كثر المؤمنون في دنيانا فغرقتُ أيامٍ في أحزاني
وانتابتني كآبةَ عابرة...
فهمست روحي في وجداني، أن

"لاحل مع رؤوس عقولها متحجرة
وأدمغة ماتت منتحرة،
ولايصغر الأمر إلا إذا كبر...
ليس لديك الخيرة،
الموتُ الموتَ،
الموتُ الموتَ،
أو الثورة المدمرة!"

طأطأت رأسي وأغمضت عيناي،
أحاول فهم همسها بنفس ضائعةً حائرة ...

فأنا مسالم في طبعي وأكره القتال والقتل والاقتتال والمسيرة والثورة!

عاد صوتها ينخرعظمي، و كلماتها تدق في أذني:

"سبقك بذلك غاندي فأعملوا في بطنه الخنجر،
قم يامهزوم!
قم يانبي الكفرة!
أشعل النارالمقدسة المظفرة!"

أعرضتُ عنها باحثاً عن إله الملحدين بين العقائد المبعثرة،
علّه يُكلمني،
علّه يضلني،
علّه يهدني ،
علّه يمدني بقوة لأقود فيها ثورة أخرج منها منتصرا ...
ثورة سلمية
لاأُشهر فيها سيفاً، ولا أعمل فيها خنجراً ولا أقود فيها دبابة ولاأسوق فيها عربة مجنزرة...

سمعت "جبريله" يهمس في أذني بكلمات الوحي العطرة ...
............
أن "" اصنع الفلك بأعيننا" لكل الفسقة الفجرة ،
ضع فيها كل زنديق ومارق وملحد وفاسق
وكلّ عاهرة فاجرة ...
فالأرضُ اكتظت بالمؤمنين البررة،
أعلنوا الجهاد ضد كل شيء فحولوها إلى رماد،
جعلوها مقبرة،
وأشعلوا فيها النيران فهوت الحضارة في ألسنة لهيبها المستعرة،
فطارت من جحيمها شررة
سقطت أرضاً فأحرقت النوار وأفنت كل ثمرة ..

ليس لك في هذا العالم لا كلأ ولا ماء ولاحتى ظل شجرة!"

نهضتُ
أحضرتُ قلم الرصاص والممحاة والمسطرة،
واشتريت المساميروالأخشاب والشاكوش والمنشار ودخلت المنشرة،
هويت بمطرقتي على الأخشاب النخرة،
فقرقعت وتفرقعت وتفرقت وسقطت متكسرة،
وطارت في أنحاء المعمورة متناثرة ...

نهضت أجمعها، ففقدت فوق جسدي السيطرة،
سقط رأسي عليها كما لو قُطع بمقصلة ، وتفرقت شظايا جمجمتي المتكسرة ...

أواه ....
أواه ....
.........

لملمت الأخشاب ورأسي وقومت رقبتي....

بنيت قارب النجاة، وناديت أخوتي في الإلحـــــــــــــاد،
حيا على الجهاد،
هيا بنا إلى سفينة طهورمن الايمان طاهرة!

قالوا:
"سفينة عابرة ...
أبحر فيها وحدك،
كل فيها خبزك،
كلم فيها نفسك،
تجارتك ملعونة، تجارتك خاسرة"

أواه....
أواه....
.........

لاحلّ إلاّ بإقالة عقلي واللحاق بالقطعان الداشرة
وسأعيش بوجهين أو بثلاثة أو أربعة أو بوجوه مُتكاثرة...

.........
"قُتل الانسان ماأكفره"
"قُتل الانسان ماأكفره"