الزميل هيثكليف .:97:
بالفعل مصادفة جديرة بالتأمل ، أن تنخرط النساء في الفعل الإنتحاري ، رغم أن المرأة هي التي تهب الحياة و ليس الموت ، و لكن يبدوا أن نسق المعتقد السائد أقوى حتى من غريزة الحياة و إعادة إنتاجها التي تبرع فيها النساء ، ولو مددنا الخط على استقامته ألا ترى معي أن العمليات الإنتحارية نفسها هي الجديرة بالنظر عميقا ووئيدا ، أني لا أفكر في جانب التبرير السياسي أو جانب الإدانة الإخلاقية و لكن كظاهرة إنسانية غافلا الأحكام المبدئية كلها .
عندما يكون هناك ذلك التكثيف المطلق لكل الوظائف من جانب قوة ما بفكرها الواحد و تكنولوجيتها الكاسحة ،فما هو البديل المتاح لمن يقع في الجانب الآخر سوى طريق التحويل الإرهابي للوضع برمته ، فمن يجمع الأوراق كلها في يديه يرغم الآخر على تغيير قواعد اللعبة ، و القواعد الجديدة شرسة لأن الرهان أكثر شراسة ، فعندما تطرح القوة تحديا لا يمكن للخصم مواجهته ، فالخصم اليائس سيجيب بفعل مطلق يستحيل إيقافه ، القوة المطلقة ستخلق الظروف الموضوعية للغضب المطلق ، إن كل الكيانات التي دفعت بفنائها الثمن الباهظ لظهور القوة الواحدة المطلقة ، تتحول لاحقا للإنتقام بتحويل الوضع كله إلى الإرهاب .
القضية تتحول إلى إرهاب ضد إرهاب ، موت مطلق ضد قتل مطلق ، ليس هناك أيديولوجية وراء كل ذلك ، إننا تجاوزنا عالم الأيدولوجية و السياسة وذهبنا إلى حيث العدم بقوانينه الإعتباطية ، فالطاقة التي تغذي الإرهاب لا يمكن لأي قضية تفسيرها حتى قضية الدين و خدمة الإله ، إن الإرهاب لا يستهدف تغيير العالم و لكنه لا يرضى بأقل من قلبه كلية ،و هذا بالضبط ما تفعله القوة المطلقة و ضحاياها على السواء ، قلب العالم و نزع حضارته الرخوة من جذورها .
أما السيدتين فهما مجرد أدوات عارضة ليس لتحقيق إرادات قوى أكبر منهما ،و لكن لتجذير العدم المطلق و تجسيده .
تحياتي .

تسجيل الدخول
اسم المستخدم:
كلمة المرور:	فقدت كلمة المرور؟
	تذكرني