الـ1559 سيكون مطروحاً على القمة الأميركية – الفرنسية وجزءاً من خطاب رايس في باريس
بوش يطالب مصر والسعودية بسلوك الطريق الديموقراطي:
سوريا تسمح باستخدام اراضيها وأجزاء من لبنان


واشنطن من هشام ملحم:

جدد الرئيس الاميركي جورج بوش في خطابه عن "حال الاتحاد" امام الكونغرس الاربعاء، التزامه نشر الحرية والديموقراطية في الشرق الاوسط، داعيا مصر والمملكة العربية السعودية الى السير في هذا الطريق الديموقراطي، كما جدد التزامه تحقيق سلام نهائي بإقامة دولة فلسطينية ديموقراطية الى جانب دولة اسرائيل. وقال انه سيطلب من الكونغرس تخصيص 350 مليون دولار لمساعدة الفلسطينيين. وتعهد متابعة الحرب على الارهاب، وحذر الدول التي ترعاه وتحديدا سوريا "التي تسمح للارهابيين الذين يسعون الى تدمير كل فرصة للسلام في المنطقة، باستخدام اراضيها واجزاء من لبنان"، وايران التي وصفها بأنها "الراعي الرئيسي الاول للارهاب في العالم". ورفض مطالب بعض قادة الحزب الديموقراطي وغيرهم بتحديد جدول زمني "اصطناعي" لسحب القوات الاميركية من العراق بحجة انه يخدم الارهابيين.

وقالت مصادر اميركية مسؤولة لـ" النهار" ان ذكر سوريا ولبنان في الخطاب عن "حال الاتحاد"، يجب ان يعتبر مؤشرا للاهمية التي يعلقها المسؤولون البارزون في الحكومة على الانسحاب السوري العسكري في لبنان في سياق تطبيق قرار مجلس الامن الرقم 1559. ولم تكتم المصادر خيبتها لأن بوش لم يتحدث من لبنان في سياق الانتخابات النيابية، وان تكن اكدت ان هذه المسألة كانت موضع بحث في الاتصال الذي اجراه بوش بالرئيس الفرنسي جاك شيراك الاثنين. واوضحت ان الرئيسين ناقشا سبل الدفع نحو تطبيق القرار 1559، ونسبت الى شيراك انه بعد الانتخابات الافغانية والفلسطينية والعراقية، ينبغي ان تكون الانتخابات النيابية اللبنانية النقطة المفصلية المقبلة في الطروحات الاميركية والاوروبية للاصلاح والديموقراطية في المنطقة. واضافت ان وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس ستناقش مع شيراك ونظيرها الفرنسي ميشال بارنييه سبل تنفيذ القرار 1559، واشارت الى محاولات لادراج اسم لبنان والقرار 1559 في خطاب رايس الرئيسي الذي ستلقيه في باريس الاسبوع المقبل عن السياسة الخارجية الاميركية. واكدت ان لبنان سيكون مدرجاً على جدول اعمال القمة المقبلة لبوش وشيراك. وافادت ان جولة رايس وزيارة بوش لاوروبا تهدفان الى اصلاح العلاقات الاطلسية التي تصدعت بسبب غزو العراق، وان واشنطن ترى ان لبنان والقرار 1559 والتعاون الاميركي الفرنسي في شأنه هي من عوامل تحسين العلاقات.

وشدد بوش في خطابه على ان القوة الوحيدة القادرة على دحر الطغيان والارهاب في العالم هي قوة الحرية الانسانية. وقال "ان السلام الذي نسعى اليه لن يتحقق الا اذا تخلصنا من الظروف التي تعزز التطرف وايديولوجيات القتل"، وان اميركا "ستقف مع حلفاء الحرية لدعم الحركات الديموقراطية في الشرق الاوسط وما ابعد منه، لتحقيق الهدف البعيد المدى بإنهاء الطغيان في عالمنا".

واعلن ان حكومته، من اجل تحقيق الاستقرار في الشرق الاوسط الموسع "ستعمل مع اصدقائها في المنطقة، لمكافحة خطر الارهاب المشترك" وفي الوقت ذاته تشجيع اعتماد "مقاييس اعلى من اجل الحرية".

وتحدث من عمليات اصلاح تجري في "قوس" جغرافي يمتد من المغرب الى الاردن انتهاءً بالبحرين. وفي هذا السياق وجه كلامه الى السعودية ومصر قائلاً: "يجب على حكومة المملكة العربية السعودية تأكيد دورها القيادي في المنطقة من طريق توسيع دور مواطنيها في تقرير مستقبلهم... والامة المصرية العظيمة والفخورة التي شقّت الطريق في اتجاه السلام، تستطيع الآن ان تتبين الطريق في اتجاه الديموقراطية في الشرق الاوسط".

وبدأ الرئيس الاميركي خطابه بعد دقائق من تقديمه في التاسعة مساء الاربعاء، بالاشارة الى القاسم المشترك الذي يجمع الولايات المتحدة مع دول تستمتع الآن بالانتخابات مثل افغانستان، والاراضي الفلسطينية، واوكرانيا، وعراق حر وذي سيادة. واستمع الى الخطاب كالعادة، جميع اعضاء الحكومة الا واحداً يظل بعيداً عن الكونغرس لضمان استمرارية السلطة في حال حصول حدث كارثي، الى اعضاء مجلسي الكونغرس، وقضاة المحكمة العليا، واعضاء السلك الديبلوماسي. كما دعت قرينة الرئيس لورا بوش سيدة عراقية اسمها صفية طالب السهيل، وسيدة افغانية اسمها حوميرا ناصري للجلوس معها، ونوّه بوش بحضورهما وتحدث عن تضحياتهما ومشاركتهما في الانتخابات، وعن دور النساء عموماً في بناء افغانستان والعراق.

