عوليس، هذا مجرد تعبير، اكسبرشن يعني.. أقصد أن الفتاة صغيرة السن وحديثة التجربة، لنتوقف هنا عند كلمة تجربة، المرأة التي عندها تجربة هي أكثر مسؤولية في الإسلام، حيث أن الثيب لها أن تتزوج بلا ولي، ليست بحاجة أن يسمح أباها بذلك.. لنعد الى فتاتنا، سبق لي أن قلت أن التعزير هو قرار ولي الأمر، وهو العقاب الذي لم ينزل فيه نص، والذي يمكن أن يكون بالتوبيخ بالكلام فقط، هنا على ولي الأمر أن يقيم الموقف، وهذا التقييم يشمل عوامل كثيرة، منها عامل السن، بالتأكيد أن "سفاه الشيخ لا حلم بعده.. ولكن الفتى بعد السفاهة يحلم" ، أي أن صغر سن المتهمة يجب أن يؤخذ في الاعتبار في القانون الإسلامي حتى لو لم يكن يؤخذ في القانون العلماني، لا يوجد انسان تتغير عقليته ونفسيته بين ليلة وضحاها، كي أعتبر شابا في السابعة عشرة مثلا غير مسؤول ثم في الثامنة عشرة يصبح مسؤولا مسؤولية تامة، باختصار.. حين نتكلم عن التعزير فإن حداثة سن المتهمة يجب بكل تأكيد أن تؤخذ بعين الاعتبار..
الأمر الآخر هو أن أغلب مصادر القصة تفيد بأن الفتاة "الآن" هي في التاسعة عشرة، أي لو أن القصة حدثت قبل سنة فإنها كانت في الثامنة عشرة، أي أنك جعلت نفسك تبدو كأنك تدفها دفعا كي تتخطى السن القانوني الذي يعتبر فيه الإنسان راشدا مسؤولا عن أعماله، مسؤولية قانونية، بالعكس .. يرى الناس في العالم الحر أننا نتأخر في النضج، بسبب العزل والقيود التي تفرض علينا وأخطاء التربية ..
هناك أمر آخر أحببت أن أضيفه..
الكورنيش هو مكان عام يمتلئ عادة بالمتنزهين، خاصة في بلد كالسعودية لا يوجد للناس مكان يخرجون إليه سوى الأسواق والبحر، وكان القاضي يستطيع بسهولة أن يعلن للملأ أن من لديه شهادة فليشهد، مهما كان المكان الذي لجأ إليه الشابين منعزلا فمن الأرجح أن يتمكن بعض المارة من مشاهدتها لو أنهما كانا يفعلان ما يخل بالآداب العامة، ويمكن لهؤلاء أن يتجاهلوهما على أساس أن الأمر لا يخصهم، لكن لو طلبت شهادتهم فقد فعلت ما عليك.. ولم تذكر أي رواية حتى الآن أن ذلك القاضي أو تلك المحكمة طلبت شهادة أحد غير المتهمين في قضية الإغتصاب، الذين تقول بعض الروايات أنهم ادعوا أن الفتاة (ما شاء الله) هي التي أغرتهم، لا أساس قانوني أن يكون المتهم شاهدا ولا أساس عقلي ولا شرعي أن يكون الخصم شاهدا، فذلك يعني أن يكون الخصمك هو الحكم! خاصة وأن الحكم كله قائم على هذه الشهادة وحدها، ولم يبلغني حتى الآن أن أحدا أعلن حتى ولو على النت أنه رأى الفتاة تفعل ما يخل بالآداب (مع العلم أن المتهمين أنفسهم أو أقاربهم أو المتعاطفين معهم يمكن أن يزورا شيئا مماثلا، بما أنك لا تحتاج أن تثبت هويتك وأنت تتكلم في المنتديات) لا توجد حتى اشاعات أن اناسا غير المتهمين رأوا السلوك المزعوم المخل بالآداب في كورنيش القطيف.. المكان الذي يذهب إليه الرجال والسيدات لممارسة رياضة المشي في الهواء الطلق ومع نسيم البحر، والذي تريد هذه القصة أن تشوه سمعته، يبدو أنه حتى المشي يريد أن يحرمه البعض على نساء السعودية، ولا يريد للناس أن يتنفسوا هواء نظيفا، لا بالمعنى المجازي ولا الفعلي.
الأمر الآخر شديد الأهمية هو موقف الزوج، موقف الزوج قيم في الإسلام.. حيث أن الرجل إذا رأى زوجته تخونه، فإنه تكفي شهادته وحده كي تثبت عليها التهمة، أن أن شهادته تساوي شهادة أربعة شهود، هذه ضعف نسبة واحد الى اثنين التي تميز شهادة الذكر عن شهادة الأنثى، كل الروايات أجمعت أن الرجل يحاول دفع الأذى عن امرأته، يحاول تبرئتها وايقاف الحكم، هذا الرجل هو أكثر واحد تهمه الحقيقة، فهو ليس مدفوعا بمهاجمة مذهب أو طائفة أخرى، أو علماني يريد مهاجمة الدينيين أو العكس، أو معقد يكره النساء وحقوق المرأة ويريد أن يتنقم من نساء العالم في هذه أو تلك، إنه زوج وزوجته متهمة بخيانته، وأظن أنه حتى في النص أو القانون الاسلامي يمكن أن تجد أصلا يعطيه الحق بإسقاط التهمة عن زوجه بمجرد كلمة منه، خاصة وأن الشبهة ظنية جدا مليئة بالفجوات قانونيا، امرأة يشاع عنها انها تخون زوجها.. إذا قال الزوج أنه لا يظن ذلك فعلي وعليك وعلى الجميع أن نخرس تماما.
هل يوجد شيء في العالم أكثر اثارة للقرف؟ امرأة ورجلا يحبان بعضهما يطلقان رغما عنهما؟ امرأة تتهم بخيانة زوجها ويستميت هو عاجزا لدرء الأذى عنها..!؟