عميدنا الجليل؛

لا أعتقد بأن أحداً يمكنه الزعم أنْ ليسَ بالتدخين من متعة، وإلا لكنا معشر المدخنين (وتاركيه حديثاً) مخابيلاً بنا مسٌّ من الجنون، لكي نتعاطى ما يضر، ولا يقدم أمام هذا الضرر أي متعة حسية أو معنوية.
بالطبع هناك متعة بالتدخين، ولكني أزعم أيضاً أن لتركه والإقلاع عنه متعة لا تقل عن متعة التدخين، ألا وهي متعة الحرية، تحرير النفس من إدمان قد يودي بها قليلاً قليلاً، شيئاً فشيئاً إلى موتٍ مرعب بطيء، الحرية من الحرمان، حرمان السيجارة، لا يمكننا أن ننكر أن إدمان التدخين له من المخاطر الجسدية والنفسية على ضوء علوم اليوم ما تشيب له الولدان وتقشعر له الأبدان.
بالطبع في النهاية فإن الإنسان حرٌّ بخياراته (ما دام لا يفرض هذه الخيارات على غيره) وإن اختار التدخين وإضرار النفس فعليه أن يتحمل مسؤولية ذلك، ويقدم متعته الآنية على حريته ومتعته طويلة الأمد. فالتدخين أيضاً وعلى المدى الطويل، قد يضعف الذاكرة، والقدرات الجنسية.
مع كل ذلك فإن العلم والطب يقول لنا بأن المخاطر بحالة التدخين للإصابة بالكثير من الأمراض تصبح مرتفعة، ولكنها ليست علماً بحتاً مطلقاً، ولا يعني ذلك أن كل من يدخن سيموت في سن مبكرة، ذلك لأن طول العمر تتحكم به عوامل كثيرة وليس التدخين وعدمه لوحده.
أخيراً فإن "موليير" وغيره من مشاهير كانوا قد عاشوا في عصورٍ لم يكونوا يعرفون بها شيئاً عن مخاطر التدخين، بل إن "الكليبات" أعلاه تؤكد بأنه حتى النصف الأول من القرن العشرين فإن هذه المخاطر كانت مجهولة تماماً. كذلك فإن رأي مشهور من المشاهير ليس مقدساً، فموليير أيضاً له من العبارات في رواياته مما يتلاءم مع عصره حول اليهود والعرب(البخيل "أي يهودي وأي عربي هذا"). وإن كان شكسبير في عصره يستطيع أن يصور اليهودي الشرير بشخصية شايلوك في تاجر البندقية، أو لـ"تشارلز ديكنز" أن يسخر ويحتقر المسلم الشرقي الذي يصلي للكعبة في رواية "أوليفر تويست"، فإنه يمكننا أن ننظر إلى آرائهم كتعبير وإسقاط عن عصرهم مع رفضها اليوم وإنكار فحاويها.
كذلك اليوم فلا يمكننا إنكار ما للتدخين من مخاطر ومردود آني متواضع، فالشوق لتلك المتعة يخف مع الزمن ويضمحل، ويمكن تعويضه بالكثير من المتع الأُخر، فبنهاية الأمر التدخين يؤدي لضخ مادة الدوبامين، وبجرعات يومية من الجنس الجميل مثلاً يمكن تعويض أضعاف هذه الكميات المرسلة من سيجارات مضرة. :D

مع فائق الصحة
طارق

:redrose: