أخي السد العالي:

1. نعم، الدروز مضطهدون وأي إنسان يتعرض للاضطهاد لسبب أو لآخر من الأغلبية، حياتي فداه، روحي فداه. هل تنكر أن الدروز مضطهدون؟ هل تنكر أن الكتب السلفية تكتب كلام وسخ ووقح بحقهم ويقومون بتكفيرهم ويستخدمون الخطاب التحريضي ضدهم؟ أذكر جيدا تلك الكتب التي كانت تصلنا طرود وأنا مقيم بمصر من رابطة العالم الإسلامي وكلها كلام تحريضي. وعليه، ليس كل المراجع توضع في يد "من هب ودب" وخاصة إن كان هذا يتبعه تحريض واضطهاد.

2. ما حدث مع عبد الرحمن بدوي هو بدافع الخوف في مجمتمع تركيبته قبلية tribal وتفكيرهم رعوي pastoral ويفكرون بعقلية جماعية community mindset. ما ذنب شخص درزي، وُلد في أسرة درزية بمحض الصدفة البيولوجية، في وجود نصوص في كتبه المقدسة كتبت من مئات السنين ويتم حسابه عليها اليوم؟ ما ذنب ابن اليوم؟ لماذا يتعرض على الاضطهاد وهو كل ما في الأمر درزي عادي أو درزية عادية ويعيشون كبشر عاديين كأي إنسان آخر في الوجود وهمهم هو تحصيل لقمة العيش والتنعم بالمعيشة كأي واحد فينا. لماذا ينالون الاضطهاد بسبب عبارات هنا وهناك في نصوص قديمة عفا الدهر عليها وشرب؟ كل النصوص المقدسة القديمة، من توراة أو إنجيل أو قرآن أو نصوص حكمة أو أي نص يخطر على بالك، فيها عبارات هي بنت زمانها ولا تصلح للتطبيق اليوم بالمرة. في رسالة يوحنا في الإنجيل مثلا توجد آية أعتبرها من أغرب الغرائب وهي التي تقول إن الهرطوقي لا يسلم أحد عليه ولا يؤاكله إلخ. هذا كلام فارغ ولا ألتزم به. لي عقل حرّ خاص بي وأفعل ما أنا مقتنع به. ولو جائني الشيطان نفسه لحد بيتي لفتحت له بيتي وأكلت وشربت معه. الوازع هنا إنساني أولاً وأخيراً.

3. نعم، هناك نصوص بصراحة تحمل في داخلها "قنبلة موقوتة". لو أنت غير مقتنع فالأمر بسيط؛ قارن بين....... لا أريد أن أنقد القرآن ولكنك تنكشني. وعلى آية حال، قارن بين سورة التوبة وخطابها التحريضي وقارن بين كتب السلفيين وانعكاس هذا على الواقع العربي والواقع العالمي واحكم. القنبلة بصراحة هنا موقوتة وتنفجر مراراً وتكراراً، ولأجل ذلك تراني أدعم إسلام الحلاج لأني أحلم بمجتمع عربي حضاري. مادمت مستريح على الإسلام عظيم، وعليه، كن مسلم معتدل مسالم محب للخير الإنساني وعندها لن أقول قنبلة موقوتة و لا يحزنون. المؤسف هو يا عزيزي "السد العالي" أنني ومن خلال خبرتي في مصر تجد الشاب مريح ومرح وجميل النفس والقلب وفجأة يصبح إنسان انعزالي وينظر للآخرين نظرة فوقية وكأنهم حشرات وتسأل عن السبب فيقولون لك إنه الآن صار "متدين". لذلك، شخصيا، أفرق بين الإنسان المؤمن وبين الإنسان المتدين. لي صديقة وأخت فلسيطينية غالية جداً عندي. سألتها: أنت متدينة؟ قالت: لا أعتبر نفسي متدينة وأفضل أن أقول إني مؤمنة. بصراحة، في نظري هذه "بنت عسل" وأجد نفسي منسجم مع أمثال هؤلاء وأرى هؤلاء من يبنون المجتمع ويدفعونه بإيمانهم نحو الخلق والإبداع والبنيان.

تحياتي لك.(f)