وكرس بوش القسم الاول والاطول من خطابه لبرامجه الداخلية التي يريد تحقيقها في ولايته الثانية، وخصوصا خطته الطموحة والمثيرة للكثير من الجدل لاصلاح نظام الضمان الاجتماعي بطريقة جذرية لم يشهدها هذا النظام منذ انشائه قبل نحو 70 سنة.

ورأى انه "لا تزال هناك دول ترعى المتمردين وتؤوي الارهابيين، لكن عددها تضاءل. ولا تزال هناك انظمة تسعى الى حيازة اسلحة الدمار الشامل، لكنها غير قادرة على تفادي لفت الانتباه اليها او الا تكون هناك عواقب"، لما تفعله.

وأقر بانه "لا يحق للولايات المتحدة، وهي لا ترغب ولا تنوي، فرض نظامنا الحكومي على اي طرف ... هدفنا قيام وصون مجموعة من الدول الحرة والمستقلة، وحكومات يحاسبها مواطنوها وتعكس ثقافتهم". واستشهد في هذا السياق بتقدم الديموقراطية وتحسن وضع المرأة في افغانستان، و"اختيار الفلسطينيين اتجاها جديدا".

الشرق الاوسط

واعتبر ان بدايات الاصلاح والديموقراطية في الاراضي الفلسطينية "اظهرت قوة الحرية في كسر الانماط القديمة والعنف والاخفاق". واشار الى ان رايس التي ستصل الى المنطقة قريبا، ستناقش مع القادة الفلسطينيين والاسرائيليين افضل السبل لمساعدة لفلسطينيين "لانهاء الارهاب وبناء مؤسسات دولة فلسطينية ديموقراطية مستقلة ومسالمة". وكشف انه سيطلب من الكونغرس الموافقة على توفير 350 مليون دولار "لدعم عملية الاصلاح الفلسطيني في المجالات السياسية والاقتصادية والامنية". واكد ان "هدف قيام دولتين ديموقراطيتين، اسرائيل وفلسطين تعيشان جنبا الى جنب في سلام بات في متناول اليد، واميركا ستساعدهم على تحقيق هذا الهدف".

سوريا

وقال بوش، الذي قوبل خطابه بتصفيق حاد من الجمهوريين، وبتصفيق هادىء وخجول من الديموقراطيين، لا بل ان بعضهم اطلق هتافات معادية له، ان تعزيز السلام في الشرق الاوسط الموسع يقتضي مواجهة الانظمة، التي تواصل ايواء الارهابيين وتواصل السعي الى امتلاك اسلحة الدمار الشامل... سوريا التي تسمح للارهابيين، الذين يسعون الى تدمير كل فرصة للسلام في المنطقة، باستخدام اراضيها واجزاء من لبنان.

... لقد اقررتم ونحن نطبق قانون محاسبة سوريا. ونتوقع من الحكومة السورية ان تنهي كل دعمها للارهاب، وان تفتح الباب للحرية".

ايران

وعن ايران التي وصفها بأنها "الراعي الرئيسي الاول للارهاب في العالم"، قال انها تواصل بناء برامجها النووية، وفي الوقت ذاته "تحرم شعبها الحرية التي يسعى اليها ويحتاج اليها". وافاد ان حكومته ستواصل العمل مع الاوروبيين لاقناع طهران "ان عليها التخلي عن برنامجها لتخصيب الاورانيوم، او اي تطوير للبلوتونيوم، وان تنهي دعمها للارهاب". وحض الاصلاحيين الايرانيين على مواصلة ضغوطهم على النظام الاسلامي قائلا: "وللشعب الايراني، اقول هذه الليلة: مع وقوفكم من اجل حريتكم، اميركا تقف معكم".

العراق

وانتقل الى العراق فقال ان الالتزام الاميركي الطويل نشر الحرية وخصوصا في الشرق الاوسط يتعرض الان للامتحان والتكريم في العراق. وان "انتصار الحرية في العراق سيعزز حليفا جديدا في الحرب على الارهاب، وان يصير مصدر وحي للاصلاحيين الديموقراطيين من دمشق الى طهران، وجلب مزيد من الامل والتقدم الى منطقة مضطربة".

وتحدث بثقة أكبر عن العراق، في ضوء الانتخابات التي أجريت الاحد الماضي، وأعرب عن اعجابه بشجاعة ملايين الناخبين العراقيين الذين جازفوا بحياتهم للمشاركة في التصويت. وهنا رحب بالمواطنة العراقية صفية طالب السهيل بالاسم، وقال: "سننجح في العراق، لان العراقيين مصممون على الكفاح من اجل حريتهم وكتابة تاريخهم".

واضاف ان الانتخابات الاخيرة دشنت مرحلة جديدة، ستكثف فيها الولايات المتحدة عمليات تدريب قوى الامن العراقية، وتعزيز هياكلها القيادية وفقا لتوصيات القادة الميدانيين. ومع تحسن قدرات القوى العراقية وتسلمها مسؤوليات أمنية اضافية، سيصير دور أميركا وشركائها في الائتلاف الدولي، دورا مساعدا.

وخلص الى "اننا نقف الى جانب حرية اصدقائنا العراقيين، والحرية في العراق ستجعل اميركا أكثر أمانا في الاجيال المقبلة". ورفض تحديد "جدول زمني اصطناعي" للانسحاب العسكري من العراق "لان ذلك سيشجع الارهابيين، ويجعلهم يعتقدون انهم سينتظرون أكثر منا". وكرر ان اميركا ستبقى في العراق الى حين تحقيق هدفها بقيام دولة ديموقراطية تمثل شعبها كاملا وفي حال سلام مع جيرانها وقادرة على الدفاع عن نفسها".