:h:
الرسالة(183):
--------
..( بمناسبة فوز قصتك بالمركز الأول )
أذكّرك اليوم بقراءتي الإنطباعية عن بعض كتاباتك ـ نشرت في هذا النادي يوم 1/6/02تمام الساعة 11:55 PM
استوقفتني في الشهور الماضية جملة مشاركات تشي غيفارا وبخاصة ردوده على زملاء النادي والتي كانت تتسم بسرعة بديهة خالصة الفطنة والفتنة موظفا فبها الحروف والضمائر و الأمثال و الأقوال والأحداث السياسية والمواقف الإنسانية الإجتماعية بشكل خطيرمثير فهي على بساطتها و تلقائيتها البادية إلا انها - الردود - مدججة بالأدلجة تحمل فكرا مفرداته نتاج قراءاته وثقافته الخاصةدون شك بخاصة إذا ما تصفحنا بعض أوراق من تجربته الذاتية على الصعيد السياسي - الإنساني ودورها البارز في صقل إبداعه لا خلقه لأن الإبداع و تشي انبثقا من رحم واحد معا وأنا هناأتحدث عن قدراته الفطريةفي اللون الساخر . والمتلقي عندما لايتفهم منطق وأبعاد ما يكتب من ردود ساخرة قاسية هذا لايعني أن تشي مثلنا يجهل ما عبر عنه بحدسه وتصوره الذهني فهولايلقي العبارات جزافا ليتصيدها بسمة أو ضحكة بل يمتلك آلية الحيوية في الفن الساخر ليصبح تحديا للعدمية واليأس الناجم عن الواقع المعاش تحت ركام الاحداث واليوميات و شؤون الحياة. ويعرفنا على الملامح الفارقة في اسلوبه الساخ وتبيان مدى فعاليته في تحقيق انجازها الجمالي . مع حرصه على تقديمنفسه الساخرة على سجيتها وفطرتها وفق ما تطرح أرضه الصالحة المزروعة نبات الهزل و الضحك قاطفا ثمار المواقف الإنسانية بسخرية لاذعة، ويقدمها لنا هكذا : حبة حبة طازجةفهو لا يرضى أن تكون ثماره معلبة في صفائح كونسروة .
حاولت في الفترة الماضية تقصي عناصر / ردوده / من خلال قراءاته الذكية للمواقف دون أن ينسى المحافظة على ما يسمى الحيوية اللازمة بين الصوت: الروح الذاتية و الصدى:استجابة المتلقي في الزمان و المكان المناسبين فوجدت أن أساليبه الإبداعية تقوم فقط على سرعة بديهة وذكاء انساني كمنتج حقيقي ذاتي ليس ذا قوام مصطنع مفبرك من توليفات عبارات ضاحكة ..مجانية .
المؤسف في الأمر أن كل ما جاء و يجيء في سياق هذه المادة قد لايعيه تشي تماما(!) أو ربما يتجاهله لأنه لايبحث في خارطة الأدب العربي المعاصر عن موقع الكاتب الكوميدي او المسرحي الساخر . بل لعله يستسلم أوعلى الأقل يلقي بالا الى بعض الأصوات التقلييدية المدجنة التي تحيل سخريته الى حيز البذاءة.
أرى أنه على تشي دخول مغامرة الحراث الذي يبتكر للآرض بذورا تنعش عروقها الجافة فهو قادر على انتشالنا بسلاطة لسانه وطهر قلبه ووجدانه من عالم تلوث بالكذب والنفاق . فقد تمكن بجرأة نادرة من إسقاط ورقة التوت لأن العورة في القلب و الضمير لا الأعضاء التناسلية .ولا يجب في رأيه الإكتفاء بتسمية الأشياء بأسمائها بل رد الفصحى إلى عاميتها خاصة إذا ارتبط الأمر بالمؤخرة وأشغال الخلق وإعمال النسل،
إنما... وعلى الرغم من ميل هذا الغيفاري الى الشعر و القصة وتحمسه لهما إلا أنني أجزم بأن رجلا صاخبا ذهب بعيدا في غوايته يسرف في استعداء المألوف طلع من وجع المآسي واكتنز الألم و الأمل وجاءنا بكل طازج هو أنت يا:تشي فكيف تبتدع نسقا ساخرا في نادي أنت نجمه دون أن تكرسه نهجا أكثر تشذيبا ورونقة ؟!بمعنى انه يهيء لي أنك تتعامل مع ردودك الساخرة على أنها لا تصلح منتجا إبداعيا قد يشكل قوام عمل مسرحي أو مادة كتاب نقد اجتماعي- سياسي، بل على أساس أنها ردود غير متشابكة الأيدي ومفرغة الحلقات ، فإذا ما اشتغلت على هذه الردود المكدسة في أرشيفك هنا بشكل متماسك متقن تعيدها الى مساقها الأم أو على الأقل تضمها الى بوتقة و بالتالي تبلورها رأيا و رؤية فأنا واثقة انها ستخرج في اقل تقدير: اسكتش .
تشي ..ثمة موهبة حقيقية لديك فمد يدك الى نفسك لتخرج و تخرجنا من حالة البكائية والعطالة التي يحاول البعض التغطية عليها بالهروب نحو التنظيرات المجردة. فأنت رغم تنصل لسانك منك وبراءتك منه مكلل ببراءة القلب وطهارة الثورة فلملم أشلاء مشاركاتك وردودك الساخرةاستجمعها وضمها تحت إبطك وانصرف عنا باتجاه أول مطبعة يكفي هذه الأمة مابها من مسارح هابطة وما بها من سماسرة الضحك وقوادو التهريج الذين ( يتمن..ون ) علينا ، على حد قولك .
15/12/2002
:h: