Array
(f)(f)

ما قصدته في مداخلتي السابقة
قد نطق به الزميل ابن آدم

فالحوار الموضوعي هو ما يدفع للتغيير
لا القوالب الجاهزة والنقل واللصق الذي كان سائداً منذ سنوات خلت

بهجت لا تيأس أبداً
فنحن ما زلنا قلة
والظلاميون بما يملكون من وسائل يفوقون عدداً وقدرة
لكنك تحقق تقدماً
وأنت تصلح لأن تكون أمثولة بثقافتك وروحك الإنسانية الفياضة ةصدقني و قادر لأن تصنع وتضيف على نتلقفه الشيء الكثير
وأذكر هناك أقلام كثيرة عاصرتها وربما ساهمت معها في مرحلة ما في نشر الفكر الإنساني وهم لحسن الحظ كثر وهو لن يغيبوا طويلاً .
وها أنا أعود وأسجل موقفاً
وعودتي مقرونة بما يحرضني على الكتابة
وأنت صديقي بهجت في هذا معلم كبير

أشكرك مرة أخرى
ودمت
(f)(f)
[/quote]
الأخ و الصديق الليبرالي .:97:
يا عزيزي ..
و بلغة الفقهاء .. أرى أن التنوير هو فرض عين واجب على كل مستنير ،و ليس مجرد فرض كفاية يمارسه المفكرون الكبار فقط ، إن المحيط الكبير هو مجموع قطرات الماء ،وهذا ما نحاول عمله ..أن نكون قطرات الماء .
لا أعتقد أن هناك الكثير الذي يمكن لأي فرد منا تحقيقه ،و لكن هناك الكثير الذي يمكن تحقيقه بجهودنا المشتركة ، هذا التداعي للأفكار يقودني لحادث مر بي منذ 3 سنوات في إحدى المكتبات الشاطئية بمدينة الأسكندرية .
المصادفة وحدها جمعتني بمثقف قديم كان زميلا لمحمد عنان و سمير سرحان ، و كعادتنا نحن المصريين راح يتفحص بعينيه عناوين الكتب التي جمعتها ، و حتى أوفر عليه مشقة التلصص و ضعت الكتب بين يديه مبتسما طالبا رأيه فيها ، و هكذا رحنا نتبادل حديثا عابرا بدأ مرحا عاما و انتهى بشيء أقرب للحميمية كأنما كنا أصدقاء منذ زمن بعيد ،وهذا الموقف كثيرا ما يحدث لي مع غرباء ، و لكنه ينتهي بنهاية اللقاء فلا أجد لدي رغبة في البناء على مثل تلك الموقف .
لاحظ الرجل مشفقا جدية الموضوعات التي أقرأها وأنها بعيدة كلية عن تخصصي المهني ، و لكن ما شدني لحديثه بوجه خاص عبارة بدت عابرة و لكني ظللت أتأملها طويلا ، قال لي الرجل أننا كأجيال سابقة قد أنهينا دورنا العام ، و سرعان ما وجدته مصيبا !. نعم .. سواء كنا مصيبين أم مخطئين ، سواء أجدنا القيام بهذا الدور أم قصرت همتنا و ضعفت حيلتنا ، في كل الحالات قد فرغنا من دورنا ، فأي جهد لن يمكننا متابعته ، كل ما علينا الآن أن نتفرغ لحياتنا و نمارس ما بقى من مسؤولياتنا الشخصية ، حتى لو كنا نشاهد الحرائق فلا نملك ما نفعله حيالها ، علينا أن نقبل تولي جيل جديد المسؤولية كلها فلسنا جزءا من المستقبل ، و الغريب أنني لم أبتأس بل شعرت بالراحة و التحرر و كأنما أزحت عن كاهلي ثقلا هائلا ، خلال الأيام التالية فكرت جديا في تغيير كامل لإهتماماتي بل و حتى التوقف عن القراءة الجادة ولو لفترة الصيف كله ، و لكن هذا الشعور لم يستمر سوى لأيام قليلة و عاد كل شيء كما كان ،و ما نسيته حقيقة كان حواري مع هذا الصديق العابر فلم أتذكره سوى الآن !، أعلم تماما أن الهم العام لن يضيف لي شيئا بل يخصم مني أشياء ، أعلم أيضا أن هذا الهم هو خارج مسؤوليتي المباشرة أو الأخلاقية ، أعلم أن الحياة بدأت قبلي و ستسمر بغيري ، رغم هذا أشعر بأنه لا يجب أن أتوقف أو يتوقف غيري ممن يملكون ولو كلمات قليلة في وجه الكابوس القادم ، حتى لو لم يكن هناك أمل يظل الواجب واجبا و علينا أن نمضي به للنهاية ، إننا لا نرى أنفسنا أبطالا ولا نحب البطولات ،و لكننا نحب الحياة الحرة الكريمة ،و من أجل توفير تلك الحياة لأبنائنا ما زلنا نقاتل حتى عندما تثقل السيوف على سواعدنا و تدعونا السنون إلى ظلال الزيزفون و أن نعطي أظهرنا لساحات المعارك كلها .
أشعر أن للحضارة سحرها الخاص و هي كأي فاتنة تسلبنا عقولنا و تدفعنا نحوها دفعا في نشوة لن يمكن أبدا قهرها .
ما أروع أن نكون في هذا الجانب لأنه الذي يصنع الحياة و يصونها .
كل مودة