بواسطة حسام يوسف - 10-20-2007, 08:13 AM
حول المسالة اليهودية - بواسطة حسام يوسف - 10-20-2007, 08:14 AM,
حول المسالة اليهودية - بواسطة حسام يوسف - 10-20-2007, 08:15 AM,
حول المسالة اليهودية - بواسطة حسام يوسف - 10-20-2007, 08:16 AM,
حول المسالة اليهودية - بواسطة حسام يوسف - 10-20-2007, 08:16 AM,

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  العلمانية على محك الأصوليات اليهودية والمسيحية والإسلامية الجواهري 1 1,412 10-10-2011, 08:02 PM
آخر رد: yasser_x
Rainbow ذرية إبراهيم - مقدمة عن اليهودية للمسلمين / روبن فايرستون ( 2MB) الفكر الحر 0 1,540 12-29-2010, 07:43 PM
آخر رد: الفكر الحر
  موسوعة فلاسفة ومتصوفة اليهودية الواد روقه 4 2,167 11-13-2009, 07:36 AM
آخر رد: كوكب الأرض
  موسوعة اليهود و اليهودية والصهيونية -عبدالوهاب المسيري ابن نجد 2 987 10-14-2007, 04:56 PM
آخر رد: سيناتور
  نقد الديانة اليهودية السلام الروحي 4 2,051 03-13-2005, 04:56 AM
آخر رد: إبراهيم

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS