أباء الكنيسة هم أبناء لزمانهم وأبناء لبيئتهم وكلامهم ليس مُنزل ولا حتى أي كلام في الإنجيل مُنزل بل الإنجيل يؤمن بالإلهام ولا يؤمن بالتنزيل. فإن كان أباء الكنيسة هم بشر عاديون ويخطئون ويشطون ويغالون في تفكيرهم فهنا وجب الغربلة على واحد نصراني مثلي فأقرأ أغسطينوس القديس وأعيش معه خبرته الإيمانية وأتعلم من مناجاته لله ولكن في الوقت نفسه أرفض تخاريفه حول المرأة وأقرأها في ضوء سيكولوجيته الشخصية وبيئته الذكورية والعوامل الاجتماعية في حياته الشخصية إلخ. وعليه، عندما يقول لي القديس أغسطينوس في كتابه الاعترافات هذه المناجاة الجميلة "يا الله خلقتنا لنفسك ولا ترتاح نفوسنا حتى تجد راحتها فيك" فأعلم أن هذا خير ويمكن أن أطبقه وأجعله مصباح ينير قلبي وعقلي وأيضا يضيء قلبي في نظرتي كمسيحي للمرأة.

المسيحية في جوهرها هي الرب يسوع المسيح والذي أتى ليخدم لا ليُخدم بل أن يخدم ويبذل نفسه ويجود بها عن كثيرين. المسيحية الحقيقية ليست عقيدة بل هي خدمة. المسيحي الحقيقي ينظر للمرأة دوماً وكأنه وعلى أنه "خادم" لها وهو بهذا لا يتواضع وإنما يعطي نفسه مجال ليطبق مسيحيته ويعيش سرّ التجسد مع ابن الله في كل مرة يلتقي فيها بالمرأة أو بالآخر بوجه عام.

المسيحية الحقيقية هي حياة جديدة وطبيعة جديدة تماماً وليس فيها ذكر أو أنثى ولا يهودي ولا يوناني كما قال القديس بولس. لا مجال فعلا للجندرة لو عشنا في حيز يسوع المسيح. في حيز يسوع المسيح يسعى الواحد لبذل نفسه وهذا أقل القليل وعندها لا يكون رجل أو إمرأة بل بذل متفانٍ على غرار ما عمله ابن الله على الصليب في حبه الذي لم يقف عند حد أو يشترط على شيء بل كانت محبة غير مشروطة ولا متناهية. المسيحية ليست عقيدة بل هي "الله ليس إلا حب" ولا يمكن أن يصدق هذا إنْ لم ينعكس في سلوكنا مع الآخر على وجه الكرة الأرضية.

أقول لك هذا وأنا إبراهيم عرفات مسلم سابق واعتنق النصرانية منذ 20 عام ولك أن تتبع المسيح الذي أؤمن به فتكون لك الحياة الأبدية أو لك أن تجادل وتحاول إثبات أشياء ولن يكون، في اعتقادي، من طائل وراء هذا.

المسيح يغمرنا بملئه اليوم.

:h: