لو كان المرحوم ماكس فيبر مازال حياً لكان "فطس على روحه من الضحك" أو من الاندهاش حين يسمع خبراً مأسوياً مثل هذا .
ذلك أنه بحسب تفسيرات هذا العبقري الألماني لأطوار التحول في الوعي الإنساني بصفة عامة ، تعتبر السعودية نموذجاً مدرسياً لثقافة واجتماع السحر ولا شيء غير السحر ، بلد يتنفس السحر بأكثر من تنفسه للهواء ولا يعادي شيئاً مثل معاداته للعقل ، بلد مسحور مثل هذا حين يقطع رقبة إنسان لأنه ......مارس السحر نكون بصدد مفارقة لا إجابة عليها في أي حسابات عقلانية : دهاقنة السحر وحراس معبده يقتلون إنساناً غريباً في ديارهم لأنه .....ساحر .
غير أن البربرية السعودية ، مثل أي شيء سعودي ، لا تخلو من مسحة من البراءة المدهشة والمحيرة في آن ، الدهشة لأن هناك بشر وهناك "دولة" يصدر عنهم وعنها مثل هذه التصرفات الوحشية السفيهة دون أن يرمش لهم ولها جفن ، والحيرة نشعر بها حين نواجَه بمنطق ما لا تقوى على إنتاجه سوى عقلية موغلة في البساطة والبدائية ، ذلك أنه بحسب القتلة السعوديين فإن ممارسة السحر هي من أعمال الإفساد في الأرض التي لا عقوبة لها إلا ضرب الرقبة و"هذا حكم الله ويطبق على الجميع" ، أما كيف تكون ممارسة السحر موضوعاً للمحاكمة فيما السحر نفسه ـ وبالمعنى الذي قدم على أساسه للمحاكمة ـ يفتقد لدليل على وجوده فسؤال لا محل له في وعي مثل وعي السعوديين . نحن أمام طفل يقبض بيده على عصفور ويشد في القبض حتى "يفعص" الطائر البريء ، فإذا استفزنا قتل العصفور أخذتنا الحيرة والارتباك أمام قاتل هو في النهاية طفل ، وللأطفال ـ كما هو معروف ـ "منطق" وسوية يصعب بالبداهة إخضاعهما لأحكام العقل ومعاييره .
خليط من البراءة والوحشية راح ضحيتهما هذا المصري المغترب .