رسالة الدكتوراه عن كتاب تاريخ القران وما قيل عنها


عنوان الرسالة : شبهات حول العقيدة الإسلامية.. دراسات تحليلية نقدية.. القسم الأول من كتاب تاريخ القرآن لتيودور نولدكه " للباحث المصرى " رضا محمد حسين" المدرس المساعد بكلية أصول الدين بطنطا.

تأتى الرسالة فى وقت يشتد فيه الهجوم على الإسلام والمسلمين بطريقة شرسة حتى أصبح كل من أراد أن يحقق لنفسه شهرة ما يقوم بالهجوم على الإسلام أو رسوله، وبالطبع فإن ما جاء بالرسالة يمثل ردا علميا على بعض ما يقال أو قيل على المستوى الأكاديمي أو المستوى العام خاصة وأن الباحث يجيد اللغة الألمانية وهى اللغة التى كتب بها كتاب " تاريخ القرآن " موضوع الرسالة.
كما تعتبر الرسالة ردا علميا أيضا على من يدعون أن المستشرقين كانوا موضوعيين فى دراساتهم حول العرب والإسلام أو أنهم كانوا يقومون بأبحاثهم بدافع المعرفة وخدمة العلم دون أن تكون لديهم أغراض أخرى .
وتنبه الرسالة من خلال تناول الباحث على خطأ كبير يقع فيه كثيرون من الكتاب والباحثين المشهورين، وهو الكتابة عن أشياء لم يروها أو يتأكدوا من صحتها أو الكتابة عن عمل علمى دون أن يقرأوه لمجرد السماع عنه أو النقل عن الآخرين وكأنهم رأوه وعاينوه وقرأوه، وهو ما وقع فيه الكثيرون من الكتاب العرب والمسلمين، فمن كتبوا عن كتاب تاريخ القرآن خاصة وأن بالكتاب أخطاء كثيرة ولياً لأعناق الحقائق لياً واضحا للوصول إلى نتائج معينة تقدح فى صلب الرسالة الإسلامية .
وقد حرص الدكتور محمود حمدى زقزوق وزير الأوقاف المصرى على أن يتولى الإشراف على الرسالة لخطورة الموضوع حتى تتحقق عملية تصحيح صورة الإسلام والمسلمين فى الفكر الغربي وهو موضوع يعتبر من أهم اهتمامات الدكتور زقزوق نظرا لأنه يدخل فى إطار تخصصه العلمى أولا، واهتمامه الشخصي على مدى سنوات طويلة ،ويتحمل الآن هذه المسئولية باعتبارها من صميم عمله كوزير للأوقاف .
آثار ممتدة
فإذا أضفنا أن الكتابات الاستشراقية لم تكن لها آثارها المعيبة فى الغرب فقط بل نضحت هذه الكتابات على كثير من المفكرين العرب ونحوا نحوها واتخذوا من أخطاء " تيودور نولدكه " منطلقات فكرية كان لها ما لها من زعزعة فى الحركة الثقافية العربية وخلقت ألوانا من الصراعات والتحزبات بشأن كثير من الموضوعات التى تتناولها الدراسة ، فإننا ندرك جانبا آخر من جوانب الأهمية لهذه الدراسة ولاشك أن مشاركة المستشرق الألمانى الدكتور " نليمان ناجل " فى الإشراف على الرسالة ومناقشتها وهو مدير لمعهد الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة يوتنجن الألمانية من الأهمية بمكان سواء على متابعى الرسالة فى الشرق أو الغرب .
ومن أهم ما أجابت عليه الرسالة وأظهرته عقلية " نولدكه " التى تحاول نفى النبوة عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وبالتالي إنكار أن الإسلام هو الدين الخاتم حيث ادعى " نولدكه " أن الوحى الذى كان يتلقاه الرسول ما هو إلا صوت داخلى للنبى نتيجة مرض نفسى أحدثه دخوله فى خلوة طويلة تفاعلت بداخله أثناءها أفكار أهل الكتاب وبالطبع هو أمر لا يثبت أمام أبسط قواعد البحث العلمى لأنه كيف يأتى النبى بقرآن له خصائص معينه لا يستطيع أحد أن يأتى بمثله ..؟ كما ردت الرسالة على مغالطة " نولدكه " بأن غزوات النبى ضد اليهود كانت بسبب أنهم لم يتركوا دينهم ويتبعوه فأثبتت الرسالة أن النبى اعتمد وثيقة لتنظيم العلاقة بينه وبين اليهود فى المدينة وأن كل مواجهه تمت بين الرسول واليهود كانت لها أسبابها الخاصة التى ليس من بينها كونهم يهودا بدليل بقاء قبائل وأفراد يهود فى المدينة حتى بعد تلك المواجهات.
ردود مهمة
كما ردت الرسالة على زعم " نولدكه " بأن النبى لم يبين انحراف اليهود عن الدين إلا بعد أن انهار أمله فيهم مشيرا إلى أن القرآن المكى تناولهم وانتقد كثيرا مما أحدثوه فى ديانتهم اليهودية وليس كما قال " نولدكه " بأن القرآن المكى لم يهاجم اليهود وإنما هاجمهم القرآن المدنى .
وأشارت الرسالة إلى كثير من الأخطاء المنهجية عند " نولدكه " والتي وقع فيها قاصدا ليصل إلى هدف من أهدافه، فاجتزأ من النصوص الإسلامية ووضعها فى غير سياقها وتعامل معها أحيانا بانتقائية، فاختار ما يؤيد ظنه وسكت عما يعارضه.
كما قام " نولدكه " من أجل أن يدعم استدلاله بقصر سور الفترة المكية على أن وحى الله لرسوله ليس سوى نوبات تهييج عصبى حيث إن النوبة الصرعية لا تدوم طويلا فإنه أتى إلى سور من آخر ما نزل بمكة فزعم أنها من أول ما نزل بها، وما ذلك إلا لأنها قصيرة وأتى إلى سور من أوائل ما نزل بمكة فلم يثبت ذلك لها وما ذلك إلا لأنها طويلة .
ولكى يؤكد زعمه بأن النبى كان يتخذ اليهود مرجعية فى بدايات العهد المدنى عمد " نولدكه " إلى آيات تعارض اليهود وتفضح أفعالهم نزلت فى بداية العهد المدنى محدد لها زمن نزول متأخر حتى تكون رد فعل منه على اختلافه معهم بعد أن يكون قد اتخذهم مرجعيه له .
ومن أجل أن يتهرب من وجود قرآن فى أوائل الفترة المدنية يفضح اليهود وأفعالهم وانحرافاتهم فإنه كان يتناول الآيات التى تعارض أفكاره بشكل عابر وبما ينحرف بها عن مضمونها الحقيقى.
أفكار كثيرة
والرسالة تجعلنا نتحسس أفكارا كثيرة ومعلومات يغص بها عالمنا الثقافي العربى عن شخصيات استشراقية يضعها بعض مفكرينا الكبار موضع التقدير والحيادية والإنصاف لمجرد أنهم قرأوا عبارات مدح لها من غربيين على شاكلتهم ولم يقفوا وقوفا جادا على أعمالهم ليتأكدوا من تلك الأفكار والعبارات التى تمارس الآلة الإعلامية جهدها فى انتشارها وتناقلها وكأنها مسلمات .