يا ليلين يا صديقي

لا حاجة لي بالعودة إلى ما كتبه نيوترال، فأنت لم تكتب بالهيروغليفية، ومداخلتك الأخيرة لم تزد عن كونها تأكيداً لموقفك المتعالي على الفقراء والضعفاء .. فالنفس البشرية وحرمتها عندك أهون من دولار رفاهية يدخل في حسابك البنكي !

يعني مساء الخير .. لن يكون العالم أفضل إلا إذا أوقفنا المعونات لتلك القطعان البشرية المتخلفة؟ .. وكأن ماينفقه الفرد الغربي على رفاهيته لا يمكنه أن يطعم به مائة جائع في أفريقية !

يا فتى ، ألم يعد عائقاً أمام أبحاث ’البدائل الجديدة لمصادر الطاقة‘ سوى معونات الطحين والدواء وعلاج مرضى الأيدز في أفريقية؟

ولم نختلف حول مسألة التحرّك من الشعوب نفسها ، أو الإنخراط فيما وصفته بـ ’الخريطة الترابطية‘ ولكننا اختلفنا حول موقفك (اللا أخلاقي ؟) من مساعدة هؤلاء الضعفاء ، لأن حضرتك أيقنت أن لا أمل من هؤلاء، ونحمد الطبيعة على أنك لا تدير جمعية خيرية ، أو تعمل طبيباً ، فأنت مكانك في المصارف والبنوك وفي قاعات البورصة العالمية!

أما الخليج، و وطني السعودية ، فالوضع هناك مخيف جداً !
لم تسل شلالات الدم عندنا بعد ولكنها كانت الضريبة الأولى لصنع وطن مشوّه ، وستكون هي لغتنا مستقبلاً في ’سعودستان‘ نخاطب بها بعضنا بعضاً.

الأميركان جاؤوا ليبنوا لنا شركات النفط بعد أن استلموا العربية السعودية على طبق من ذهب من البرايطنيين الذين لهم المنّة على رجل باعهم لصالح الأميركان بعد أن قيّضوا له أن يكون مليكاً على العربية السعودية ، وهم من قلد مبعوثهم السامي يوماً عبدالعزيز بن عبدالرحمان وسام ملك نجد والحجاز!

في العربية السعودية ليس هناك دم ، ولكنه وشيك ، حين ينضب النفط في بلد يعتمد شعبه على العمالة الوافد في المهن الاساسية بنسبة تقترب من الثمانين بالمائة!
دولة فائض ميزانيتها المعلن 66 مليار دولار وفي المقابل تأتي في المرتبة السادسة والسبعين في سلم التنمية البشرية ، بعد دول البحرين والكويت وقطر وكوبا وتشيلي، ودولة أعجز عن تحديد مكانها على خارطة الكوكب الأزرق .. ’لاتفيا‘!

دولة تغيب فيها حرية التعبير ولا تحترم حقوق الإنسان ومع ذلك مازال الغرب المتحضّر متحالفاً مع قادتها ويبيعهم السلاح!

أما بقية دويلات الخليج ، فعدد سكانها مجتمعين يوم أن ترسّمت حدودها كان أقل بكثير من عدد سكان ثلاثة مدن نيجيرية !

وصحيح أنه حدثت في الكونغو صراعات عرقية وحربين سقط فيهما من القتلى والضحايا مالم تشهده أي رقعة أخرى على الارض منذ الحرب العالمية الثانية ، ولكنها صراعات حدثت وتنتهي كما حدث في لبنان من صراع طائفي أو ما قد يحدث قريبا ، وحرب ثومية قبلها في أوربا، ولكن لم يقل أحد .. دعهم للإنقراض! يفني بعضهم بعضاً ! فلا أمل منهم!

هذه ليست مثاليات يا صديقي، بل هي الحقيقة التي يفر منها الغرب ، ويحاول لينين وبقية البراغماتيين أن يبؤوا الغرب منها: الغرب عليه إلتزامات أخلاقية أن يساعد هؤلاء الفقراء بدل أن يبيعهم السلاح ، وبدل أن تتجه أمريكا لنشر الديمثراطية في العراق ، حري بها أن تطعم الجياع في القارة العطشانة!