الزميل العزيز طارق القداح ....

رغم خلافنا بالراي ، احييك على اسلوبك الراقي الذي عودتنا عليه دائما ..

Arrayأنا عني أعتقد أن الهوية الحديثة الفلسطينية تأسست من خلال القضية الفلسطينية، والهوية الكنعانية لا بأس بتردادها لتكوين واحدةً من عوامل التأثير العاطفي التاريخي للحمة الشعب.
لكني أعتقد أن الفلسطينيين هم عرب اليوم، التاريخ لا يهمني كثيراً بالنظر لهوية الشعوب في أي مرحلة، هي شيء نستأنس به[/quote]

إذا بدك تبص على الموضوع من هذه الناحية فكلنا بشر أولاد (ادم ) او جد الانسان الحديث الذي ظهر في أفريقيا ( كما يقول علماء الانثروبولوجي ) ، الاصل بونس زي ما بقولوا في بلدنا ...

بالنسبة لفلسطين موضوع الاصل التاريخي و الهوية مهم جدا كما اراه ... فنحن في حالة صراع وجودية مع عدو يدعي ملكية تاريخية لهذه الارض سواء استنادا لوجود يهودي تاريخي قبل 2000 سنة ، او استنادا لخزعبلات التوراة و الوعد الهي المزعوم لذرية يعقوب في أرض فلسطين ...

ربما لا يهمك التاريخ ايها الزميل طارق و لكن في حالة الصراع الوجودي ( الفلسطيني - اليهودي ) الذي نعيشه ، التاريخ مهم جدا ...

إسرائيل دولة علمانية حتى الصميم في إدارتها و لكنها دينية قومية بحتة في توجهها ، مشروع منحط من هذا النوع لا يوجه على المستوى الدولي إلا بتأكيد الحق التاريخي لأبناء الشعب الفلسطيني و ليس بمشاريع قومية عربية أو مشاريع إسلاموية و إلا سننزل لنفس المستوى من العنصرية.

Arrayوأعتقد بالعكس لولا الهوية العربية الطاغية لدى الفلسطييني لاندثرت القضية الفلسطينية بسهولة، فالعمق العربي لفلسطين هو الوحيد الذي حماها من الانقراض كما يحدث مع الكثير مع غيرها من الشعوب، إن الفكر القومي هو الوحيد الذي حمى فلسطين من حلم الصهيونية بأن يتلاشى الوجود العربي في فلسطين.[/quote]

على العكس تماما .... القضية كانت ستنقرض بسبب تدخلات دول الإقليم ( التي تسميها عربية ) في عام 1948 كان هناك قتال من دول الإقليم ليس من اجل الشعب الفلسطيني بل من أجل سرقة فلسطين .... و كان هناك نزاع بين الهاشميين و الملك فاروق للسيطرة على القدس

قبل عام 1967 حينما كانت الضفة الغربية تحت الاحتلال الهاشمي ، كانوا يحاولون إخراس كل من يقول انه فلسطيني .. كان يراد طمس الهوية الفلسطينية في الهوية الشرق أردنية ...

و في فترة القومية الناصرية شهدنا الفشل الذريع الذي قدم الضفة الغربية و غزة لإسرائيل ....

و شهدنا بعد ذلك ذبح الفلسطينيين على كل حدود ما تسميه ( العمق العربي ) ، فمنع النضال من حدود مصر المدعية للقومية ، و سحق الفلسطينيون مباشرة في الاردن و منعت المقاومة من سوريا التي تدعي نفسها قلعة العروبة و في لبنان .. تمت أبشع عمليات الجزر و القتل للفلسطينيين .... شبيهة بالتي حصلت برواندا ....

و من اين اتت النهضة الفلسطينية ........ اتت من الاراضي التي كانت تحت الاحتلال الإسرائيلي من ام الفحم و سخنين ( فلسطين 1948 ) و لاحقا في الثمانينات من الضفة الغربية و قطاع غزة ...
بدات بالحجر .... ثم بالسكين ... ثم بالعمل المسلح ...

أتت المقاومة من الارض التي تحررت مما تسميه العمق العربي ..... مقاومة هي التي دفعت إسرائيل من إنكار وجود شعب اسمه الشعب الفلسطيني إلى الاعتراف به غصبا عنها.

على فكرة ..... نضال الهوية الفلسطينية اقدم بكثير من ذلك ... فقد حصلت ثورات فلسطينية قبل حتى ولادة الصهيونية ، حصلت ثورات ضد محمد علي و حصلت ثورات ضد الاتراك .. و لكنها كلها ابيدت و كانت نتائجها كارثية ... فقد ازالت طبقة من النخب التي كان من الممكن ان تقود المواجهة بشكل افضل ضد البريطانيين و المستوطنيين اليهود لاحقا .

مثال رواند الذي طرحته يختلف و يتشابه مع فلسطين .........

رواندا هي حرب قبلية بين الهوتو و التوتسي ... و ليست بين مستوطن و صاحب أرض ...
في فلسطين تمت عمليات تطهير عرقي قلبت الاغلبية الفلسطينية إلى اقلية عام 1948 ... عدم تكرر المذابح الإسرائيلية بنفس الشاكلة التي حصلت في رواندا او عام 1948 هو أن اليهود لا يريدون خسارة صورتهم كضحايا الهولوكوست ، إبادة الفلسطينيين حاليا تتم بطريقة اكثر ذكاء ... فهي تجرف الزرع و تنشر المرض و تخنق الحياة الاقتصادية تدعميم الفتن الداخلية فالفلسطينييون تعلموا أن التهجير لن ينفع بعد ما رأوا مصير اللاجئين في المخيمات و عجز اللاجئين حتى عن القتال من اجل حقهم المشروع ...

Arrayلذلك عندي له سؤال بسيط، كيف يرى واقعياً مظاهر الهوية الكنعانية، أي أين هي الخصوصية الكنعانية حصراً بأي مكان من أرض فلسطين؟ أين تتمظهر وكيف؟ أي واقعيا ًوعملياً فقط أين يرى خصوصية كنعانية وما هي الكنعانية فيها؟.[/quote]

ماشي يا عزيزي ... ربما تبدو اشياء بسيطة و لكنها ضاربة في التاريخ ...

التطريز الفلسطيني المميز .... مثلا يعود في أصالته إلى الكنعانيين ...
الصناعات الشعبية و الفخارية و الزجاج و الحديد كلها عريقة جدا و تعود في أصلها للكنعانيين ...
القصص الشعبية الفلسطينية .... و التي يرويها الفلاحون لابنائهم لها اصل كنعاني ...
تمسك الفلسطيني بأرضه ليس أمرا حديث العهد بل هو امر ورثه عن أجداده الكنعانيين.

الاثار الكنعانية موجودة في كل مكان و لا ينكر وجودها حتى العميان و أقدم بيت في قريتي اسمه بيت كنعان ... مثلا ..

نعم اللغة اصبحت محصورة عند علماء التاريخ .... نعم لم نعد نعبد بعل و داجون و عنات .... و لكن هل هذا معناه أن ننسى أصلنا و فصلنا ...
إن من يفعل ذلك بالفلسطيني هو كمن يفصل طفلا عن ابيه و امه ... و يربيه في مكان اخر لينشا على أنه شخص اخر بهوية اخرى.

أفهم ان انتماءنا الديني تغير و تغير معه لساننا ... و لكن هل سيغير ذلك تاريخنا و ينفي حقنا في أرضنا و ينفي كل خصوصية نتمتع بها ؟

بالنسبة للتاريخ اليهودي في فلسطين و عن تدميرهم الكنعانيين ... بل على العكس استفادوا كثيرا منهم ...

فأريد ان اقول انه لا يوجد اثر في فلسطين يثبت وجود مملكة إسرائيل الاولى ... على الارجح لم تكن في فلسطين .. و هناك أبحاث ترجح انها كانت في شمال اليمن. نعم حصلت حروب و لكن دولة إسرائيل لم تكن على انقاض كنعان بل في مكان اخر.

أما الوجود الإسرائيلي الثاني فكان عابرا في فلسطين و كان تحت حكم الامبراطورية الرومانية ... و له اثار تدل عليه مثل قلعة الماسادا ... و قد انتهى ...

شعب هذه الارض لم يحكم نفسه منذ زمن الكنعانيين فنحن من احتلال لاخر ... و هذا يؤكد ان افضل اساس تاريخي ينطلق منه الفلسطينيون لتأكيد حقهم على هذه الارض هو أصلهم الكنعاني ..