كان مساء يوم صيفي حار. لا أتذكر كيف ولا من أي محطة صعدت. لم أنتبه لها إلا عندما وقفت بجانبي حذو النافذة في الحافلة تتضرع لبعض النسمات أن يحملن شعرها الحريري بعيدا عن كتفيها، عل ذلك يبعد عنها بعض الانقباض من ذلك الجو الخانق.

من أين أبدأ؟ من خدود التفاح أم من شفتي الفراولة؟ تناسق بين أنف ظريف وبين حاجبين لا علة فيهما ولا خطأ. جسد يحسدنها عليه حور العين في فردوس الشهداء. ولا تسألوني عن العينين أرجوكم... شرف لكل عين أن ترى تلك الجوهرتين الواسعتين المتناسقتين...

كانت محل أنظار كل الشباب الموجود في الحافلة. وربما كان الكثيرون منهم يحسدونني لأنها وقفت بجانبي. لو كانت لي أمنية في ذلك الوقت فلن تكون أهم من أن تبادلني تلك الفاتنة الحديث ولو بسؤال عن الوقت أو الطقس... سرحت بخيالي بعيدا وتذكرت فاوستس عندما باع روحه للشيطان في مقابل 24 سنة من المعرفة والقدرة الشاملة وكنت مستعدا عندها أن أبيع روحي وحياتي من أجل يوم أقضيه مع تلك التي تتجاوز كل وصف.

لكن...

بعد فترة قصيرة صعدت فتاة أخرى ويبدو أنها زميلتها أو صديقتها حيث بدأتا تتحدثان بصوت منخفض... لكن يا للهول!!! ما هذا؟؟؟ بعد أن سخن الحديث انطلقت من فاتـنتي تلك ضحكات شيطانية مرعبة ذكرتني بضحات شرشبيل في مغامرات السنافر. ضحكات بغيضة مدوية رمتني في حالة من الذهول والحيرة. يا إلاهي لماذا أبدعت في هذا الجسد الخلاب وفي تلك العيون وتلك الشفاه والخدود ونسيت ضحكاتها؟ كيف يعقل يا إلاهي أن تحسن وتسيء في نفس الوقت؟ ربما نسي الإله ضحكتها فركبها فيها شيطان بغيض؟

ضغطت على زر "إلغاء" لكل أماني السابقة ورميت بها في الـRecycle Bin ثم أفرغت السلة.

وقسما حتى لو نظرت إليّ وقتها أو حاولت التقرب إليّ لكنت رميت بنفسي من النافذة.

منذ ذلك الوقت أصبحت حذرا مع الجميلات فلا أحكم على إحداهن إلا بعض أن أسمع صوتها وأرى بسمتها وبالخصوص أتأكد من ضحكتها. ما فائدة الطول والجسد المتناسق والوجه الحسن إن كانت صوتها وضحكاتها من عالم الوحوش والأفاعي.