ما أشبهني بفلسطين ــ 2 من 2 ــ

كلما أوشكت تشكي جرحاً ، تفتق جرحاً آخر .. لا يلتئم الأول ، و لا يُنسى الثاني.
أحمل هواجسي وخيبتي والعوز منك لنصرتي .. ومثلها ، أحمل الهموم والغيوم السوداء ، وطعنات في الخاصرة والقلب .. وويح الظهر يحس نصال السكاكين ولايراها.
قصمني مثلها الحبيب والعدو ، الأول بعجز صمته والثاني بوقاحة جرأته ..
يراهنون على اغتصابها وضياعها وسيفاً يشقها .. ولك أن تتم العبارة حين الرهان يتعلق بسيفٍ يشطرني !
كل الشرايين مقطّعة الأوصال إليها و.. إليّ .
أراني فيها : تجلس القرفصاء ، تخفض الرأس ، تهزه ، تبكي ، تئن ، تتوجع من جراح الجراح .. والحبيب منشغل في لعق الدم لا مداواتها !
ملف إثر ملف إثر ملف ، حق ضاع وحق يضيع وآخر - ياحبيبي - سيضيع . وهي لاتريد أكثر من الشكوى ، لا تشكّ بحبٍ يمضي للأعلى .. ولا تُردي الثقة أرضا .
لا تريد أكثر من أن نمدّ البساط ونجلس إليها ، نسمع بوح أنينها تارة وفرح أمانيها تارة .
يا سرها الباتع القاطع ! حين هي سر القوة ، لكن الجميع الجميع أقوى منها : أنت وأنت والظروف المطبقة على عنقها .
مثلها .. أحسني جبل نار ، ألهب وألهب .. أكاد أنفجر ، ثم .. أنطفىء دون ماء‍.‍
.. يسكتها ولا يسكّنها ، أن تطالبها بعد كل حرائقها :
اسكتي ، اصبري ، انتظري ، ثقي ، سنستمر ، سنرجع ، سنلتقي !
ينهشها العذاب و القلق والحيرة معك عليك . ويصافحها وجه ، تـشـي .. ملامحه بسمرة العشق ، أن :
ابتسمي .. اضحكي .. انسي .. هللي .. فأنا يافلسطين متعب موجوع ، واحتاج ابتسامك وفرحك (!)
و .. ها نحن ( فلسطين و أنا ) معاً يئن فينا الإنتصار ، نختنق في يأس الإنتظار ..
وفينا ذات القلب الأحمر النابض ، والفكر الآمل ، و الصبر والثبات .
هي : يفديها شهيد و أسير وجريح ومنكوب وصابر ومهاجر و .. ثائر .
و أنا تفديك كل خلاياي ومساماتي والشرايين المعتقلة منك إليك : شهادة وأسراً و جراحاً.
ما أشبهني بفلسطين .. كلانا تنتظر !

11/12/2002