هناك عدة افتراضات بني عليها الموضوع و كلها خاطئة :
(1) ابليس لم يكن في الجنة و اخرج منها. ابليس كان في ملا أعلى وسط الملائكة ( و ليس مع الله كما يفهم البعض فان الله تعالى ليس بجسم و منزه عن الوجود المادي) و عندما امرهم الله بالسجود لادم ( ليس سجودا بالمعنى المعروف الان اذ ان ادم لم يكن ابدا في الملا الاعلى و انما هو مخلوق ارضي) امر ايضا ابليس بالسجود و لكنه أبى (قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ) و هو تصريح بان ابليس ايضا قد تلقى امرا بالسجود و الا لاحتج بانه ليس من الملائكة و بالتالي ليس مامور بالسجود.

(2) اخرج ابليس من مكانه في الملا الاعلى و لم يخرج من الجنة لانه لم يكن لا هو و لا الملائكة في الجنة.( قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ {ص/77} ) و لكن ابليس بخروجه من الملا الاعلى ( في السماء) اهبط من درجته التي كان فيها ايضا و لكنه ظل في السماء.

(3) الجنة التي اهبط منها آدم ليست جنة سماوية و انما على الارض و الهبوط هو الانتقال من علو الى هبط و لكنها حركة على نفس المستوى ( من سماء عليا الى سماء ادنى او من ارض مرتفعة الى ارض منخفضة) و ذلك لان الحركة بين السماء و الارض تسمى نزولا و ليس هبوطا مثال :

للهبوط من سماء عليا الى سماء ادنى: قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ

للهبوط من ارض رابية الى ارض هبط: اهْبِطُواْ مِصْراً فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ
و للنزول من السماء للارض:تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا

(4) عليه فان ابليس اهبط من منزلته السماوية و ليس من الجنة الى الارض و لكنه مثله و مثل الملائكة قادر على التحرك بين السماء و الارض حيث ادم و زوجه قد اسكنا: وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ {البقرة/35}

(5) وسوسة ابليس لهما لم تحدث في جنة سماوية بل على الارض عليه فان ابليس لم يتسلل او يتخطى حراس الجنة كما قال البعض. لانه لم يكن ممنوعا من الدخول و الخروج حيث اسكن آدم.

(6) عندما اكل آدم و زوجه من الشجرة ( رمز) باغواء ابليس امروا جميعا بالهبوط من الجنة ( حديقة ارضية) الى ارض هبط .

(7) آدم ليس خليفة في الارض لله و لا للملائكة. فالمقصود بقوله تعالى( وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً ) انه خليفة لمن سبقه ممن سكن الارض قبله فافسد و سفك الدماء , لهذا عرفت الملائكة بان البشر سيفسد و يسفك الدماء قياسا لما راته و ليس لما قيل عن اطلاعهم على اللوح او لانهم يعرفون بطبيعة من هو غير ملاك و ان الملائكة صفته يفعلون ما يؤمرون.

(8) سؤال الملائكة ( اتجعل فيها) ليس استنكاريا و لكنه تعجبا . فهم يعرفون بان من سكن الارض سابقا و من سيسكنها لاحقا سيفسد في الارض فلم يدركوا الحكمة من استخلاف من يفسد.

(9) و لان السؤال كان تعجبا من الحكمة في هذا الاستخلاف كانت الاجابة غير مشتلمة على عناصر الرد على سؤال استنكاري كما تصور البعض و لكن الاجابة كانت ,بيانا عمليا بمقدرات الخليفة الجديد و هو مقدرته على تعلم الاشياء التجريدية بعكس سابقه الذي لم تكن له هذه الملكة( وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ {البقرة/31}) فادم لم يرى الاشياء و لكنه تعلم الاسماء ثم لما عرضت عليه الاشياء عرفها باسمائها , بينما عجزت الملائكة.

و بعكس ما تصور البعض خاطئا بان الله ( تعالى الله علو كبيرا) بصص آدم. فهذا غير انه سوء ادب مع الخالق جلا و علا الا انه ايضا سوء فهم و عدم تفرقة بين ( تعليم الاسماء) ( عرض المسميات).

(10) التصور الخاطئ بان سؤال الملائكة كان استنكارا اوصل لنتيجة خاطئة و هي ان الرد ( اني اعلم ما لاتعلمون) ليس الرد المناسب على الاستنكار.
الرد لم يكن يقصد به الاجابة على استنكار من الملائكة فاجابة الاستنكار لا تكون
هكذا . الاجابة تكون واحدة من اثنتين لا ثالثة لهما : اما بقوله ان هذا الخليفة لن يفسد و يسفك , اما ان تكون : و انتم مالكم انا حر.

و لكن لان الاجابة كانت عملية : عرض مقدرة الخليفة على التفكير التجريدي لهذا قال اني اعلم ما لا تعلمون , فالملائكة لم تكن تعرف ما سيمتكله هذا الخليفة من ملكات و حسبته كسابقه.

شئ اخير هو ان ابليس ليس من الملائكة هذا كلام الكتاب المقدس.